إبراهيم عيسى: مصر تتعرض لهجوم واستفزاز.. وتقرير CNN "بلاهة ووقاحة"    لبيب: الفوز بالكونفدرالية يمنح إنبي 100 ألف دولار.. وتحقيق داخلي بسبب أحداث النهائي    تقديم رياض الأطفال بالمدارس الحكومية 2024 /2025.. تعرف على الضوابط والمستندات    عامر حسين: نرحب بالأندية الموافقة على خوض كأس مصر بدون الدوليين.. وإلغاء المسابقة شائعات    استمرار التطوير وإزالة المخالفات بجنوب الغردقة    تعرف علي امنية أسماء جلال في عيد ميلادها    مخرج فيلم بنقدر ظروفك: أحمد الفيشاوي ملتزم وبييجي قبل ميعاد تصويره بساعة    القاهرة الإخبارية: مظاهرة في القدس المحتلة للمطالبة بصفقة تبادل للأسرى والمحتجزين    إلهام شاهين بختام إيزيس : أتمنى أن تقام الدورة القادمة فى فلسطين الحبيبة    مساعد رئيس هيئة الدواء: صادراتنا من المستحضرات الدوائية تجاوزت 1.5 مليار دولار    "جوزي بيحب واحدة متجوزة".. رسالة من سيدة ورد حاسم من أمين الفتوى    صندوق النقد الدولي يبدأ المراجعة الثالثة على برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري    بروتوكول تعاون بين "الجلالة" و"سيمينز" لتعزيز التعليم في التصوير الطبي    "شوف هتعيد امتى".. هيئة الأوقاف تُعلن موعد عيد الأضحى 2024 في السعودية    تسيير حركة المرور بالطريق الصحراوي الغربي عقب توقفه لأكثر من ساعة    ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي «وهمي» في الإسكندرية    وزير الخارجية البحريني يؤكد أهمية زيارة الملك حمد بن عيسى إلى روسيا    نائب جامعة الأزهر: سيكون لنا نصيب كبير فى التصنيفات العالمية للجامعات (فيديو)    الوفد: حريصون على توعية العمال بدور الدولة في الحفاظ على حقوقهم    سهير جودة تنتقد الهجوم على صلاح: البعض يرغب في اغتياله معنويًا    الأحد المقبل.. برنامج العودة إلى الجذور يكرم أبو الحسن سلام بالإسكندرية    جريزمان يحسم موقفه من الرحيل للدوري السعودي    هل يجوز بيع جلد الأضحية؟.. الإفتاء توضح    أمين صندوق الاتحاد الإفريقي للساق الواحدة: مباراة مصر والمغرب ذات طابع تاريخي    من برجك- تعرف على اضطراب الشخصية الذي تعاني منه    التحريات تكشف ملابسات واقعة اختطاف شاب وإجباره على توقيع إيصالات أمانة بالمقطم    سوناك يدعو إلى إجراء انتخابات عامة في 4 يوليو    أتالانتا ضد باير ليفركوزن.. التشكيل الرسمى لقمة نهائى الدورى الأوروبى    لدايت أسهل.. طريقة عمل سلطة الفاصوليا البيضاء    انطلاق فعاليات مبادرة «سلامتك تهمنا» بزراعة المنيا    كلاكيت تاني مرة.. سلوى عثمان أمام دنيا سمير غانم في فيلم روكي الغلابة    ماذا تفعل حال تسجيل مخالفة مرورية غير صحيحة على سيارتك؟    ما سبب وجود رائحة عند تشغيل التكييف؟.. «اتخلصي منها في خطوة»    لينك نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني    مانشستر يونايتد يحدد موعد إقالة إيريك تين هاج ويحدد البدائل    رئيس لجنة الثقافة: مصر تمارس أقصى درجات ضبط النفس مع إسرائيل    أمين الفتوى يوضح أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة: هذا اليوم صيامه حرام    بعد انتهاء الانتخابات.. ننشر قائمة مجلس إدارة غرفة المطاعم السياحية    