دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية وخبيرة في العلاقات الدولية منذ فترة طويلة دخل السودان في موجة من الاحتجاجات ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير في 19 ديسمبر 2018 وكانت بسبب زيادة الأسعار وغلاء المعيشة وتدهور حال البلد على كلّ المستويات وهو الوضع الذي لم يتحمله العديد من الشعب السوداني، وقد ترتب على ذلك أن شهدت هذه الاحتجاجات السلميّة رد فعل عنيفا من قِبل السلطات التي استعملت مُختلف الأسلحة في تفريقِ المتظاهرين، وظل الرئيس البشير في السلطة. منذ فترة طويلة دخل السودان في موجة من الاحتجاجات ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير في 19 ديسمبر 2018 وكانت بسبب زيادة الأسعار وغلاء المعيشة وتدهور حال البلد على كلّ المستويات وهو الوضع الذي لم يتحمله العديد من الشعب السوداني، وقد ترتب على ذلك أن شهدت هذه الاحتجاجات السلميّة رد فعل عنيفا من قِبل السلطات التي استعملت مُختلف الأسلحة في تفريقِ المتظاهرين، وظل الرئيس البشير في السلطة. إلى أن قامت ثورة الجزائر في 22 فبراير 2019 والتي رفض فيها الجزائريون ترشح الرئيس بوتفلقية لولاية خامسة كما طالبوا باستقالة الحكومة والانتقال إلى فترة انتقالية واستمرت الثورة إلى أن أعلن الرئيس بوتفليقة عدم ترشحه للانتخابات وتأجيل الانتخابات ثم أعلن استقالته يوم 2 أبريل. هذا ما دفع إلى اندلاع الثورة إلى أن قامت ثورة الجزائر في 22 فبراير 2019 والتي رفض فيها الجزائريون ترشح الرئيس بوتفلقية لولاية خامسة كما طالبوا باستقالة الحكومة والانتقال إلى فترة انتقالية واستمرت الثورة إلى أن أعلن الرئيس بوتفليقة عدم ترشحه للانتخابات وتأجيل الانتخابات ثم أعلن استقالته يوم 2 أبريل. هذا ما دفع إلى اندلاع الثورة في السودان مرة ثانية في 11 أبريل، وقد انبثق عن الاحتجاجات تحالف قوى الحرية والتغيير، وشكل مجلسا قياديا للتفاوض مع المجلس العسكري حول الخلافات بينهما والتي تتمثل في التالي: طول الفترة الانتقالية ومستوى التمثيل في المجلس السيادي بين المدنيين والعسكريين وصلاحيات السلطة التنفيذية والإعلان الدستوري، وقد تلقى تحالف الحرية والتغيير من المجلس العسكري وثيقة هياكل واختصاصات وسلطات الفترة الانتقالية كما قدم قوى التحالف والتغيير رؤية متكاملة للفترة الانتقالية أيضا. يمكن القول بأن هناك عددا من الملاحظات على كلتا الثورتين: 1- إن كلتا الثورتين تعكس ميراثا من رفض استمرار الحكم العسكري في كلا البلدين، ومن ثم يعكس رغبة الثوار في تسليم الحكم لمدنيين. 2- إن ثمة مقاومة من المؤسسة العسكرية في كلتا الدولتين حول تسليم الحكم بشكل كامل للمدنيين، منها عدم وجود ثقة من العسكريين تجاه المدنيين فضلا عن رغبة المؤسسة العسكرية التي تحكم منذ عشرات السنوات في البقاء أو المشاركة في الحكم. 