سألت على تويتر «مين حينزل يتظاهر أو يعتصم يوم 18 نوفمبر؟» أغلب اللى ردوا قالوا إنّهم نازلين، والبعض قالوا «مش حننزل» أنا عارف اللى نازلين نازلين ليه، فسألت قائلا «هو اللى مش نازلين، مش نازلين ليه؟» فجاءنى سببين أساسيين؛ أوّلهم بيسجّل نجاح ساحق لسياسة المجلس العسكرى الحقيقة «أصل النزول خلاص مابقاش له لازمة، بيقوّم الناس فى البيوت على الثورة، واحتمال ييجى «مواطنين شرفاء» يرموا طوب ومولوتوف، ده غير ما سيُرَدّد عن عجلة الإنتاج، إلخ إلخ. نجح المجلس العسكرى بنفس سياسة مبارك فى إنه يُفقد كثير من الناس إيمانهم بصوتهم؛ بقوا لمّا سيرة صوتهم بتيجى، يروحوا علطول مفكّرين فى أخطار وعيوب طلوع صوتهم! برافو المجلس العسكرى. بعض الناس التانيين قالوا إنّهم مش حينزلوا لإن الإنتخابات حيبقى فاضل عليها أيام، فمش وقت الحاجات دى. إيه ده! برافو المجلس العسكرى تاني! هو مين اللى اختار التوقيت ده عشان السيد على السلمى يُخرج للمصريين وثيقة المبادئ الحاكمة؟ المجلس العسكرى طبعا. توقيت ممتاز بيخلّى «البعض» كمان، مش نازلين عشان خايفين عالانتخابات. وفيه بعض آخر واقف محتار؛ «هل ممكن يكون المجلس عمل الوثيقة دى دلوقتى عشان عارف ان ناس كتير حتغضب (لأسباب مُختلفة)، فينزلوا الشارع، فتحصل مصادمات، فالدنيا تتبرجل، فالإنتخابات تتأجّل وبالتالى تسليم السلطة يتأجّل؟» ملعوبة، 3 عصافير بحجر واحد! وماتنسوش العصفورة الكبيرة، بتاعة اللى أصلا خايفين على «استقرار» البلد من التظاهر والاعتصام ضد المجلس الحاكم، اللى هو طبعا فى مقام أبونا كلّنا!.. فيه ناس بقه مش حينزلوا اه، بس مش لسبب مُتعلّق بالعسكرى، بل مش حينزلوا «عشان الإسلاميين حيقلبوها قندهار» على حد تعبير أحد المُعلّقين، وآخرين قالوا «عشان الإسلاميين والإخوان تحديدا مايستغلّوناش فى تحقيق مصالحهم». رحت سائل الناس تانى «هو يا جماعة زائد يعنى ما هو مُتّفق عليه من الأغلبية من مطالبة بجدول زمنى مُلزِم لتسليم السُلطة سريعا، ووقف المحاكمات العسكرية المُستمرّة لحد النهارده، والنظر فى قضايا آلاف المصريين اللى مرميين فى السجن بأحكام مجحفة بحقوقهم؛ الإخوة الإسلاميين مُعترضين زى غيرهم على البنود المُتعلّقة بسيادة الجيش الكاملة فوق أراضيه، أو خايفين من شرط «لو ماكتبوش الدستور فى 6 شهور، حنتصرّف احنا» وكده؟ ولّا هُمّ مُعترضين على الوثيقة؟ وتلخّصت الإجابات فى انّهم أصلا رافضين المبدأ من بابه؛ عايزين لو فيه مبادئ، يبقى أعضاء لجنة صياغة الدستور هم اللى يكتبوها والبرلمان المُنتخب هُو اللى يُقِرّها، (ده طبعا علما بإن الإسلاميين على اختلاف ألوانهم مُتأكّدين إنهم حيبقالهم الأغلبية فى البرلمان) وانا بشكل شخصى مش فاهم خالص بصراحة بعد كل اللى «فرضه» علينا المجلس ده، إيه اللى فعلا مضايقهم من وثيقة بترسم شكل الدولة على إنّها جمهورية