كان العمال المصريون أشد الطبقات الاجتماعية معاناة من الأزمة الاقتصادية التى تفجرت فى نهاية العشرينيات وامتدت آثارها إلى مصر حتى كانت الضربة القاضية لهم بقرار تعويم الجنيه مع صدور القانون رقم 47 لسنة 1978 الخاص بموظفي الحكومة والعاملين بالقطاع الإداري كان أجر العامل في الدرجة السادسة 30 جنيها، والعلاوة الدورية أو السنوية جنيها ونصف، أي أن العلاوة كانت تمثل 5% من الأجر الشامل، وكان أجر خريج الجامعة الدرجة الثالثة 43 جنيها، بعلاوة ثلاثة جنيهات بما يعادل 7%. ومع مرور السنوات صدر القانون رقم 12 لسنة 2003 المعروف باسم قانون العمل الموحد الذي حدد العلاوة الدورية ب7% من الأجر، ومتوسط أجر العامل بلغ 1500 جنيه، ومن ثم كان من المفترض أن تكون العلاوة الدورية 105 جنيهات بالإضافة إلى علاوة غلاء المعيشة المرتبطة بنسبة التضخم. موجة غلاء كان العمال المصريون أشد الطبقات الاجتماعية معاناة من جراء الأزمة الاقتصادية التى تفجرت فى العالم الرأسمالي مع نهاية عشرينيات القرن الماضي، وامتدت آثارها إلى مصر، ودفعت تلك الأزمة العمال إلى إعادة تنظيم نقاباتهم وممارسة العمل الجماعي فى مواجهة رأس المال، فقد أدت السياسة التى انتهجتها الحكومة موجة غلاء كان العمال المصريون أشد الطبقات الاجتماعية معاناة من جراء الأزمة الاقتصادية التى تفجرت فى العالم الرأسمالي مع نهاية عشرينيات القرن الماضي، وامتدت آثارها إلى مصر، ودفعت تلك الأزمة العمال إلى إعادة تنظيم نقاباتهم وممارسة العمل الجماعي فى مواجهة رأس المال، فقد أدت السياسة التى انتهجتها الحكومة المصرية لمواجهة الأزمة الاقتصادية إلى وقوع موجة من الغلاء الفاحش أثقلت كاهل المستهلكين، خاصة الطبقات الفقيرة فى المجتمع. إذ أدت السياسة الجمركية التى فرضتها الحكومة فى فبراير 1930 إلى رفع أسعار الكثير من السلع الضرورية وحرمان المستهلك من الحصول على هذه السلع من الأسواق الخارجية بالأسعار الهابطة التى خلقتها الأزمة الاقتصادية العالمية، كما فتحت المجال أمام المنتجين والتجار المصريين، خاصة فى مجال السلع الاستهلاكية لفرض الأسعار العالية والتلاعب بها بالتخزين والاحتكار الضار بالمستهلكين. 18 قرشًا حدا أدنى للأجر وفى نفس الوقت ترتب على الأزمة الاقتصادية انخفاض شديد فى معدلات الأجور، إذ يتضح من تقرير هارولد بتلر، مساعد مدير مكتب العمل الدولي عن حالة العمل والعمال فى مصر الصادر في مارس 1932 أن الأجر اليومى للعامل غير الفني، كان يتراوح بين 7 قروش و12 قرشًا، بينما كان أجر العامل الفني يترواح بين 20 – 30 قرشًا، وأجر العامل الحرفي يتراوح ما بين 6 – 8 قروش يوميًا، وبلغ أجر الحدث خمسة قروش أسبوعيًا. وفي الخمسينيات زاد الأجر قليلا مع ارتفاع الأسعار، ووصل الحد الأدنى للعامل إلى 18 قرشًا لليوم الواحد (ما يوازي 5.5 جنيه شهريًا)، وفي ذلك الوقت قدرت مصلحة الإحصاء أن ما يلزم الأسرة المكونة من 4 أفراد من طعام وكساء