وزارة الصحة تقدم نصائح للحماية من سرطان البروستاتا    توقيع بروتوكول لعلاج 2000من العاملين بشركات القابضة الكيماوية    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    الجارديان: وفاة رئيسي قد تدفع إيران لاتجاه أكثر تشددًا    اتصالات النواب: البريد من أهم ركائز الاقتصاد الوطني وحقق أرباحا بمليار و486 مليون جنيه    الأهلى يرفع راية التحدى أمام الترجى كولر يحذر من لدغات الخصم المفاجئة.. ويطالب بالحسم المبكر    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    واشنطن بوست: خطة البنتاجون لتقديم مساعدات لغزة عبر الرصيف العائم تواجه انتكاسات    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    استعدادات مكثفة بموانئ البحر الأحمر لبدء موسم الحج البري    اليوم.. «اتصالات النواب» تناقش موازنة الهيئة القومية للبريد للعام المالي 2024-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنفراد التحرير« حوار مبارك مع العادلي»
نشر في التحرير يوم 11 - 08 - 2011

رئيس مخلوع نائم على سريره الطبى المزود بحامل محاليل لا يحتوى على أى محاليل.. ونجلان له يحمل كل منهما فى يده مصحفا على سبيل الحمل.. وليس على سبيل القراءة.. ووزير داخلية يرتدى بدلة الحبس الزرقاء ويحمل فى يده الملطخة بدماء الشهداء مسبحة.. و6 لواءات مساعدين له.. وقفص يجمعهم بداخله.. كانت تلك هى مكونات المشهد التاريخى الذى رأيناه جميعا على شاشات التليفزيون يوم الأربعاء الماضى 3 أغسطس 2011، فى أثناء محاكمة مصر رئيسها المخلوع فى مشهد أدهشنا جميعا ونحن نشاهده.. ولكى تكتمل دهشتكم، إليكم تفاصيل ما حدث فى الغرفة الملحقة بالقفص والمخصصة لانتظار المتهمين قبل بدء الجلسة وبعدها.. تلك التفاصيل التى لم تنقلها الشاشات ولم تكتبها التقارير الإخبارية.. وحصلت عليها «التحرير» من مصدر لا يرقى إليه الشك.
مبارك لم يتعرف على رجال ومساعدى العادلى.. وحسن عبد الرحمن لم يسلم على مبارك وظل شارد الذهن.
وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى ورجاله كانوا هم أول من وصل إلى مقر المحاكمة ودخل إلى الغرفة الملحقة بالقفص.. ثم من بعدهم جمال وعلاء.. ثم الرئيس السابق حسنى مبارك.. كان سلام جمال وعلاء على أبيهما حارا.. ولكنه لم يكن بنفس درجة حرارة سلام حبيب العادلى عليه، حيث احتضنه وقبله بمحبة صادقة.. «حمد الله على السلامة يا ريس».. أما فى ما يخص رجال ومساعدى العادلى فقد كشف لقاؤهم بالرئيس السابق داخل الغرفة، أنها ربما تكون المرة الأولى التى يراهم فيها الرئيس.. حيث وقف العادلى ليعرفهم عليه ويقدمهم له بالاسم وبالوظيفة فى أثناء سلامهم عليه.. أما حسن عبد الرحمن مدير جهاز أمن الدولة السابق، فقد كان هو الوحيد فى الغرفة الذى لم يقم من مكانه ولم يسلم على مبارك وظل جالسا فى مكانه شارد الذهن!
كانت علامات الصحة واليقظة بادية على وجه مبارك.. وكان واضحا أنه لا يعانى من أى اكتئاب.. ربما بعض الذهول.. ربما بعض الدهشة.. ولكن اكتئاب.. لا.. تؤكد حالته الصحية المستقرة تلك الحوارات التى دارت رحاها فى غرفة الانتظار الملحقة بالقفص، والتى تخللها كثير من الضحكات والقفشات والأسئلة والأجوبة!
