من يومين كده بصّيت بالصدفة فى جرنال المصرى اليوم، كان عمره يومين تانيين، لقيت خبر ظريف كده عن عيد ميلاد أبو تريكة، قال الخبر فى صَدرُه (وهو ما اعتبره كاتب الخبر، أهم ما فى الموضوع) إن اللاعب القدير أبو تريكة، عيد ميلاده جه وهو فى معسكر فريقه، والعاملين فى المكان اللى الفرقة معسكره فيه، منهم طبعا عشّاق لأبو تريكة فعارفين عيد ميلاده، فجابوله تورتة هدية للإحتفال بمولد نجم الكُرة المّحبوب من 33 سنة. ثم قال الخبر انه قطّع التورتة معاهم، ولكنّه صرّح لزمايله، إنّه مابقاش بيحب موضوع عيد الميلاد ده، عشان الإحتفال بعيد الميلاد «مش من السنّة». وبالمناسبة هو خوزيه منع اللعيبة كلّهم من أكل التورتة عشان مايبوّظوش نظامهم الغذائى، وخلص الاحتفال سريعا. دخلت أنا علطول أول ما قريت الخبر طبعا على الأخوات والإخوة أصدقاء العصفور الأزرق (تويتر يعني)، بعتّلهم الخبر وأعلنت إستغرابى من حاجتين؛ أوّلهم: الصياغة العجيبة لتلك الفكرة؛ أى حد بيقول أنا مش حعمل كذا (وكذا يعنى أى فعل فى الدنيا) عشان ده فعل مش من السنة؛ يعنى لم يرد عن الرسول عليه السلام إنّه عمله. مش اللى بلّغ إنّه لا يحبّه الله ولا يرضاه، مش اللى نهى عنّه، مش اللى لم يشجّع عليه، مش اللى أمر بيه، لأ. اللى «ماعملوش». فقلتلهم إن سبب إستغرابى هو ان الكورة كمان مش من السنة! ولا الإعلانات ومع ذلك كابتن محمد أبو تريكة بيمتهن الكورة وبيعمل إعلانات (كمثال بس يعني). المسألة بالنسبالى واضحة وضوح شمس أغسطس؛ ده حساب، منطق، مافيهوش تفسيرات؛ لو أنا رفضت اعمل أى حاجة عشان الحاجة دى مش من السنة، يبقى ده يُفهم منّه ضمنا وعلى سبيل اليقين إن انا مابعملش أى حاجة لم ترد فى سنة النبى الكريم. هى معناها كده، أنا مابفتريش عليها ولا حاجة. وعلى فكرة النهارده يوم الجمعة معاد تسليم المقال، كويّس جدا إنى لقيت بالصدفة خبر على موقع الأهلى بينفى ما جاء فى خبر المصرى اليوم؛ وأكّد خبر الأهلى إن أبو تريكة أكّد انّه بيحتفل بعيد ميلاده عادى يعني؛ هى طبعا حاجة غريبة أوى إن المصرى اليوم تنشر خبر غلط عن عيد ميلاد أبو تريكة! بس هو عموما كده تريكة خرج من الموضوع، لكن ده لا يمنع إن فيه ملايين المصريين مقتنعين بتلك الفكرة، إن الاحتفال بعيد الميلاد حرام، أو مكروه، أو كُخّة أو أى حاجة وحشة وخلاص. فعلا بيعجز عقلى عن فهم المنطق ورا الكلام ده؛ إيه اللى يضايق ربّنا أو يزعّله وهو الواسع الخبير، إن حد يعمل احتفال، يعزم فيه إصحابه وأهله ويعملّهم تورتة وأكل، وهم ييجوا بابتساماتهم أو بهداياهم عشان يهنّوه بعيد مولِدِه. إيه الغلط فى كده؟ ممكن يبقى إيه يعنى الغلط فى كده؟ حفلة عيد الميلاد طبعا من السنّة؛ هو مش إدخال السرور على الناس سنّة؟ آه. طب ماهو اللى بيعزم الناس على حفلة بيُدخل السرور عليهم، واللى بيروحوا لحد عشان يحتفلوا بيه بيُدخلوا السرور عليه! من السنّة ده ولّا مش من السُنّة؟ طب واللى رايح يحتفل بحد فيجيبلُه هديّة ده مش من السُنة برضه؟ مش النبى العدنان قال «تهادوا، تحابّوا»؟ يبقى ده كمان من السنّة ولا مش من السنّة؟؛ طب واللى يعزم الناس ويعملّهم أكل ويجيبلهم تورتة ويضحك فى وشّهم ويبسطهم، مش ده بيُكرم ضيوفه؟ مش إكرام الضيف من السُنّة؟ ماهى كُلّها سُنن أٌهِه! إيه اللى خلّى أى حد أصلا يفكّر يدوّر على حاجة وحشة وحرام وغلط فى موضوع زى ده؟ ومين قال إن اتّباع السنّة ظاهرى، مَظهرى، قِشرى لا قلب له ولا عقل؟ يقول البعض: عشان ده تقليد أعمى للغرب وكده؛ غرب إيه! ومين اللى أعمى؟! دى فكرة إنسانية جدا كلّها على بعض، ومن أول ما عرف البنى آدم التقويم، وهو بيحتفل بذكرى أيّامه المُهمّة؛ ودليل بسيط هو تعامد الشمس على وجه رمسيس التانى فى أبو سمبل، يوم عيد ميلاده، ويوم جلوسه على العرش والملكوت. عيد ميلاد إيه اللى فكرة غربية!! وبعدين أصلا أصلا، مع فرض إنّه فكرة غربية، (ولو ان ده مش صحيح) طب ماهو عيد الأم فكرة غربية، إيه الوحش فيها؟ وبعدين أصلا أصلا، ماهو التليفون فكرة غربية، والعربية والطيّارة، والكمبيوتر والبرامج اللى بتشغّله، أفكار وتطبيقات كلّها غربية، وشرقية كمان! واحنا بنستعملهم عادى، إيه الكلام الغريب الخالى من المعنى ده؟ ازّاى فيه ناس بتقول الحاجات دى، وهى الحاجات دى لا تملك من المنطق والحجة ما يكفى حتّى لفتح جفونها! أنا فعلا مُتعجّب. أنا بدعو فى المقال ده لتدريس علم المنطق للتلامذه من أوّل ما يبدأوا تعليمهم، الحساب هو المنطق صحيح بس واضح إن التعليم بتاعنا لمّا باظ، بوّظ معاه المهمة العظيمة دى لدراسة الرياضيّات، تحوّلت الرياضيات إلى مادة زى بقية المواد اللى بنذاكرها ونمتحن فيها، ويخلص الموضوع منغير ما نتعلّم منها حاجة، من غير ما نتعلّم منها المنطق. أمّة بلا عقل هى أمّة مش ممكن تمشى لقدّام، والدين مش شغلته يقضى على عقل البنى آدم وسلامة منطقه، مش شغلته إننا ندوّر بيه على حاجات نسخّف بيها على نفسنا. الدين شغلته يرقى بالروح، والرقى ده لا يتطلّب إلغاء العقل، ولا يتطلّب معاداة المنطق. بل وإن العقل والمنطق بينفعوه وبيفتحوله آفاق وبيخلّوا فايدته على من يتديّنون به أعظم كثيرا.