شهيدان جراء قصف الاحتلال لمنزل عائلة "الشاعر" في مخيم بدر غرب رفح الفلسطينية    أول دولة أوروبية تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو.. ما هي؟    موعد مباراة الزمالك وفيوتشر اليوم في الدوري المصري والقنوات الناقلة    ناقد رياضي: الأهلي قادر على تجاوز الترجي لهذا السبب    سيارة الشعب.. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيها    والد إحدى ضحايا «معدية أبو غالب»: «روان كانت أحن قلب وعمرها ما قالت لي لأ» (فيديو)    برقم الجلوس والاسم، نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة بورسعيد    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    وأذن في الناس بالحج، رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا للركن الأعظم (صور)    جهاد جريشة: نمر بأسوأ نسخة للتحكيم المصري في أخر 10 سنوات    أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 23 مايو 2024    ارتفاع عدد الشهداء في جنين إلى 11 بعد استشهاد طفل فلسطيني    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 39    إحدى الناجيات من حادث «معدية أبو غالب» تروي تفاصيل جديدة عن المتسبب في الكارثة (فيديو)    رئيس الزمالك: شيكابالا قائد وأسطورة ونحضر لما بعد اعتزاله    تريزيجيه: الأهلي بيتي وتحت أمره في أي وقت    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    قبل ساعات من اجتماع «المركزي».. سعر الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    نتيجة الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2024 برقم الجلوس والاسم جميع المحافظات    والدة سائق سيارة حادث غرق معدية أبو غالب: ابني دافع عن شرف البنات    بالأسم فقط.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2024 (الرابط والموعد والخطوات)    محللة سياسية: نتنياهو يريد الوصول لنقطة تستلزم انخراط أمريكا وبريطانيا في الميدان    المطرب اللبناني ريان يعلن إصابته بالسرطان (فيديو)    مفاجأة، نيكي هايلي تكشف عن المرشح الذي ستصوت له في انتخابات الرئاسة الأمريكية    4 أعمال تعادل ثواب الحج والعمرة.. بينها بر الوالدين وجلسة الضحى    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    بالأرقام.. ننشر أسماء الفائزين بعضوية اتحاد الغرف السياحية | صور    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23 مايو في محافظات مصر    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    سي إن إن: تغيير مصر شروط وقف إطلاق النار في غزة فاجأ المفاوضين    محمد الغباري: مصر فرضت إرادتها على إسرائيل في حرب أكتوبر    الداخلية السعودية تمنع دخول مكة المكرمة لمن يحمل تأشيرة زيارة بأنواعها    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بسبب التجاعيد.. هيفاء وهبي تتصدر التريند بعد صورها في "كان" (صور)    مختار مختار : علامة استفهام حول عدم وجود بديل لعلي معلول في الأهلي    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    تأكيدًا لانفراد «المصري اليوم».. الزمالك يبلغ لاعبه بالرحيل    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    انتشال 3 جثث جديدة لفتيات ضمن واقعة غرق ميكروباص من أعلى معدية أبو غالب    "وطنية للبيع".. خبير اقتصادي: الشركة تمتلك 275 محطة وقيمتها ضخمة    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    محمد الغباري: العقيدة الإسرائيلية مبنية على إقامة دولة من العريش إلى الفرات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى مستهل التعاملات الصباحية الاربعاء 23 مايو 2024    عمرو سليمان: الأسرة كان لها تأثير عميق في تكويني الشخصي    طالب يشرع في قتل زميله بالسكين بالقليوبية    حظك اليوم| برج الحوت الخميس 23 مايو.. «كن جدياً في علاقاتك»    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق ويكيليكس: المشير طنطاوي ليس له طموح سياسي
نشر في التحرير يوم 10 - 10 - 2011

«أى بلد تتورط مؤسسته العسكرية فى الشأن السياسى الداخلى ستواجه حتما بالمتاعب». هذه الفقرة نقلتها إحدى وثائق ويكيليكس على لسان المشير محمد حسين طنطاوى، وتلخص تصوره لدور القوات المسلحة وضرورة التزامها الحياد إزاء السياسة الداخلية، بحسب ما نقله لأكبر مسؤول مخابراتى أمريكى.. ولأهمية هذه البرقية المؤرخة فى سبتمبر 2009، فقد أرسلتها محررتها السفيرة مارجريت سكوبى، السفيرة الأمريكية فى القاهرة آنذاك، لكبرى مؤسسات القرار فى واشنطن من وزارة الخارجية، لوزارة الدفاع، وهيئة الأركان المشتركة فى واشنطن، والمخابرات المركزية الأمريكية، ومستشار الأمن القومى، وإدارة المخابرات الأمريكية بواشنطن. ولخصت فيها ما جرى فى لقاء المشير ومدير المخابرات الأمريكى آنذاك دينيس بلير.
