تحيي منظمة الصحة العالمية في السابع من أبريل يوم الصحة العالمي لعام 2019 تحت شعار "التغطية الصحية الشاملة" وتنظيم حملات صحية لضمان حصول الجميع على الخدمات الصحية اللازمة تحث الحملة دول العالم على تحقيق التغطية الصحية الشاملة على أن تأخذ في حسبانها عدة عوامل، منها: إقامة نظام صحي فعال، وإنشاء نظام لتمويل الخدمات الصحية، وإتاحة الأدوية والتكنولوجيات الأساسية، وتهيئة كادر من العاملين المدربين جيدا وإدراك احتياجات الناس فيما يتعلق بالرعاية الصحية، خاصة على مستوى الرعاية الأولية وتمثل الحملة فرصة لوزراء الصحة وغيرهم من متخذي القرارات الحكومية للالتزام باتخاذ إجراءات لسد الفجوات الكائنة في التغطية الصحية الشاملة في بلدانهم، وكذلك تسليط الضوء على التقدم الذي أحرز بالفعل. تأتي التغطية الصحية الشاملة على رأس قائمة أهداف منظمة الصحة العالمية، والعامل الأساسي في تحقيقها هو ضمان حصول الجميع على الرعاية التي يحتاجون إليها، عندما يحتاجون إليها، بحيث تقدم إليهم في المكان نفسه الذي يعيشون فيه. ورغم أن العديد من بلدان العالم تحرز تقدما ملموسا في مجال الرعاية الصحية الشاملة، فإن تأتي التغطية الصحية الشاملة على رأس قائمة أهداف منظمة الصحة العالمية، والعامل الأساسي في تحقيقها هو ضمان حصول الجميع على الرعاية التي يحتاجون إليها، عندما يحتاجون إليها، بحيث تقدم إليهم في المكان نفسه الذي يعيشون فيه. ورغم أن العديد من بلدان العالم تحرز تقدما ملموسا في مجال الرعاية الصحية الشاملة، فإن هناك ملايين البشر لا يزالون محرومين من أي فرصة للحصول على الرعاية الصحية. ويضطر ملايين آخرون إلى الاختيار بين الإنفاق على الرعاية الصحية من جانب وسائر الاحتياجات اليومية، من الجانب الآخر. بلا خدمات صحية وتشير الإحصائيات العالمية إلى أنه ما زال هناك نحو 400 مليون شخص بواقع واحد من كل 17 من سكان العالم يفتقرون إلى الخدمات الصحية الأساسية. وفي تقرير لها أشارت منظمة الصحة العالمية "WHO" أنه في سبيل الوصول إلى تغطية صحية شاملة ينبغي بداية أن تركز الدول على تغطية السكان بالخدمات الجيدة الضرورية، وعلى الحماية المالية من المدفوعات المباشرة الكارثية سواء بسواء، وينبغي إيلاء اهتمام خاص لأشد الفئات حرماناً، مثل أكثر الناس فقراً أو من يعيشون في مناطق ريفية نائية. ويكشف التقرير بشأن النفقات الصحية العالمية عن تصاعد سريع في مسار الإنفاق العالمي على قطاع الصحة، وهو ما يتضح بشكل خاص في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث يتنامى الإنفاق على قطاع الصحة بنسبة 6% في المتوسط سنوياً مقارنةً بنسبة 4% في البلدان المرتفعة الدخل. ويتألف الإنفاق على قطاع الصحة في الإنفاق الحكومي، والمدفوعات من الأموال الخاصة (حيث يدفع الناس مقابل ما يحصلون عليه من رعاية)، ومصادر مثل التأمين الصحي الطوعي، والبرامج الصحية التي توفرها جهات العمل، والأنشطة التي تمارسها المنظمات غير الحكومية وتوفر الحكومات نسبة 51% في المتوسط من إنفاق البلدان على قطاع الصحة، بينما تأتي نسبة تتجاوز 35% من الإنفاق على قطاع الصحة في كل بلد من النفقات من الأموال الخاصة، ويؤدي ذلك إلى عواقب من بينها دفع 100 مليون شخص إلى دائرة الفقر المدقع سنوياً. استثمروا في الصحة ويسلط التقرير الضوء على اتجاه تصاعدي في التمويل العام المحلي لقطاع الصحة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، مع تراجع التمويل الخارجي في البلدان المتوسطة الدخل، ويشهد الاعتماد على النفقات من الأموال الخاصة انحساراً في أنحاء العالم، وإن كان ذلك بمعدلات بطيئة. "الإنفاق على الصحة استثمار في سبيل الحد من الفقر".. يقول الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الذي أوضح أن زيادة الإنفاق المحلي أمر ضروري لتحقيق التغطية الصحية الشاملة وبلوغ أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة، وإيجاد الوظائف، وزيادة الإنتاجية، وتحقيق نمو اقتصادي شامل، وإقامة مجتمعات تنعم بقدر أكبر من الصحة والأمان والإنصاف. وقد تضاعف نصيب الفرد من الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة في البلدان المتوسطة الدخل منذ عام 2000، حيث يبلغ مقدار ما تنفقه الحكومات على قطاع الصحة في الشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل 60 دولاراً أمريكياً لكل شخص في المتوسط، وما يناهز 270 دولاراً أمريكياً لكل شخص في الشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل. ضعف الإنفاق الصحي وتشير البيانات الأخيرة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط إلى أن أكثر من نصف الإنفاق على قطاع الصحة يخصّص للرعاية الصحية الأولية، إلا أن أقل من 40% من مجمل الإنفاق على الرعاية الصحية الأولية يأتي من الحكومات. ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي إضافة 40 مليون فرصة للعمل في قطاع الصحة حسب التقديرات بحلول عام 2030 نتيجة للطلب المتنامي على العاملين الصحيين. ومن الضروري أن يوظف القطاعان العام والخاص الاستثمارات في تثقيف العاملين الصحيين وفي إنشاء مناصب ممولة وشغلها في قطاع الصحة واقتصاد الصحة. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2018 ، إلى أنه في الوقت الحالي ينتشر في جميع البلدان التشخيص غير الدقيق، أو الأخطاء في الأدوية، والعلاج غير الملائم أو غير الضروري، أو المرافق أو الممارسات السريرية غير الكافية أو غير الآمنة، أو مقدمي خدمات الرعاية الذين يفتقرون إلى ما يكفي من التدريب والخبرة. أوضاع صحية سيئة وأما أسوأ الأوضاع، ففي البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل، حيث يتوقع 10% من المرضى المقيمين في المستشفيات أن يصابوا بالعدوى خلال فترة إقامتهم مقارنةً بنسبة 7% في البلدان المرتفعة الدخل رغم سهولة توفير وسائل تجنب العدوى المكتسبة في المستشفيات من خلال تحسين النظافة الشخصية وتحسين ممارسات مكافحة العدوى والاستخدام الملائم لمضادات الميكروبات. وفي الوقت نفسه، يُصاب واحد من كل عشرة مرضى في أثناء العلاج الطبي في البلدان المرتفعة الدخل. وهذه ليست سوى بعض الخطوط العريضة الواردة في تقرير تقديم خدمات صحية جيدة- حتمية عالمية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة. ويسلط التقرير الضوء أيضا على أن المرض المرتبط بانخفاض جودة الرعاية الصحية يكلف الأسر والنظم الصحية نفقات إضافية. الجودة الغائبة وترسم النتائج الرئيسية الأخرى الواردة في تقرير منظمة الصحة العالمية صورة لقضايا الجودة في الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم فيما يلي ملامحها الرئيسية: لم يتمكن العاملون في مجال الرعاية الصحية في سبع بلدان إفريقية من البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل من إجراء تشخيصات دقيقة إلا في حدود تتراوح بين ثلث وثلاثة أرباع المرات، واتبعت المبادئ التوجيهية السريرية للحالات المشتركة بنسبة تقل عن 45% من المرات في المتوسط. ثماني بلدان ذات معدلات وفيات مرتفعة أجريت فيها الأبحاث في منطقة البحر الكاريبي وإفريقيا توصلت إلى أن خدمات صحة الأم والطفل الفعالة الجيدة أقل انتشاراً بكثير مما هو مقترح، وحازت نسبة تبلغ 28% فقط من الرعاية السابقة للولادة، و26% من خدمات تنظيم الأسرة، و21% من رعاية الأطفال المرضى في جميع هذه البلدان. إقرأ أيضًا: «الصحة العالمية» تدعو لزيادة «ضرائب التدخين»: يقتل إنسانًا كل 6 ثوانٍ كما يرجع نحو 15% من إنفاق المستشفيات في البلدان المرتفعة الدخل إلى الأخطاء في الرعاية أو إصابة المرضى في أثناء وجودهم في المستشفيات. 3 خطوات لتحسين الرعاية وتحدد المنظمة العالمية الثلاث الخطوات التي على الحكومات وجهات تقديم الخدمات الصحية والعاملين بها، جنباً إلى جنب مع المواطنين والمرضى، اتخاذها لتحسين جودة الرعاية الصحية بأن تتولى زمام القيادة برسم سياسات ووضع استراتيجيات وطنية قوية تتعلق بجودة الرعاية الصحية. وينبغي للعاملين في مجال الرعاية الصحية أن يعتبروا المرضى شركاء وأن يلتزموا بتوفير البيانات واستخدامها لإثبات فعالية الرعاية الصحية ومأمونيتها. وينبغي أن تركز النظم الصحية على تقديم الرعاية الملائمة وعلى التجربة التي يمر بها المستفيد منها من أجل ضمان الثقة في النظام. وينبغي تمكين المواطنين وإطلاعهم على المعلومات اللازمة من أجل أن يشاركوا مشاركة فعالة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالرعاية الصحية، وفي تصميم نماذج جديدة للرعاية لتلبية احتياجات مجتمعاتهم المحلية.