وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من ميت سلسيل بالدقهلية    رويترز: الذهب العالمي يهبط لأقل مستوى بأسبوعين مع تراجع توقعات خفض الفائدة الأمريكية    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    راشد: تصدر جنوب الجيزة والدقي وأوسيم ومديرية الطرق إنجاز المشروعات بنسبة 100%    «التنمية الصناعية»: طرح خدمات الهيئة «أونلاين» للمستثمرين على البوابة الإلكترونية    قائمة أسعار الأجهزة الكهربائية في مصر 2024 (تفاصيل)    مسؤول روسي: مصرع الرئيس الإيراني يهدد ب"تفاقم الوضع" في الشرق الأوسط    الجيش الأمريكي يعتزم إجراء جزء من تدريبات واسعة النطاق في اليابان لأول مرة    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    "أداء الحكام والجمهور".. ماذا قال مارسيل كولر قبل مواجهة الترجي في النهائي؟    "طرد للاعب فيوتشر".. حكم دولي يحسم الجدل بشأن عدم احتساب ركلة جزاء للزمالك    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    سرقة من نوع جديد "خلي بالك".. ضبط عصابة تستولي على أموال المواطنين بهذه الطريقة    ضبط شخص بأسيوط لتزويره الشهادات الجامعية وترويجها عبر فيسبوك    متى تبدأ إجازة عيد الأضحى 2024 في المملكة؟    كانوا نايمين.. مصرع شقيقين وإصابة والدهم في حريق منزل بالقليوبية    وصول جثمان شقيق مدحت صالح إلى مسجد الحصري    لهذا السبب.. عائشة بن أحمد تتصدر تريند جوجل خلال الساعات الماضيه    هشام ماجد يكشف عن مفاجأة بشأن مسلسل "اللعبة"    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    نقيب المحامين الفلسطينيين: قرار محكمة العدل ملزم لكن الفيتو الأمريكي يمكنه عرقلة تنفيذه    السيدة زينب.. هل دفنت في مصر؟    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا (4)    كرة السلة، الأهلي يواجه الفتح المغربي في افتتاح Bal4    تشافي يستعد للرحيل.. موعد الإعلان الرسمي عن تعاقد برشلونة مع المدرب الجديد    15 دقيقة لوسائل الإعلام بمران الأهلى اليوم باستاد القاهرة قبل نهائى أفريقيا    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    واشنطن تدرس تعيين مسئول أمريكى للإشراف على قوة فلسطينية فى غزة بعد الحرب    ظهرت الآن.. رابط بوابة التعليم الأساسي للحصول على نتيجة الفصل الدراسي الثاني 2024    عاجل.. أنباء عن العثور على آخر ضحايا حادث معدية أبو غالب    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    تجديد ندب أنور إسماعيل مساعدا لوزير الصحة لشئون المشروعات القومية    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    انطلاق امتحانات الدبلومات الفنية غدا.. وكيل تعليم الوادى الجديد يوجه بتوفير أجواء مناسبة للطلاب    «الحج بين كمال الايمان وعظمة التيسير» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    سول تفرض عقوبات ضد 7 أفراد من كوريا الشمالية وسفينتين روسيتين    أمريكا تفرض قيودا على إصدار تأشيرات لأفراد من جورجيا بعد قانون النفوذ الأجنبي    نقيب المحامين الفلسطينيين: دعم أمريكا لإسرائيل يعرقل أحكام القانون الدولي    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    الحج بين كمال الإيمان وعظمة التيسير.. موضوع خطبة اليوم الجمعة    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    التموين تعلن التعاقد علي 20 ألف رأس ماشية    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    وزير الخارجية البحرينى: زيارة الملك حمد إلى موسكو تعزيز للتعاون مع روسيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة أبراج ساويرس
نشر في التحرير يوم 07 - 03 - 2019

كاتب صحفي له العديد من الكتب ودواوين الشعر، وكاتب سيناريو.