بدأ الحديث بسؤال مبارك للعادلى عما وصلت إليه آخر تطورات قضية الاتصالات، حيث طمأنه العادلى.. «اطمن يا ريس؟.. مش حنشيلها لوحدنا».. ثم استطرد ضاحكا.. «ثم ينفع برضه أنا أشيل غرامة 300 مليون.. وسيادتك 200 مليون بس.. يعنى أنا أغنى منك يا ريس».. ضحك جميع من بالغرفة على نكتة العادلى.. ثم تطرق الحوار إلى قضية تصدير الغاز لإسرائيل.. حيث أعرب مبارك لهم عن عدم فهمه كل ذلك الغضب الذى نتج عن تلك الصفقة.. وأكد لهم أنه يعتبرها بمثابة ورقة ضغط على إسرائيل لصالح مصر، كما أنها تتماشى مع اتفاقية السلام الموقعة بيننا وبين إسرائيل.. عندها مال جمال عليه وهمس فى أذنه.. «اطمن.. أنا منسق كل تفاصيل القضية دى مع سامح فهمى»!
عندها تذكر مبارك طرة.. «صحيح.. أخبار طرة إيه»؟! فأجابه جمال بابتسامة ساخرة.. «والله المراوح طلعت كويسة.. تصور أحسن من التكييف»!
وخلال القعدة.. دخل مبارك والعادلى فى حديث ثنائى يخص قتل المتظاهرين.. سأله مبارك.. «هو عدد اللى ماتوا قد إيه بالظبط»؟! فرد عليه العادلى.. «حوالى 900 يا ريس».. فسأله مبارك.. «ماتوا إزاى»؟! فأجابه العادلى.. «معظمهم ماتوا قدام الأقسام.. ودول كانوا بيهاجمونا، وكل قسم فيه ما لا يزيد على 5 أو 6 ظباط.. كان لازم يدافعوا عن نفسهم».. ثم أضاف: «أما اللى ماتوا فى التحرير.. فأنا باشك إنه فيه مخطط أمريكى فى الموضوع يا ريس».. وبعد لحظة صمت.. مال العادلى على مبارك وهمس فى أذنه.. «يا ريس.. كنا عايزين الراجل بتاعنا هو اللى يمسك القضية».. فسأله مبارك.. «اللى هو مين»؟! فأجابه العادلى.. «عادل عبد السلام جمعة».. ثم استطرد بخبث.. «ده راجل محترم ويعرف ربنا».. فسأله مبارك.. «طب واللى موجود دلوقتى»؟! فأجابه العادلى بقلق.. «يعرف ربنا برضه».. قالها ثم نظر أمامه بشرود!
عندها كان وقت دخولهم القفص قد اقترب.. لاحظ جمال خلو حامل المحاليل المتصل بسرير أبيه من المحاليل.. فاقترح تعليق المحاليل فى الحامل حتى يكتمل المشهد.. وفى أثناء تعليقها.. تراجع جمال عن الفكرة.. «ولّا بلاش.. كده يبقى زيادة»!
بعدها دخلوا القفص.. وبدأت المحاكمة التى رأيتموها جميعا على شاشات التليفزيون.. ثم رفعت الجلسة لاستراحة قصيرة عادوا بعدها إلى الغرفة.. بعد عودتهم كان الوضع مختلفا قليلا.. كانت الدهشة هى البطل وكانت الجملة الأوضح فى فضاء الغرفة هى جملة مبارك.. «أنا مش مصدق اللى احنا فيه ده»!!
عندها مال علاء على أبيه قائلا: «بابا.. إحنا إن شاء الله بعد ما نطلع من الحكاية دى لازم نعمل كلنا عمرة.. وانت لازم تيجى معانا».. فأجابه مبارك.. «ربنا يسهل».. فأصر علاء على تعهد أبيه بذهابه معهم للعمرة.. إلى أن أجابه مبارك.. «إن شاء الله».. عندها تدخل جمال بالحديث.. «المهم دلوقتى.. عايزين نظبط التقرير الطبى عشان ماتجيش المحكمة تانى.. ده المهم»!
كان جميع من بالغرفة يحملون موبايلاتهم الخاصة.. وهو ما يثير كثيرا من التساؤلات حول مدى قانونية حملهم لتلك الموبايلات من عدمه، حيث إنهم قيد الحبس الاحتياطى!
