ناقد رياضي أعجبني حماس الدولة لعلاج فيروس سي وأعجبني أكثر تفاعل الناس معها وحرصهم على المشاركة فيه بدافع الاطمئنان على صحتهم وسعيهم للبحث عن حياة أفضل بعيدا عن كرب المرض وغمِّ وهمِّ البحث عن العلاج، والذي بات يؤرقهم أكثر من أرق البحث عن لقمة العيش، فصحيح في بلدنا أنْ لا أحد يموت من الجوع، ولكنْ هناك كُثر يموتون كمدًا وألمًا لأنهم لا يقدرون على تكلفة العلاج. أعجبني حماس الدولة لعلاج فيروس سي وأعجبني أكثر تفاعل الناس معها وحرصهم على المشاركة فيه بدافع الاطمئنان على صحتهم وسعيهم للبحث عن حياة أفضل بعيدا عن كرب المرض وغمِّ وهمِّ البحث عن العلاج، والذي بات يؤرقهم أكثر من أرق البحث عن لقمة العيش، فصحيح في بلدنا أنْ لا أحد يموت من الجوع، ولكنْ هناك كُثر يموتون كمدًا وألمًا لأنهم لا يقدرون على تكلفة العلاج. وعن نفسي أرى أي محاولة لإصلاح حياة الناس أمرًا محمودا وعظيما، ولكن الأهم حتى نجتث الأمراض المستوطنة في أجسادنا وحياتنا أن نستأصل السرطان الذي دمر خلايانا وأكل لحمنا ونهش عظامنا وأصابنا بالفشل الكلوي والعصبي والنفسي وأفشل كل محاولة للإصلاح والتغيير، إنه "الفساد".. هذا هو المرض الخبيث الذي يحتاج إلى حملات وعن نفسي أرى أي محاولة لإصلاح حياة الناس أمرًا محمودا وعظيما، ولكن الأهم حتى نجتث الأمراض المستوطنة في أجسادنا وحياتنا أن نستأصل السرطان الذي دمر خلايانا وأكل لحمنا ونهش عظامنا وأصابنا بالفشل الكلوي والعصبي والنفسي وأفشل كل محاولة للإصلاح والتغيير، إنه "الفساد".. هذا هو المرض الخبيث الذي يحتاج إلى حملات قومية وليس لحملة منفردة وأمصال قوية، يحتاج إلى مشرط ويد طبيب جراح ينزع الورم من جذوره. فالفساد لم يعد في مجموعة أو فئة أو طبقة دون أخرى، الفساد صار أسلوب حياة.. منتشرا فينا أضعاف فيروس سي وكل الفيروسات الوبائية، عندما وجد الناس أن نخبتهم ونجومهم يمرحون في الفساد وبعضهم يتباهى به ويهربون من العقاب ولا يجدون من يردعهم أو يلومهم فرفعوا هم شعار: "أنا عايز أعيش" وهو الشعار الذي قتل الضمير في نفوس الضعفاء فسقطت المعايير واختلت موازين القياس. وحتى أقرِّب لكم الصورة ولا يكون كلامي منفوخا بالألفاظ والشعارات وحتى نوثّق شكل الفساد الظاهر تعالوا نتحدث عن الوسط الرياضي الذي أدعي أنني غائص في أعماقه وأشم رائحته الكريهة. قبل يومين تقدم رئيس اتحاد الكرة الألماني راينهارد جريندل باستقالته من منصبه بعد أن كشفت الصحافة النقاب عن تلقيه (ساعة يد) قبل عام ونصف العام وُصفت بأنها باهظة الثمن (6 آلاف يورو) من رجل أعمال ومسئول كرة قدم أوكراني. وقال رئيس الاتحاد الألماني في بيان استقالته: "أعتذر.. كل من يعرفني يعلم أنني لست جشعا.. -ثمن الساعة كان ستة آلاف يورو- لم أكن أعرف طراز الساعة أو قيمتها وقتها، لا توجد مصالح تجارية للسيد سوركيس مع الاتحاد الألماني