3- رغم حدوث عدد من الثورات في المنطقة العربية والتي تباينت فيها نهاية كل ثورة، إلا أن الثوار في كلتا الدولتين لم يخرجوا بدروس مستفادة، خاصة أن النتيجة اختلفت من دولة لأخرى، ففي تونس ومصر استولى التيار الإسلامي على الحكم، وبعدما تبين أنه إقصائي ولا يرضى بشريك في الحكم معه سواء من العسكريين أو المدنيين، ثارت الشعوب عليهم مرة ثانية، وتم تنحية جماعة الإخوان نهائيا في مصر، وكان ذلك سبب حدوث نهضة جديدة في مصر بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، والذي كان يشغل منصب وزير الدفاع، وبالتالي ارتضى الشعب المصري أن يحكمه حاكم بخلفية عسكرية، في حين في تونس تم السماح للإخوان بالمشاركة في الحكم بشكل غير معلن تارة وبشكل معلن تارة أخرى، وهذا هو سبب عدم الاستقرار الذي تشهده تونس حتى الآن، وحدوث عمليات إرهابية لإرهاب الشعب والنظام للحصول على مزيد من الامتيازات في الحكم. 4- إن هناك ثورات انتهت بحرب أهلية مثل سوريا واليمن، وحرب ضد الإرهابيين كما هو الحال في ليبيا، وقد وصلت هذه الثورات إلى هذه النتيجة بسبب الدور الذي قامت به الجماعات المتأسلمة والتي ترغب في إسقاط الأنظمة القائمة شريطة أن تتولى هي الحكم وهذا بدعم وتمويل إقليمي ودولي. 5- يمكن استنتاج إن إطالة فترة الثورة يعطي للجماعات المتأسلمة الداخلية الفرصة للتواصل مع القوى الإقليمية والدولية لتلقى التعليمات والتمويل الذي تحتاجه لقلب المعادلة رأسا على عقب، وبالشكل الذي يوفر عدم الاستقرار في الدولة تمهيدا لتقسيمها كما حدث في العراقوسوريا وفي الطريق باقي الدول العربية. إن حالة المثالية الثورية في العديد من الدول يجب أن تأخذ في اعتبارها أن ثمة واقعا يفرض نفسه يتمثل في القوى والإثنيات والعرقيات المختلفة في كل دولة، والتي تختلف في رؤيتها لشكل الدولة وسعيها للحصول على جزء من السلطة ومن المنافع بالدولة، فضلا عن مصالح الدول الإقليمية والدولية أيضا، والتي تجني أموالا طائلة من تجارة السلاح والمخدرات والاتجار في البشر والأعضاء البشرية التي تكون مصاحبة للحروب، فضلا عن المصالح الاقتصادية والنفوذ السياسي التي تحققها هذه الدول. ومن ثم فإن رفض مشاركة المؤسسات العسكرية في الحكم، وهي المؤسسات التي تدفع ثمن عدم الاستقرار لأنه يتم الزج بها في الحروب الأهلية أو الإقليمية للنيل من تماسكها، أصبح أمرا مخالفا للواقع الذي نعيشه الآن، وبالتالي باتت مشاركة المؤسسات العسكرية في الحكم في هذه الفترة أمرا ضروريا نظرا للتهديدات والمخاطر التي تحيط بالمنطقة، لأن بديل هذه المؤسسات يتمثل في قوى مدنية غير مؤهلة كما في السودان ولذا طالبت بمد الفترة الانتقالية لأربع سنوات وهي فترة طويلة جدا، ولكنها تريد من وراء ذلك ترتيب وتنظيم نفسها لتكون مستعدة للحكم، أيضا العداء الذي يوجهه الثوار في الجزائر للمؤسسة العسكرية سوف يكون من نتيجته تشويه المؤسسة وانقسام مجتمعي بينها وبين الشعب كما حدث في فترة من الفترات في مصر، وبالتالي الثقة في المؤسسات العسكرية مطلوبة في هذه الفترة المهمة التي تمر بها المنطقة، إلى أن تستقر المنطقة ويتم تشكل أحزاب سياسية قادرة على تداول السلطة بشكل لا يرتبط بقوى إقليمية أو دولية، أي أننا بحاجة لحياة سياسية ناضجة حتى ينتقل الحكم إلى المدنيين بسلاسة وهدوء وثقة بين كل مؤسسات الدولة.