بعد ثورة 25 يناير، المطالبة بإلغاء الرقابة على المصنفات الفنية مطلب بديهى، لكن بالطبع له أنصاره، وفى نفس الوقت معارضوه. قليلون يعلمون أن الأديب الراحل نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل كان فى يوم ما مديرا عاما للرقابة على المصنفات الفنية. وحسب اعترافه فى كتاب رجاء النقاش اكتشف أن الرقابة ليست فنية ولا تتعرض للفن أو قيمته، ووظيفتها هى أن تحمى سياسة الدولة العليا وتمنع الدخول فى مشكلات دينية قد تؤدى إلى الفتنه الطائفية، إلى جانب المحافظة على الآداب العامة وقيم المجتمع وتقاليده. ويؤكد محفوظ أنه من خلال عمله فى الرقابة قدم خدمة للفن وأنه لم يشعر فى لحظة من اللحظات أنه يخون نفسه كأديب وفنان وأن وجهة نظره وأسلوبه كرقيب هى أن لا يكون قيدا على الفنان بل صديقا لا عدوا له وأن الأصل فى الفن هو «الإباحة» أما «المنع» فهو مثل الطلاق، أى أبغض الحلال. وذكر على سبيل المثال أنه عندما ظهرت الأغنية التى تقول كلماتها: يا مصطفى يا مصطفى أنا بأحبك يا مصطفى سبع سنين فى العطارين.. إلخ فوجئ محفوظ بقرار رقيب الأغانى بمنعها، وحين سئل الرقيب عن سبب قراره أبدى أسبابا غير منطقية بالمرة، متهما مؤلف الأغنية بأنه ضد ثورة 1952 ويقصد بمصطفى فى الأغنية مصطفى النحاس باشا (رئيس حزب الوفد)، وأن «سبع سنين» الواردة فى الأغنية تشير إلى مرور سبع سنوات على قيام الثورة. إلى هذا الحد من ضيق الأفق كان بعض العقليات التى تعمل فى جهاز الرقابة منذ أيام نجيب محفوظ حتى اليوم. والأمر لم يختلف كثيرا مع فيلمى «زوجة رجل مهم» الذى لمست أحداثة انتفاضة 18 و19 يناير 1977، فبعد الحصول على موافقة الرقابة والداخلية تم تصوير الفيلم بشرط عرضه على الداخلية أولا قبل ترخيصه للعرض العام، بعد انتهاء العرض المطلوب وبحضور رئيس أمن القاهرة الذى أجاز مشكورا عرضه جماهيريا متجاهلا سذاجة تعليق أحد ضباطه خريج معهد النقد الفنى على مشهد ثورة أحمد زكى ضابط المباحث فى الفيلم على زوجته ميرفت أمين بعد عزله من الخدمه واكتشافه الثلاجة فارغة من الطعام، إذا كان المقصود بالثلاجة الفارغة مصر.