اختار أكثر من مليون مواطن النزوح بعيدًا عن العاصمة، طمعًا فى حياة أفضل على كل المستويات الإنسانية والبيئية والاجتماعية، لم يكن النزوح يخص طبقة بعينها، يشهد على ذلك التباين الطبقى الذى يميز مدينة الشيخ زايد من المساكن الشعبية إلى مساكن بنك الإسكان والتعمير، وإسكان الشباب، وعمارات "العرايس"، مرورًا بشقق الطبقة المتوسطة نهاية بالتوين هاوس والدوبلكس والفيلات.
اختار أكثر من مليون مواطن النزوح بعيدًا عن العاصمة، طمعًا فى حياة أفضل على كل المستويات الإنسانية والبيئية والاجتماعية، لم يكن النزوح يخص طبقة بعينها، يشهد على ذلك التباين الطبقى الذى يميز مدينة الشيخ زايد من المساكن الشعبية إلى مساكن بنك الإسكان والتعمير، وإسكان الشباب، وعمارات "العرايس"، مرورًا بشقق الطبقة المتوسطة نهاية بالتوين هاوس والدوبلكس والفيلات.
كان هناك عقد بين الحكومة وهؤلاء النازحين يتضمن شكل المعمار فى هذه المدينة البعيدة، بيوت من ثلاثة طوابق كحد أقصى، مع مساحات خضراء عامة متناثرة، بما يعِد بهواء نظيف وسماء مشمسة وشروط حياة صحية، كان ثمنها أن يقضى الواحد نصف عمره على طريق المحور حتى يصل إلى قلب العاصمة، وهو شرط رضى به الكبار طمعًا فى مستقبل
كان هناك عقد بين الحكومة وهؤلاء النازحين يتضمن شكل المعمار فى هذه المدينة البعيدة، بيوت من ثلاثة طوابق كحد أقصى، مع مساحات خضراء عامة متناثرة، بما يعِد بهواء نظيف وسماء مشمسة وشروط حياة صحية، كان ثمنها أن يقضى الواحد نصف عمره على طريق المحور حتى يصل إلى قلب العاصمة، وهو شرط رضى به الكبار طمعًا فى مستقبل أفضل للأطفال.
ثم حدث أن تم مؤخرًا الإعلان عن بيع وحدات سكنية داخل أبراج شاهقة داخل المدينة، خصص لها مساحة تزيد على 60 فدانًا حديقةً عامةً تخص سكان الأبراج وغير مسموح لأحد غيرهم من سكان المدينة باستخدامها إلا بتذاكر واشتراكات، ليصبح هذا المشروع هو حجر أساس انهيار المدينة وبطلان العقد الذى باعت على أساسه الحكومة للمواطنين بيوتهم.
ارتبط المشروع الجديد باسم المهندس نجيب ساويرس، وكان أن افترضت حسن النية، وكتبت أنه ربط مضلل وغير صحيح، فليس منطقيًّا أن يقع ساويرس، الذى يعرف عنه أنه يدعم الثقافة والفنون والأدب والسينما فى مثل هذا الخطأ، ويعيد تجربة مقاولى السبعينيات الذين دمروا مدينة نصر والمهندسين ومصر الجديدة والحلمية وغيرها بالأبراج، تلك المناطق التى سكنت فيها الناس بعد أن اشترت شكلًا معينًا للمعيشة، ثم هجم بعدها التتار وأفسدوا كل شىء بأبراج جلبت معها الزحام والقمامة وانفجار مواسير الماء إلى آخره، وقلت إن ساويرس شخصية عامة تلعب دورًا ثقافيًّا ما، لا يشبه تلك الجريمة التى يربط البعض بينها وبين اسمه.