تنقل سكوبى فى برقيتها على لسان طنطاوى قوله: «على الدول أن تنص صراحة فى دساتيرها على مسؤوليات المؤسسة العسكرية، فالمؤسسة العسكرية يجب أن لا تنحرف عن الخط المرسوم لها والمحدد لمسؤولياتها».
هذه الإشارات التى قالها طنطاوى أيام مبارك، وقبل ثورة أطاحت به، لمسؤول أمنى أمريكى رفيع، تقع ضمن مهامه مسؤولية تنسيق أعمال ست عشرة وكالة مخابراتية أمريكية، أغلبها يعمل فى المنطقة.
العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة ومصر ينظر إليها من قبل المتخصصين فى شؤون الشرق الأوسط على أنها رمانة الميزان فى المنطقة. لكن هذه العلاقات لا تسير وفق وتيرة واحدة ولا تحركها قوة واحدة. تظهر الوثائق بجلاء ثلاثة مواقف استراتيجية من الجهة المصرية، كان على الولايات المتحدة التعامل معها، ولو أخذنا المثال بالموقف من إيران، الذى امتلأت به الوثائق وكان دائما واحدا من نقاط الحوار بين المصريين والأمريكيين.
سنلمس: كيف أن الموقف الأمريكى واضح ومتسق ومنطلق من استراتيجية يتبناها الجميع من دبلوماسيين إلى استخباراتيين إلى عسكريين. وفى الحوارات كان يطلب من المصريين تبنى الاستراتيجية الاحتوائية لإيران، والتعامل مع الخطر الإيرانى باعتباره أبرز المخاطر على الأمن القومى المصرى. الرئيس المخلوع بدا فى الوثائق متبنيا هذا الموقف الأمريكى بإطلاقه، بل كان أحيانا يزايد على الأمريكيين، إلى حد أنه يحرضهم ويتعجل خطواتهم العنيفة. بينما عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة والرجل الثانى فى النظام المسؤول عن ملف العلاقات مع الولايات المتحدة، كان على الرغم من تبنيه وجهة النظر الأمريكية -وكرر أكثر من مرة أنه يرى فى إيران خطرا أعظم- يحاول أن يربط الموقف من إيران بمجموعة اعتبارات، كالعلاقة مع حماس وحزب الله بما يجعله لا يستسيغ بعض التحركات الأمريكية ووتيرتها.
على النقيض من الموقفين السابقين نرى فى تفاصيل الوثائق كيف أن قادة القوات المسلحة لم ينظروا إلى إيران كتهديد مباشر لأمن مصر، ولم يفكر أحدهم فى أن يضعها قبل إسرائيل كمصدر للتهديد، ونظر إليها كصاحبة طموح إقليمى يؤثر على المصالح المصرية، ويضعها فى بعض الأحيان فى موضع المنافسة السلبية.
الاختلاف بين الأمريكيين والعسكريين المصريين أظهرته مجموعة من الوثائق، وتركز حول النظر لتهديدات الأمن القومى المصرى، وترتيبها. الأمريكيون يرون أن على الجيش المصرى أن يعيد النظر فى رؤيته لمصادر التهديد، ويضع فى بؤرة تركيز استراتيجياته مهام مجابهة الإرهاب ووقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ومنع القرصنة ودعم السياسة الأمريكية تجاه إيران.
كان الأمريكيون يشعرون -بحسب برقياتهم التى سربها موقع ويكيليس- بتململ القادة العسكريين المصريين، ومقاومتهم للضغوط الأمريكية، وفى أكثر من موضع فى البرقيات تلمح ملاحظات كهذه: «فى حين أن العلاقات العسكرية الأمريكية المصرية لا تزال قوية، لم يزل الجيش المصرى يقاوم جهودنا لتعديل بؤرة تركيزه لتشمل التهديدات الإقليمية والمرحلية الجديدة» «لكن المسؤولين العسكريين المصريين قالوا إن التهديدات التى تواجه الولايات المتحدة مختلفة عن تلك التى تواجه بلادهم».