ولم يطلب مني أبدا قبل أو بعد هذا الأمر أي نوع من الدعم". تصوروا! ساعة ثمنها ستة آلاف يورو فقط وأهديت من عام ونصف وصفتها الصحافة الألمانية بأنها (فضيحة حول هدية فاخرة) أما في مصر فهناك رئيس ناد وأعضاء مجلس إدارته حصلوا على ساعات روليكس، ثمن الواحدة منها 30 ألف دولار ثم زادوا على ذلك وحصل أربعة أعضاء منهم على ساعات ماركة كوستانتين بورشيرون ثمن الواحدة 80 ألف دولار، وفي المقابل مُنح صاحب الهدايا والعطايا منصبا شرفيا كبيرا. إلا أن هذا الفعل المجرم أخلاقيا في دول أوروبا لم يحرك ساكنا في بلادنا، ولم تتوقف عنده الصحافة والإعلام، ولم يشعر مرتكبو هذا الجرم بالذنب ولو للحظة، بل ما زالوا يتحركون بحرية ويتحدثون عن المبادئ والأخلاق والقيم، فأي مثل سيئ يعطيه هؤلاء للناس؟! ولماذا نلوم على موظف غلبان مرتبه ألفا جنيه أو نعاقبه لأنه تلقى مئة جنيه رشوة لإنهاء مصالح الناس بينما هناك أصحاب ملايين الجنيهات يتلقون الهدايا في العلن ولا يحاسبهم أحد؟! وعلى سبيل إيضاح التناقض فالإخوة الألمان الذين لا يؤمنون بالإسلام يفعلون ما أمر به من مكارم الأخلاق بينما نحن، المسلمين، نتجاهل ونطمس ما قاله سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، عندما قام أحد العاملين على جمع الزكاة والصدقات فقال هذا لبيت المال وهذا أُهدي لي.. فاستثار الموقف رسول الله وصعد المنبر وقال: "هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر هل يُهدَى له أم لا؟". بالفعل لو أن أعضاء هذا النادي جلوسٌ في منازلهم هل كانوا سيحصلون على هذه الهدايا باهظة الثمن؟! لكن المصيبة الكبرى -كما أراها- ليست فيمن استحل لنفسه هذه الهدايا، بل في المجتمع الذي أقر هذا الاستحلال ولم يعاقبهم، والصحافة التي لم تفضح جرمهم بل غضت بصرها في خجل، والناس التي غفرت لهم (ولحست) كل صراخها عن الفاسدين، وهذا يكشف لنا إلى أي حد يجري الفساد في بعضنا كجريان الدم في العروق، أفلا يستحق هذا حملة قومية ويدًا باطشة تضرب بلا رحمة؟! وأذهب بكم إلى نوع آخر من الفساد، وهو الجاري على قدم وساق في اتحاد الكرة، فساد يجب أن يؤرخ له ويكتب باسم أصحابه الأفذاذ الذين اخترعوه وغيّروا به معايير الفساد في العالم، فالقاعدة المتفق عليها في الدول على اختلاف أنظمتها الرأسمالية والاشتراكية والليبرالية والديكتاتورية تقضي بعدم تولي أي شخص منصبا عامًّا أو خاصا تطوعيا أو بأجر إذا كان هذا المنصب أو العمل يتعارض أو يتشابك أو يتلامس ولو بخصلة شعر مع المؤسسة التي يعمل فيها. ولكن في اتحاد الكرة اخترعوا قاعدة تقول: "اعمل اللي انت عايزه واللي مش عاجبه يضرب راسه في الحيط"، فهناك خمسة من أعضاء اتحاد الكرة يعملون بأجر كبير لدى الشركة الراعية وهؤلاء الذين اؤتُمنوا على أموال الاتحاد ومراقبة أعمال الشركة الراعية ومحاسبتها وتحصيل مستحقات الاتحاد