لا يقل عن 439 قرشًا في الشهر، ما يعني أن الغالبية العظمى من العمال كانوا يعيشون تحت الحد الأدنى للكفاف بفرق كبير. أضف إلى ذلك تعرض عمال الصناعة والمرافق العامة للبطالة نتيجة الانكماش الاقتصادى الذى صاحب الأزمة وما ترتب عليه من تخفيض حجم العمالة فى تلك المؤسسات. كارثة التعويم في المقابل جاء قرار تعويم العملة المحلية وتحرير سعر صرف الدولار في منتصف 2016 ليترك تداعيات سلبية على العامل المصري الذي أكل الغلاء أجره اليومي، ولم يعد قادرًا على إتمام الشهر دون أن يقترض ليوفي احتياجاته وأسرته، وكشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن المتوسط العام لساعات العمل الأسبوعية فى مصر يبلغ 45 ساعة، فيما يبلغ المتوسط العام للأجر اليومى 78.7 جنيه (ما يعادل 2400 جنيه شهريًا). وكان الجنيه المصري في الثلاثينيات والأربعينيات عبارة عن سند لقيمته من الذهب، وكما هو معلوم لدارسي الاقتصاد أن هذه القاعدة لم يصبح لها وجود الآن، ثم إن أجر العامل المصري كان قرشين في اليوم، وبالتالي كان امتلاك الجنيه حلمًا صعب المنال، ولكن قيمته الشرائية كانت عالية، ولكن بعد قرار التعويم تراجعت قيمته بصورة كبيرة أمام الدولار، فالتهمت الأسعار التي أصابها الجنون كل ما تبقى في جيب المواطن المصري. وفى نفس الوقت يعبر العمال عن سخطهم بإصرار أكثر من ذى قبل، وتتحدث بعض الصحف عن سوء أحوال مساكن العمال، وأجورهم الضئيلة وظلم المقاولين والمستثمرين وأصحاب الشركات لهم ومطالبة الحكومة بالقيام بعمل سريع من أجل إنصافهم، ووعود رئاسية بزيادة الحد الأدنى لأجور جميع العاملين بالدولة المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية من 1200 إلى ألفي جنيه. والأجر العادل للعامل، وبغض النظر عن الخلاف حول تحديده من مفهوم اقتصادي، حسب حيثيات حكم القضاء الإدارى الصادر العام الماضي بإلزام الدولة بوضع حد أدنى للأجور فى المجتمع يجب أن يضمن الحياة الكريمة للعامل ولأسرته التي يعولها، فكل من يعمل يجب أن يعيش حياة كريمة هو وأسرته من عائد عمله بمراعاة قيمة العمل الذي يقوم به وبما يتناسب مع الظروف الاقتصادية للمجتمع، وإن اختلت هذه المعادلة فإن ذلك يكشف عن خلل اقتصادي واجتماعي. الأجر العادل ومن ثم فلا سبيل إلى تحقيق الأجر العادل إلا بضمان حد أدنى لأجور العمال، فالعامل هو الطرف الضعيف في علاقة العمل وحمايته واجبة، الأمر الذي يستلزم ضمان حد أدنى للأجور، لا يجوز أن يقل عنه أجر أى عامل ويضمن الحياة الكريمة للعامل ويتناسب مع ظروف المعيشة والارتفاع المستمر فى أسعار السلع والخدمات. وأن يحدد الحد الأدني للأجور التي يجب أن يتقاضاها العمال بمراعاة نفقات المعيشة وبما يحقق التوازن بين الأجور والأسعار، ولم يرخص المشرع للمجلس المشار إليه الامتناع عن تحديد الحد الأدنى للأجور، ولا يجوز له أن يمتنع عن مباشرة هذا الاختصاص، وهو مناط وعلة إنشائه وإلا كان معطلاً لحكم الدستور.