صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    فلسطين.. طائرات الاحتلال تنفذ غارات على مخيم البريج وسط قطاع غزة    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    طلاب الشهادة الإعدادية بالإسماعيلية يؤدون امتحان مادتي العلوم والتربية الفنية    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات كثيفة شرقي مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    مندوب مصر بالأمم المتحدة: العملية العسكرية في رفح الفلسطينية مرفوضة    تفاصيل طقس الأيام المقبلة.. ظاهرة جوية تسيطر على أغلب أنحاء البلاد.. عاجل    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    وزير الصحة: 700 مستشفى قطاع خاص تشارك في منظومة التأمين الصحي الحالي    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: لا حلول عسكرية في غزة.. يجب وقف الحرب والبدء بحل الدولتين    مفاجأة.. شركات النقل الذكي «أوبر وكريم وديدي وإن درايفر» تعمل بدون ترخيص    الصحة: منظومة التأمين الصحي الحالية متعاقدة مع 700 مستشفى قطاع خاص    وزير الصحة: العزوف عن مهنة الطب عالميا.. وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    اعرف موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة المنيا    محمود محيي الدين: الأوضاع غاية في التعاسة وزيادة تنافسية البلاد النامية هي الحل    أحمد حلمي يغازل منى زكي برومانسية طريفة.. ماذا فعل؟    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    هل يرحل زيزو عن الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية؟ حسين لبيب يجيب    «بيتهان وهو بيبطل».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على انتقادات الجماهير ل شيكابالا    خط ملاحى جديد بين ميناء الإسكندرية وإيطاليا.. تفاصيل    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    مصطفى أبوزيد: احتياطات مصر النقدية وصلت إلى أكثر 45 مليار دولار فى 2018    7 مسلسلات وفيلم حصيلة أعمال سمير غانم مع ابنتيه دنيا وايمي    سائق توك توك ينهي حياة صاحب شركة بسبب حادث تصادم في الهرم    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    الاحتلال يعتقل الأسيرة المحررة "ياسمين تيسير" من قرية الجلمة شمال جنين    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    وزير الرياضة يهنئ منتخب مصر بتأهله إلي دور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    على باب الوزير    «حماني من إصابة قوية».. دونجا يوجه رسالة شكر ل لاعب نهضة بركان    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«اليوم ب 6 آلاف جنيه».. «جمهورية السايس» تحكم الشارع بالإكراه
نشر في التحرير يوم 29 - 03 - 2018

أعدادهم غير محددة و«تسعيرة الرصيف» تذهب للمرور والحي
وصاحب المول ينتزع الجزء الأكبر.. و«السايس» راتبه 200 جنيه يوميًا
تحولت أرصفة الشوارع المصرية إلى ما يُشبه البيزنس الكبير والسوق السوداء التي لها ملاكها ورجالها المتحكمون فيها والمستفيدون منها عبر ايجاراتها الشهرية وإيرادها اليومي الباهظ الذي يدفعه «السايس» لهم مقابل تأجير الرصيف بعد أن ازداد نشاطهم بشدة عقب أحداث ثورة 25 يناير 2011، لتتحول من مجرد عمل فردي لأحد الأشخاص «يسترزق» منها إلى جماعات منظمة تسيطر على مناطق بالكامل حتى تكونت ما يُسمى ب«جمهورية السايس» التي تحكم الشارع أو «مُلاك الرصيف».
يتحكم أصحاب المولات التجارية الكبرى في ملكية الرصيف أو بعض المسئولين النافذين في الحي أو أفراد من الأمن داخل الإدارة العامة للمرور، و«السايس» وسيط يستأجر الرصيف من أحد الأطراف الثلاثة مقابل مبالغ مالية باهظة تتراوح ما بين 1000 إلى 1500 جنيه يوميًا حسب طبيعة المكان والموقع المجاور، حيث أن شارعًا واحدًا يجاور أي مول تجاري يستطيع أن يستوعب أكثر من 300 سيارة يتم تحصيل 5 جنيهات متوسطًا من كل سيارة لتحقق أرباح 1500 جنيه يوميًا وإذا تم توزيع ذلك علي الشوارع الأربعة المحيطة بالمول يكون العائد التقديري 6 آلاف جنيه يوميًا ليكون الناتج شهريا ما يقرب من 180 ألف جنيه وسنويًا ما يتجاوز 2 مليون جنيه، وهذا أقل تقدير لأن السيارات لا تظل بمكانها طيلة اليوم وإنما تتحرك وتأتي غيرها في نفس المكان.
هنا رصيف مدينة نصر
أصوات صاخبة في كل مكان، وكلاكسات سيارات لا تتوقف، و الزحام شديد والجو حار والطريق شبه متوقف والشلل يصيب الشارع الرئيسي المجاور للمول التجاري الشهير، والرصيف المقابل مُكدس بالسيارات ولا يوجد مكان لأخرى، بينما يبحث صلاح البنهاوي صاحب الستين عامًا عن زبون جديد له يُحصِل من وراءه 10 أو 20 جنيه مقابل «ركن» سيارته على الرصيف في مكان قانوني، ولكن الجميع كان يتهرب منه ويستمر في القيادة بحثًا عن مكان أخر في الجوار.