منها هم أنفسهم الذين يذهبون كل شهر ويمدون أيديهم لتقاضي أجورهم عن عملهم لديها. ولا تقف عبقرية الفساد الذي نتعاطاه يوميا عند هذا الحد؛ فالأعضاء الخمسة يتقاضون أجورهم عن عملهم كمذيعين أو محللين في القنوات التي ترعاها الشركة، وهم مكلفون بالدفاع عنها ظالمةً أو مظلومةً، وليس أدل على ذلك من أن الشركة لم تسدد مستحقات الأندية واتحاد الكرة منذ فترة ولم يفتح أحد فمه بكلمة، بينما ألسنتهم كالسكين على أي مسئول أو شخص يطالب بحقه، ولا يستحيون وهم يتحدثون عن القيم والأخلاق والأصول والروح الرياضية عند انتقادهم لإدارات الأندية أو الأجهزة الفنية واللاعبين. وإضافة إلى تضارب المصالح المالية والأخلاقية والأدبية هناك كارثة أخرى يرتكبونها على الماشي يدمرون بها فكرة حياد الإعلام وموضوعيته من جذورها، فمن المفترض أن الإعلام هو الرقيب والحسيب والمراجع لأعمال وقرارات اتحاد الكرة ولكن حالتنا شاذة وأتمنى من الهيئة الوطنية للإعلام، والتي تشهر سيف العقوبة في وجه كل من يخطئ، أن تؤسس للقواعد الحاكمة لهذا العمل الإعلامي، وهي قواعد لن نخترعها، وأولاها حياد المذيع وعدم ارتباطه بمصلحة أو علاقة مع المؤسسات الرياضية، وقد كانت مباراة الزمالك والأهلي الأخيرة، والتي أقيمت فوق سطح "الطين" كاشفة وفاضحة. فالأعضاء الخمسة دون استثناء خرجوا ينتقدون اللاعبين والأجهزة الفنية التي "تعجز عن اللعب في الظروف المختلفة" فأولهم قال: (نعمل إيه إذا كان الحكم شاف الملعب ووافق) والثاني قال: (بدل ما يلوموا على اتحاد الكرة كانوا لبسوا أحذية مطر) والثالث قال: (إحنا داخلين على كأس أمم إفريقية ولازم لاعبونا يلعبوا في كل الأجواء والظروف). المهم أن الخمسة اتفقوا على أمر واحد هو الدفاع عن ملعب استاد برج العرب وإدارته وأنها تحملت الكثير، وهم بخبث يريدون أن يحولوا اتجاه النقد بعيدا عنهم ويلقون بالمسئولية على استاد برج العرب وكأنه هو المسئول عن إقامة المباراة في هذا الظرف المناخي السيئ، فالناس لم تكن تلوم على إدارة برج العرب بل تهاجم من وافق على اللعب على هذه الأرضية المستهلَكة من كثرة لعب المباريات عليها، إلا أن بجاحة أعضاء اتحاد الكرة في تبرير ما حدث لم تقنع الكاف الذي أرسل ثلاثة خطابات واضحة وصريحة وحازمة وقاطعة يطلب ملعبا بديلا لاستاد برج العرب يلعب عليه الأهلي والزمالك في مشاركاتهما الإفريقية. صحيح ما ذكرته كان أمثلة فجة وفاضحة وكاشفة عن الفساد المستشري في الرياضة ولكنها تبقى نقطة في بحر، وللدقة نقطة في وحل يصعب نزحُه إلا إذا كانت هناك إرادة سياسية وتطبيق صارم للقانون على الجميع، من النجم الأسطوري إلى الموظف الصغير في مركز شباب في أقصى صعيد مصر. أقرأ ايضاً بقلم أسامة خليل : دراع الخطيب ولسان رئيس الزمالك.. وأنا وأنت المليون ونصف المليون الذي أفسد فرحة المصريين بكأس العالم السيسي ووزير التعاسة