طالب العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز أول من أمس بإنهاء إراقة الدماء فى سوريا وقام بسحب السفير السعودى من دمشق فى حالة نادرة من تدخل أحد أقوى زعماء العالم العربى ضد آخر. وقال العاهل السعودى فى بيان تلى على قناة العربية «إن ما يحدث فى سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية». وأضاف أنه يتعين على سوريا «وقف آلة القتل وإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان وطرح وتفعيل إصلاحات لا تغلفها الوعود، بل يحققها الواقع وقال إن ما يحدث فى سوريا «ليس من الدين ولا من القيم والأخلاق». وأصبح قمع الرئيس بشار الأسد الاحتجاجات واحدا من أعنف الفصول فى موجة الاضطرابات التى يشهدها العالم العربى هذا العام. وقال العاهل السعودى «تعلم سوريا الشقيقة شعبا وحكومة مواقف المملكة معها فى الماضى، واليوم تقف المملكة تجاه مسؤوليتها التاريخية نحو أشقائها مطالبة بوقف آلة القتل وإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان». وأردف قائلا «إن ما يحدث فى سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية، فالحدث أكبر من أن تبرره الأسباب، بل يمكن للقيادة السورية تفعيل إصلاحات شاملة وسريعة فمستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن تختار بإرادتها الحكمة أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع». التعليق: كامل: محاولة لتصفية الحسابات مع بشار ولا تدعم ثورة الشعب أحمد كامل، الباحث بمركز الأهرام للدراسات: ما يقوم به عبد الله لا علاقة له بدعم الثورة العربية فى سوريا على الإطلاق، حيث إن المملكة آخر ما يهمها هو نجاح أى ثورة عربية بدليل ما قامت به فى تونس ومصر والبحرين، ولكن يبدو أن المملكة تضبط بوصلتها باتجاه الإدارة الأمريكية وموقفها، وهناك موقف واضح تجاه النظام السورى فى سوريا وبالتالى فإنها تحاول استرضاء السياسة الأمريكية بمثل هذه الخطوات إلى جانب تصفية الحسابات مع النظام السورى الذى كان هناك خلاف كبير بينهم فى الفترة الأخيرة، وأخيرا فإن هذه الخطوات تأتى من السعودية لمحاولة الوقوف فى وجه النظام الإيرانى الذى يدعم النظام السورى بشكل أو بآخر، ولكن أعتقد أن التدخل السعودى لا يضيف كثيرا للثورة السورية، خصوصا فى ظل معرفة الشعب العربى حقيقة الدور السعودى فى قمع كل الثورات العربية والوقوف مع الطغاة. التحليل: المملكة تناقض نفسها.. تدين إراقة الدماء السورية وتريق الدماء فى البحرين وتأوى رئيسا «قاتلا» صوت عربى حاول كسر الصمت المريب تجاه المجازر التى يرتكبها الرئيس السورى بشار الأسد بحق شعبه، إلا أن الصوت نفسه قال كلمات تتناقض مع مواقف سابقة. وكالات الأنباء والمواقع السعودية وصفت الخطاب بأنه «تاريخى»، وذلك لأنه عبر عن عدم قبوله لما يجرى من قتل وسفك دماء على الأراضى السورية. الموقف السعودى جاء فى وقت ساد فيه صمت عربى، مما جعله الموقف العربى الأكثر جرأة وصراحة تجاه نظام الأسد. «إراقة دماء الأبرياء، لن تجد لها مدخلا مطمئنا» كلمات قالها الملك السعودى للتعبير عن رفضه جرائم الأسد فى حق شعبه، إلا أن «إراقة الدماء» ربما تكون موضع تساؤل أكثر من كونها تعبيرا عن الرفض، فالسعودية شاركت منذ نحو أربعة أشهر فى «إراقة دماء» متظاهرين بحرينيين خرجوا للاحتجاج على أوضاع سياسية يرفضونها، حيث شاركت السعودية بأكبر عدد من الجنود كجزء من قوة درع الجزيرة التى أسهمت فيها أيضا الإمارات والكويت لمساعدة المنامة فى مواجهة احتجاجات شعبية تطالب بالإصلاح. موقف الملك السعودى الذى يظل حالة نادرة فى ما يتعلق بعلاقات الحكام العرب ببعضهم يطرح الأسئلة أكثر من الإجابات، فما يحدث فى ليبيا واليمن أيضا يستحق «إدانة إراقة» الدماء، ولكن نفس العاصمة التى هاجمت جرائم الأسد، هى نفسها التى تؤى الرئيس اليمنى الذى يفضل إراقة الدماء على التنحى عن الحكم!