ديمقراطية، مدنية، دينها الإسلام، سُلطاتها مُنفصلة ومُتساوية فى القوة، كما جاء فى وثيقة السلمي! إيه إعتراضهم على وثيقة بتقر حقوق الإنسان اللى العالم كلّه بيقرّها؟! أنا افهم الإعتراضات على «دولة» الجيش اللى فوق الدولة المصرية، لكن رفض الوثيقة بحالها بحجّة ان «الجيش كده بيفرضها علينا»، هو استعمال لحجّة بالّونية أوى الحقيقة! يعنى السيد البلتاجى يقول لفظا «أرواحنا مقابل وثيقة السلمي» ومايقولش «أرواحنا مقابل المحاكمات العسكرية للمدنيين» طب بذمّتكو دى مش حاجة غريبة؟! أهُو بقى فيه ناس مش عايزين ينزلوا يتظاهروا عشان خايفين الإسلاميين (وخصوصا الإخوان!) يستفيدوا من وقفتهم فى الشارع! خايفين منهم! نجح الإسلاميون فى انّهم يخلّوا مصريين -أغلبهم مسلمين زيّهم بيصلّوا وبيصوموا وبيعتزّوا بإسلامهم-، يخافوا منهم زى ما بيخافوا من فلول مبارك. عشان فلول مبارك عايزين يسرقوا ثورتهم، وشركاءهم فى الوطن «من الإسلاميين على إختلاف مناهجهم» عايزين يقمعوهم ويمشّوهم على مزاجهم واللى مايعجبوش يلعنوه؛ ماهو مش عاجبُه شرع الله اللى هُمّ وجماعتهم وحدهم قادرين على فهمه وتحديده. يبقى الإسلاميين هُم المُتّهمون بخلق تلك الفُرقة فى صفوف المصريين ولّا لأ؟ بإنّهم ببساطة مُصرّين انّهم يمشّوا الناس على مزاجهم «وبإسم الدين». مع إن ماحدّش منهم معاه توكيل من ربّنا ولا حاجة، ومع إن ماحدّش منهم خليفة المسلمين ولا أمير المؤمنين ولا حاجة، ومع إنّهم بيوزّعوا لحمة ومساعدات على الغلابة (قبل الانتخابات) فى مشهد بالنسبالى أنا مايفرقش كتير خالص عن اللى كانوا بيشتروا أصوات نفس الغلابة بالفلوس. يارب تكونوا مبسوطين إن فيه ناس مش عايزة تنزل تتظاهر عشان خوفهم منكو بقى أكبر من خوفهم من قمع العسكر، ويا رب مايبقاش أكبر حتّى من خوفهم من الفلول! المجلس العسكرى كما هو واضح ومُتوَقّع مش عايز يضحّى بأى جزء من سلطانه القديم؛ قد يكون ده بدافع وطنى إذ انهم شايفين انهم مايقدروش يأتمنوا البرلمان والرئيس القادمين على مصالح الجيش المُهمّة، وقد يكون لسبب أنانى ومُتعالى مش عايز يقدّم أى تنازلات لصالح الثورة؛ ولا يضحّى بأحد من رجاله مهما تعاظمت أخطاءهم، ولا يبطّل يحاكم الناس عسكريّا، ولا يغيّر طريقته، ولا ياخد خطوات ناحية الإصلاح، ولا يُمَس ولا تُمس مصالحه، ولا حاجة خالص. أتمنّى أخيرا أن يُدرِك «جميع الجميع»، إن ماحدّش حيخسر لوحده وماحدّش حيكسب لوحده؛ يا كُلّنا حنطلع من الثورة دى بوطن جديد يقوم على العدل ويُقدّس القانون والحقوق والحريّات عشان يعرف يقضى على الفساد والجهل وآثارهم العظيمة على جموع المصريين، فنمشى لقدّام؛ يا كلّنا حنفضل ندور فى كل تلك الحلقات المُفرغة لحد ما تعدّى سنين تانية واحنا واقفين فى نفس المكان. وأعوذ بالله من نفس هذا المكان! كل سنة وانتو مش فى نفس المكان.. عيد سعيد