بعد انتهاء الجلسة وقبل رحيلهم عن المكان نهض مبارك من على سريره.. وسار على رجليه (عادى خالص) إلى الحمام.. ثم خرج منه واستلقى على سريره مرة أخرى، استعدادا لنقله إلى الجناح الرئاسى بالمركز الطبى العالمى!
كان هذا هو أهم ما حدث وقيل فى الغرفة الملحقة بالقفص قبل بدء المحاكمة.. وإذا كان بعض ما قيل من شأنه أن يجعلنا نرتبك ولا نفهم ما الذى يحدث بالظبط؟ إلا أننا فى الوقت نفسه نستطيع الخروج منه بمجموعة من المبادئ التى يؤكدها ما قيل ولا ينفيها..
أولا: من الواضح أن الرئيس بالفعل قد توقف منذ سنوات عن إدارة شؤون البلد تاركا إياها فى أيدى ابنه جمال ووزير داخليته حبيب العادلى.. فالرجل لا يعلم أى شىء عن أى شىء.. ومن الواضح أن التوريث كان قائما بالفعل منذ عدة سنوات، وأن كل ما كان ينقصه فقط أن يتم تزوير الانتخابات القادمة ليصبح رسميا..
ثانيا: منطقى أن يظل مبارك هو الريس بالنسبة لحبيب العادلى.. ولكن يظل السؤال الأهم.. يا ترى مبارك لا يزال الريس بالنسبة لمين تانى؟
ثالثا: عندما يخبر جمال أباه بأنه قد قام بالتنسيق مع سامح فهمى فى طرة بشأن قضية الغاز.. ألا يتسق ذلك مع كل تلك المخاوف التى عبر كثيرون عنها من خطورة وجود قيادات النظام السابق مع بعضهم فى نفس المكان؟ وهو ما يجعلنا نتساءل عن كم التنسيقات الأخرى التى لا نعلم عنها شيئا!
رابعا: واضح تماما أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى لا يزال غير قادر على تصديق أن هناك ثورة قد قامت فى البلد.. فالرجل لا يزال يتحدث عن المخططات والأجندات الأمريكية.. وكأننا لم نر سيارات الشرطة والأمن المركزى وهى تدهس المتظاهرين تحت عجلاتها فى الشوارع أو نرى دخان قنابل الغاز المسيل للدموع منتهية الصلاحية، وهو يملأ سماء القاهرة وأجهزة المتظاهرين التنفسية.. إنه يتحدث وكأننا لم نر فوارغ الرصاص المطاطى والحى وضوء الليزر الذى إذا لمحته على جسدك ينبغى عليك أن تتحرك بسرعة من مكانك، حيث إن هذا الضوء ليس له سوى معنى واحد.. أن هناك قناصا يصوب فوهة بندقيته تجاه قلبك، استعدادا لقتلك!
خامسا: ذلك الجو المرح الذى كان سائدا فى الغرفة والذى رأيتم جميعا انعكاسه على تعابير وقسمات وجه حبيب العادلى فى أثناء خروجه من الغرفة إلى سيارة الترحيلات.. هل هو على سبيل عدم رغبتهم فى تصديق أن ما حدث قد حدث.. أم أنه على سبيل الاطمئنان الحقيقى لما سوف تؤول إليه الأمور فى النهاية.. أم أنه ليس أكثر من مجرد حيلة نفسية دفاعية لمنعهم من الانهيار؟!
سادسا: وهو الأهم والأخطر.. ما الذى كان يقصده جمال من وراء جملته التى قالها لأبيه: «عايزين نظبط التقرير الطبى عشان ماتجيش المحكمة تانى».. هل يملك أحد تظبيط مثل هذا التقرير؟! وهل العنجهية الكدابة هى منبع تلك الجملة أم أن منبعها الثقة فى إمكانية تظبيط مثل هذا التقرير بالفعل؟!
العنجهية والثقة.. كلمتان الفارق بينهما هو نفسه الفارق بين كون ما حدث فى مصر كان بالفعل ثورة أم أننا فقط تصورنا أنه كذلك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.