تنقل إحدى البرقيات الحديثة عن اللواء محمد سعيد العصار عضو المجلس الأعلى للقوات المسحلة ومساعد وزير الدفاع لشؤون التسلح قوله إن سياسة الدفاع المصرية تعطى الأولوية «للأرض المصرية وقناة السويس» والحفاظ على «جيش تقليدى قوى لمواجهة الجيوش الأخرى فى المنطقة». بل يصل الأمر بالعصار -فى برقية أخرى- للتهديد صراحة بالعودة لسياسة تنويع مصادر التسلح كرد فعل على الخلل التسلحى بين مصر وإسرائيل الذى تخلقه سياسات التسليح الأمريكية: «فى حين تفضل مصر شراء أسلحتها وعتادها من الولايات المتحدة» فإن «الأمن القومى خط أحمر» مضيفا أن المصريين بإمكانهم «التحول إلى مصدر آخر إذا ما اضطروا إلى ذلك». وتظهر البرقيات فى هذا الصدد كيف شكا مسؤولون مصريون من قيام الولايات المتحدة بزيادة مساعداتها العسكرية لإسرائيل، فى حين ظلت مساعداتها العسكرية لمصر ثابتة، مضيفين أن إسرائيل تمتلك «أسلحة غير تقليدية» وهو أمر من شأنه الإخلال بالتوازن فى المنطقة وكفيل بزعزعة استقرارها.
والحقيقة أن البرقيات تشير إلى حجم التوافق الذى أظهره مبارك وسليمان فى الرؤى والتوجهات مع ما تمليه الولايات المتحدة عليهما، بينما على النقيض نقرأ فى البرقيات نفسها ما يشير لغضب الأمريكيين من قادة القوات المسلحة، والمشير طنطاوى على وجه الخصوص، إلى الحد الذى اعتبر معه مسؤولو الولايات المتحدة من دبلوماسيين وعسكريين أن طنطاوى يقف حجر عثرة أمام التطور الاقتصادى والسياسى فى البلاد، ناهيك بالغضب من إصرار كبار المسؤولين العسكريين المصريين خلال المناقشات التى كانت تجرى مع الأمريكيين على النظر إلى إسرائيل باعتبارها دولة معادية.
الصورة التى رسمها المسؤولون الأمريكيون فى برقيات ويكيليكس لطنطاوى صورته كعسكرى عتيد فى توجهاته التقليدية المحافظة، التى تصل أحيانا لحد الجمود. أولى الإشارات المثيرة عن العسكرية المصرية حملتها إحدى البرقيات المسربة، أُرخت فى أبريل من عام 2006. وحملت هذه البرقية الطويلة نسبيا تقريرا وافيا عن الوضع فى مصر، كتبه السفير فى القاهرة وقتها فرانسيس ريتشارد داونى (والسفير الأمريكى لدى أنقرة حاليا). ونضح التقرير الذى عنونه «جمال مبارك: الأفعال أقوى من الكلمات» بالإشارات السلبية التى قد لا يفهمها إلا صاحب عين دبلوماسية خبيرة. كان التقرير المكتوب على طريقة دبلوماسى المستعمرات الإنجليزية مرسلا للوزيرة آنذاك كونداليزا رايس.
البرقية كانت معنية بوصف عملية إعداد المسرح السياسى لتوريث جمال مبارك حكم مصر. وقد عدد فيها ريتشاردونى أساليب نخبة الحكم للدفع بملف التوريث قدما. وذكر العقبات التى تعترض الملف. لكنه خص الفقرة السابعة عشرة من البرقية للقوات المسلحة وعنونها ب«المؤسسةالعسكرية حجر عثرة» وورد فيها ما نصه: «هناك حجر عثرة أساسى لجهود تنصيب جمال مبارك كرئيس، وهو المؤسسة العسكرية. فكل الرؤساء الذين حكموا مصر منذ تأسيس الجمهورية سنة 1952 جاؤوا من صفوف المؤسسة العسكرية، وكان العسكر هم الحارس المطلق الضامن لحكم الرئيس. جمال مبارك لم يخدم كضابط فى الجيش (ولا يعرف إن كان قد أتم خدمته العسكرية أم لا، فحتى الأوراق الرسمية لا تظهر تاريخ خدمته العسكرية) وهو على العكس من والده، لا يمكنه أن يضمن دعم المؤسسة العسكرية».
ويضيف ريتشاردونى مما استقاه من مصادره فى أروقة الحكم: « هذا العنصر دائما ما يكرره علينا معارفنا، فهم يعتقدون أن سليمان (يقصد عمر سليمان) ذا الخلفية العسكرية، سيظهر بقوة فى أى سيناريو لتوريث جمال، ولو حتى على سبيل الظهور كسلطة انتقالية. هناك نظرية أخرى تقول بأن عناصر من المؤسسة العسكرية قد تبزغ فجأة كمنافسين على منصب الرئاسة. (معروف أن وزير الدفاع طنطاوى ليس لديه أى طموح سياسى)».
بقى أن نعرف أن السفير ريتشاردونى -كاتب التقرير- ليس سفيرا اعتياديا، بل هو صاحب تاريخ حافل للعمل الدبلوماسى فى المنطقة منذ مفاوضات السلام المصرية الإسرائيلية فى السبعينيات. وهو يجيد العربية، واشتهر بجولاته الغريبة فى مصر وحضوره الموالد. لكن وجهه الآخر وجه مخابراتى، فقد عمل فى الأروقة السرية للدبلوماسية الأمريكية كمكتب المخابرات والبحوث، ومكتب الشرق الأدنى. والمعنى أن الرجل ليس جديدا على بلدان تحكمها نخب عسكرية كمصر وتركيا، بل يعرف أروقة هذه النخبة جيدا ويقف على توجهاتها ومواقفها موقف العارف المطلع.