في مدينة نصر، ترتفع «الفيزيتا» الخاصة بالإنتظار كثيرا عن أي مكان أخر في قلب العاصمة، نظرًا لطبيعة المكان، حيث تبدأ «تسعيرة الرصيف» من 1000- 1500 جنيه يدفعهم السايس كل يوم مقابل إيجار الرصيف من صاحب المول التجاري المجاور حتى يبدأ ممارسة عمله اليومي المعتاد في جمع حصيلة «غلته» من قبل المواطنين، وأصحاب السيارات الملاكي التي «تركن» ساعة أو ساعتين في سبيل التسوق أو الشراء من المول أو ربما تناول القهوة داخل الكافيتريا القريبة من المكان ليجد نفسه مع نهاية اليوم يجمع ما بين 100 و200 جنيه من أصحاب السيارات.
أزمة في «الباركينج»
كثيرا ما تحدث مشاكل يومية متكررة بين «السايس» وبعض المواطنين الذين يعترضون على توجيههم أو الإلحاح عليهم من أجل «الباركينج» في الشارع العمومي الذي لا يملكه أحد، ويكتفون بترك سياراتهم دون إعطاءه مقابل لذلك في حين يهدده أخرون أنهم ضباط جيش أو شرطة حتى لا يطلبون منهم أي أموال أخرى إضافية، ولكن هل تنتهي القضية؟.
لم يتوقف السايس عن تهديد السائقين وأصحاب السيارات بتوقيع المخالفات عليهم حال «الركن» دون إذنه وهو ما يدفع عدد كبير من المواطنين لتحديه والهروب منه، فيفاجئوا بعد ساعات ب «كلبشة» سياراتهم أو وضع مخالفة مرورية على زجاجها وتوقيع الغرامات عليهم دون غيرهم.
في الوقت الذي تنحصر فيه مهمة «السايس» الرئيسية في الشارع في كونه مرشد لقائد السيارة يساعده في ايجاد مكان آمن ل«ركن» سيارته بجوار الرصيف ولا يطلب منهم مبلغًا بعينه، يقول عم صلاح وفي يده فوطة برتقالي صغيرة «دي مسألة أذواق ودي حسنة من ربنا تختلف من زبون لأخر»، بعضهم يمنحه 20 جنيهًا وأخر يعطيه ثلاثون وثالث لا يعطيه إلا ما تبقى في جيبه من «فكه» وأخرون ينصرفون بسياراتهم دون إعطاءه أي شئ ويكتفون بابتسامة صفراء قبل الرحيل.
«تعالى هنا.. ارجع يابيه.. تركني ياهانم، اكسر يمينك كله، فى العدل بقى».. عبارات يومية محفوظة اعتاد على ترديدها (سيد.ف) رجل أربعيني ذو ملامح نوبية سمراء وهو يقف على ناصة الطريق ينادي على أصحاب السيارات المارة والعابرة بالرجوع إلى الخلف وركن سيارتهم على إحدى جانبي الشارع الرئيسي (مكرم عبيد) بمدينة نصر على مقربة من مول «سيتي سنتر» مقابل 5 أو 10 أو 20 جنيه في الركنة الواحدة حتى اكتظ الرصيف بأعداد السيارات الهائلة التي حولت الرصيف إلى ما يشبه ساحة ال «باركينج» والجراج الكبير الذي ساهم في تزايد الزحام بالشارع المصري بصورة كبيرة.
صاحب مول: ايجار الرصيف 6 آلاف جنيه يوميًا
بفوطة صفراء وصافرة تصدر صوتًا منفرًا كان عم محمد الفيومي، يُطوِق السيارات التي تنتظر في الجوار، متنقلا بين سيارات «جنينة مول» و «سيتي سنتر» منذ أكثر من 17 عامًا يتعامل بإحترام مع أصحاب السيارات ولا يطلب منهم مقابل على «الركنة» بل ما تجود به أنفسهم عليه، يشعر بالإنتماء الشديد للرصيف الذي ظل يعمل عليه لما يقرب من عقدين من الزمان بالليل والنهار حتي صار جزءًا من حياته الخاصة التي لا يتصور يومًا ما أن يبعده أحد عن بيته الذي صار مورد رزقه الوحيد حتي أطلق علي نفسه أنه من «مُلاك الرصيف» من شدة تعلقه بالمكان.
