بعد الثوره.. قررت بينى وبين نفسى أنه لم يعد هناك مجالا فى الحياه للطاقه السلبيه.. خلاص.. لقد حان الوقت المناسب لإستبدال مصادر الطاقه الماديه التى نعرفها جميعا بمصادر طاقه أخرى روحانيه بديله.. وبناء عليه قمت بإعلان الطاقه الإيجابيه المصدر الرئيسى للطاقه بداخلى عن طريق الإذاعه الداخليه لراديو خلايا دماغى.. إنهمكت بعدها فى تطبيق مباديء ذلك الإعلان الدستورى الخاص بى على حياتى.. وبناء عليه قررت تزيين صومعتى المتواضعه ببعضالنباتات واللون الأخضر لجلب روح الطبيعه إلى حياتى.. وللإمعان فى الطاقه الإيجابيه قررت لأول مره فى حياتى فعل ما لم أفعله من قبل.. قررت إقتناء عصافير.. كنت أرفض الفكره من منطلق أن وضع طيور بريئه فى قفصيعد عملا لا أخلاقيا.. إلا أنى بعد التفكير لبرهه.. عقدت إتفاقا مع نفسى على أنى سوف أطلق سراحهم بعد فتره.. نعم.. قررت إقتناؤهم ولكنى فى اللحظه نفسها قررت إطلاق سراحهم بعد أسبوع بالكتير من إقتناؤهم.. وبذلك أكون قد ضربت أكثر من عصفور – مش العصافير اللى حاشتريها طبعا – بحجر واحد.. فمنها أن هذا الأسبوع كفيل بجلب بعض الطاقه الإيجابيه إلى حياتى.. ومنها الإستمتاع بزقزقة ساعات العصارى الآتيه من البلكونه حيث سأضع القفص.. ومنها حالة السلام النفسى التى سوف تتملكنى عقب إطلاق سراحهما فى النهايه وحالة السعاده التى سوف أشعر بها وأنا أراهما يخرجان من باب القفص بعد أن أكون قد فتحته لهما ليطيرا مبتعدين بأجنحتهما تجاه قرص الشمس الذى يستعد للمغيب.. وهكذا.. يصبح شرائى لهما فى النهايه بمثابة تحرير نهائى وليس أسرا جديدا.. وربما عندما أقابلهما فى العالم الآخر يتعرفان على وعندها قد أستطيع إقامة حوار حقيقى معهما كأصدقاء من نفس الكوكب من منطلق تصورى الخاص بأننا فى العالم الآخر سوف نتكلم جميعا طيورا وبنى آدمين وحيوانات ونباتات لغه واحده.. لغتنا الأم الأصليه! و هكذا.. إستقبلت بلكونة صومعتى ضيوفها الجدد.. «سبارتكوس».. عصفور دكر أزرق هاديء ومعجبانى.. و«نفرتيتي».. عصفوره نتايه صفراء صغنتوته ومتأمله بطبيعتها.. حرصت على أن يكون قفصهما كبيرا بقدر الإمكان.. وضعت لهما الحب والماء.. وتمنيت لهما أسبوع عسل لذيذ قبل أن أفاجئهما وأطلق سراحهما بعد أن يكونا قد أعطيانى بعض الطاقه الإيجابيه لأعطيهما فى المقابل حريتهما! و فى ذات ليله عدت إلى الصومعه.. فتحت البلكونه.. لأفاجأ بنفرتيتى واقفه وحدها فى القفص المغلق.. بينما سبارتكوس قد تبخر تماما وليس له أدنى أثر.. يا الله.. هل يكون سبارتكوس فى الأساس كائنا فضائيا من كوكب يستطيع أهله التشكل على هيئات عده والإختفاء المفاجيء؟!.. وبينما أنا غارق فى خيالاتى الفضائيه.. ترامى إلى أذنى صوت صوصوه ضعيفه آت من أرضية البلكونه من خلف الشيش المفتوح.. حركت الشيش بهدوء لأجد سبارتكوس واقفا على الأرضيه يرفع رأسه تجاهى بخوف وهو يصوصو.. وضعت يدى أسفله فقفز واقفا على إصبعى.. كانت السماء أمامه مفتوحه على مصراعيها.. ولكنه لم يحرك أجنحته.. تركته فى الهواء متوقعا أن اللحظه الحاسمه قد حانت.. ولكنه سقط على أرضية البلكونه مره أخرى.. وضعت يدى أمامه فقفز عليها بدون أن يفكر فى الطيران.. وضعته فى القفص وأنا أتذكر تلك المعلومه.. أن باعة الطيور غالبا ما يقصون بعض الريش من جناح الطائر ليمنعوه من الطيران حتى وإن خرج من القفص.. أشفقت على سبارتكوس من ذلك المصير المؤلم.. لقد حكم البائع عليه بعدم الطيران إلى الأبد.. وعندها تذكرت مشكله أخرى.. كيف سأطلق سراحهما أساسا إذا كانا لا يستطيعا الطيران.. وعندها تذكرت مشكله تالته.. كيف خرج سبارتكوس أصلا من القفص المغلق؟! بدأت فى متابعتهما حتى اكتشفت طريقة خروج سبارتكوس من القفص.. كانت نفرتيتى ترفع بمنقارها خطاف بلاستيكى صغير فى الباب.. فى الوقت الذى يكون فيه سبارتكوس واقفا بظهره عند الباب.. وبمجرد رفعه بقدر معين يتشقلب سبارتكوس إلى الخارج.. لأرفعه من على الأرضيه وأعيده إلى القفص مره أخرى وهو يصوصو.. أعلم أنهما كانا يلعبان.. إلا أن ما لا يعلماه أنى كنت أتمزق كلما أمسكت بسبارتكوس فى مواجهة السماء المفتوحه تماما أمامه.. طالبا منه ما معناه أن.. «طير».. لينظر لى مصوصوا وطالبا منى ما معناه أن .. «لو سمحت رجعنى القفص» !