فى برقية ثانية أرسلت فى مارس 2008 أرسلها السفير ريتشاردونى من القاهرة كتقدير موقف، استعدادا لزيارة مرتقبة لواشنطن يقوم بها المشير طنطاوى، يوصى الدبلوماسى المخضرم صناع القرار فى واشنطن قائلا: « المحارب القديم ذو الثمانين عاما، الذى خاض خمسة حروب ضد إسرائيل، لم يزل يلتزم بمنع أى حرب أخرى، إلا أنه -رغم ذلك- لم يزل متجمدا عند منهج كامب ديفيد، ولا يشعر بالراحة تجاه تحولنا إلى منهج «الحرب العالمية على الإرهاب» فى ما بعد الحادى عشر من سبتمبر.
ومع إدراكنا لتردده فى مسألة التغيير، علينا حث الوزير طنطاوى على قبول شراكة أكثر مرونة واتساعا تستند إلى أهدافنا الاستراتيجية المشتركة، وبما يشمل تأمين الحدود، ومكافحة الإرهاب، وحفظ السلام والدفاع المدنى».
وفى ذات البرقية يعلق السفير لدى القاهرة ريتشاردونى على مواقف طنطاوى داخل مجلس الوزراء من تلك الإصلاحات التى طرحها الحزب الوطنى وكبار لجنة السياسات بقوله: «فى مجال الإصلاح: عارض طنطاوى داخل مجلس الوزراء -الذى يحتل فيه ثقلا مؤثرا– كلا من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، معتبرا أنها تمثل تآكلا لسلطة الدولة المركزية.
والرجل معنى إلى حد بعيد بالوحدة الوطنية، وعارض المبادرات السياسية التى رأى أنها تدعو للانقسام السياسى والدينى داخل المجتمع المصرى، ففى خطاب ألقاه فى التاسع من مارس، قال طنطاوى: إن واحدة من مهام القوات المسلحة هى حماية الشرعية الدستورية، والاستقرار الداخلى، فى إشارة إلى رغبته فى استخدام الجيش لكبح جماح الإخوان المسلمين خلال جولة الانتخابات المحلية التى ستعقد فى التاسع من أبريل.
أما على الصعيد الاقتصادى، فطنطاوى يؤمن بأن خطط الإصلاح الاقتصادى المطروحة فى مصر ستؤدى إلى عدم الاستقرار الاجتماعى، حيث تقلل من قدرة الحكومة على السيطرة على الأسعار والإنتاج. وكذلك يعارض طنطاوى أى صورة من صور المشروطية التى قد تفرض على المساعدات العسكرية تحت ذريعة حقوق الإنسان أو أى ذريعة أخرى. فقبل هذا العام، أوضح قناعته بأن المساعدات العسكرية مقدسة لا تمس، ونظر إلى المساعدات الاقتصادية باعتبارها شريحة من شرائح الحماية فى مواجهة أى احتمال لتخفيض المساعدات العسكرية. وأتوقع أن يعارض وضعنا شروطا على المساعدات العسكرية، معتبرا ذلك خطوة معيقة. كما سيلح فى تأكيد أن الجيش لا يقف وراء انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر، مشددا على أن وضع الكونجرس شروطا على المساعدات العسكرية فى ضوء هذه القضية سيكون خطأً.».
ويختتم ريتشاردونى برقيته بتوصية حادة، يصف فيها طنطاوى وطريقته قال فيها: «على المفاوضين فى واشنطن أن يستعدوا لمقابلة طنطاوى الرجل العجوز المقاوم للتغيير. الذى رغم جاذبيته وهيبته لم يزل متقيدا بالنهج العسكرى فى ما بعد اتفاقية كامب ديفيد، والذى خدم المصالح الضيقة لأنصاره عبر العقود الثلاثة الماضية. هو ومبارك يركزان على استقرار النظام، والإبقاء على الوضع الراهن، إلى أن ينتهى عصرهما.
ببساطة ليس لديهما لا الطاقة، ولا الرغبة، ولا يحملان الرؤية العالمية التى تجعلهما يفعلان أى شىء على نحو مختلف. ورغم كل هذا، ولصالح مساعدى طنطاوى البارزين، علينا أن نركز فى نقاشاتنا معه على المستقبل، وعلى كيفية تفعيل شراكة استراتيجية فى وقت نواجه فيه معا تحديات هذا المستقبل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.