ثم اكتشفت أننى مفرط فى الطيبة كشخص اختار أن يعيش بعيدًا عن المدينة فى شقة تطل شبابيكها على مربع من النجيلة تزينه أشكار الفيكس، فالمهندس نجيب ساويرس يتيه فخرًا بهذا المشروع عبر تويتاته ويروج له، متمنيًا من الناس التوفيق، منهيًا كلامه بتوجيه الشكر لرئيس الحكومة على مساعدته فى إتمام المشروع.
والحقيقة حسنًا فعل المهندس ساويرس عندما حدد بالاسم من هو الشخص المسئول عن هذه الكارثة.
فسدت مناطق ومشاريع كثيرة على مدى العقود الماضية دون أن نعرف من المتهم.
صمم المهندس سيد كريم عاصمة الثورة الجديدة فى نهاية الخمسينيات (مدينة نصر)، وهو الذى صمم مدنًا بحجم دبى والكويت وبغداد وغيرها من العواصم العربية، الأمر الذى قد يشرح لك كيف صمم (مدينة نصر)، ومات بحسرته وهو يراها تتحول من بيوت أنيقة هادئة تخضع لتصميم يقوم على جمال ما إلى غابة أبراج عشوائية قاحلة إنسانيًّا، وقبله صمم وزير الأوقاف عبد الحميد باشا عبد الحق مدينة المهندسين، مستعينًا بمهندسين أوروبيين فى نهاية الأربعينيات، ثم انهار الحلم سريعًا وتحول مع أول برج إلى معرض للقبح شكلًا ومضمونًا.
لكن الأمر أصبح سهلًا بعد أن حدد المهندس ساويرس اسم المسئول هذه المرة.
المسئول الذى سيفتح الباب لقوانين جديدة تسمح بالارتفاعات، وعمارات وأبراج شاهقة تتغول فى منطقة صممت مرافقها بحيث تخدم كثافة بشرية بعينها، لتبدأ رحلات أعطال الصرف الصحى وانقطاع المياه وزحام سيارات الصف الثانى والثالث وتعسر القدرة على ملاحقة ضغط القمامة، وبالمناسبة تعيش مدينة الشيخ زايد بشائر هذه المرحلة قبل أن تعلو أبراج ساويرس، راجع حوادث السيارات أمام مول أركان بسبب الزحام، وانقطاع المياه المتكرر مرة بتحذير ومرة بدون، والانهيار الذى بدأ يضرب منظومة نظافة تقوم على صناديق صدئة ملقاة بعرض الشوارع وعمال نظافة يجلسون فى الظل بعد تكويم المخلفات على جنب فى انتظار عاصفة هوائية تنشرها فى كل مكان.
اختار الناس على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية الحياة فى الشيخ زايد بعقد لم تلتزم به حكومة المهندس مصطفى مدبولى، وهو الشخص القادر على أن يشكل فريق عمل يجمع له آراء سكان المدينة حول المشروع الذى يرونه أول خطوة فى التدمير وتشويه منظومة حياة كانت هادئة وبسيطة، عليه أن يراجع تعليقاتهم ليعرف الخوف الذى أصبح سكان المدينة يعيشون فيه بسبب أبراج ساويرس.
لن أتكلم عن غرابة أن تفتح الدولة مطارًا جديدًا (مطار سفنكس)، ثم تبيع بعدها بأيام أراضى لبناء أبراج عالية، وكان أهم ما يمنع تغول العمران فى الشيخ زايد من قبل هو وجود مطار آخر على أطراف المدينة، ومن الواضح أن انشغال الحكومة بالعقارات عطلها عن التفكير فى أى تفاصيل أخرى، ولكن الكلام عن حكومة ضربت أمانة التعاقد مع المواطنين فى مقتل.
هذا المشروع لا يندرج تحت عنوان (المنفعة العامة) التى تسمح للحكومات بتجاهل شكاوى الناس، هو مجرد بيزنس لا يدرك القائمون عليه أنه "مؤذٍ"، وإذا لم يتورط فيه نجيب ساويرس فالشركات الإماراتية والسعودية جاهزة، ما دامت الحكومة بالدف ضاربة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.