يقول الفيومي إن تسعيرة الرصيف ظلت ثابتة خلال السنوات الأربع الأولى، حيث استأجرته من أصحاب المول منذ عام 2000 ب 500 جنيه في اليوم ثم انخفضت «الفيزيتا» إلى 350 جنيهًا في الثلاث سنوات التالية، وصولاً إلي مائتي جنيه يومياً حتى فوجئ قبل أيام بقرار وتصرف غريب من قبل صاحب المول يطردهم من المكان الذي عاشوا فيه أكثر من بيوتهم: «ده أخر يوم لكم في المكان ومش عايز ايجاركم ولا عايزكم تقفوا هنا، أو أشوف وشكم تاني وأنا حر أعمل اللي اعمله وأنا مآجر الرصيف ده ب 6 آلاف جنيه في اليوم علشان الناس تركن هنا».
أباطرة الرصيف
بخوف وترقب شديد وقلة حيلة تحولت حياته بجرة قلم وتبدلت من حال إلى حال بعد أن كان يُحصِل الأموال التي تكفيه وأسرته المكونة من 5 أفراد لم يعد يكفي قوت يومه وحده، وصارت حياته على المحك ومنذ ذلك الحين كان يتم مطاردتهم وحصارهم والتضييق عليهم في الشارع وتسليط أفراد أمن المول التجاري وحرسه الخاص ضدهم لمنعهم من الوقوف في محيط المول حتى يتركوا مكان رزقهم الوحيد، حتى قال لهم في إحدي المرات مهدداً إنه قادر أن يبني جدارًا عازلاً علي الرصيف «جراج عام» لركن السيارات، بدلاً من الأموال الطائلة التي يحصلون عليها هؤلاء السياس من المواطنين بدون مقابل حسبما قال أحد أفراد أمن السنتر.
أمام «جنينة مول» يبدو الأمر أكثر تنظيماً وإدارة، من قبل القائمين على المول التجاري الشهير بمدينة نصر، فملاك الرصيف الأصليين هناك هم محمد محمد جنينة، بالإضافة إلى حي شرق القاهرة الذي يقوم بتأجير الرصيف لصاحب المول الذي يوكل مهمة جمع إيرادات «ركن» السيارات لضابط متقاعد يتقاسم معه الإيراد كل يوم ويقوم بتأجيره ل «السياس» لتدور العجلة من جديد لصالح «السبوبة» التي تتوزع ما بين الحي والمول وأفراد المرور والسايس.
رصيف الحكومة
أمتار قليلة لا تفصل بين «جنينة مول» و «السراج مول» بمدينة نصر، ولكن الرصيف صار يشكو من زحمة الصراعات المادية والاشتباكات الجارية بين أصحاب المولات التجارية والعقارات من ناحية، وبين موظفي الحي وأفراد الداخلية من ناحية أخري، وأوضح مساعد بركات عبدالعزيز، سايس خمسيني يرتدي ملابس مهلهلة وكان يُمسِك بفوطة بالية في يديه أن الرصيف ملك للشعب والحكومة وليس ملكاً لصاحب المول الذي يتحكم في الجميع ويمص دماء كل من يعمل تحت يديه، ويستولي وحده على 45 ألف جنيه شهريًا و300 ألف جنيه سنوياً منا نحن السُياس.
لم يقتصر الأمر على سطوة أصحاب المولات فحسب في تحصيل «الغلة» والإيراد من السياس ولكن دخل بعض الفنانين على خط المواجهة من أجل التربح من وراءها أبرزهم أبناء فنان شهير (و.ن) اصبح المسئول الأول عن جمع إيرادات السيارات التي «تركن» في الشوارع المحيطة بالسراج مول بتعليمات من مدير المول التجاري الشهير وأجر شهري كبير مخصص له، حيث كان يُحصل من 20 سايس منتشرون في محيط المكان أكثر من 2000 جنيه بصورة يومية.
محاضر تسول
«مش عارفين نشتغل، احنا ملاك الرصيف الأصليين ولن نقبل أن يطردنا أحد من بيتنا».. يقول أمير عبدالسلام، أحد أفراد أمن السراج مول الذي أوضح أن الأمر اختلف كثيرا بعد ثورة 25 يناير 2011، خاصة بعد أن كانت الداخلية تمارس سياسة فرض «الإتاوات» علي السياس وتأخذ ما فيه النصيب وإلا حرروا لهم محاضر تسول وفرض سيطرة في الشارع وسايس بدون رخصة وهو ما تكرر أكثر من مرة.
وتشير الأرقام إلى أن عدد المحاضر التى تم تحريرها ضد حراس السيارات المعروفين باسم «السياس» بلغ نحو 169 محضراً و47 محضر بلطجة لمن يجبرون سائقى السيارات على دفع إتاوة وذلك بمدينة نصر خلال عام 2015.
اللافت أيضًا كان في امتهان عدد كبير من الأطفال حديثي السن للعمل ك «سايس» بشكل يومي بالشارع المصري طوال ورديتي عمل مقابل 50 أو 75 جنيهًا ويتحركون على مدار اليوم بين عامودين محددين لكل منهم، وهي ساحة العمل المخصصة لهم داخل الشارع والتي تحتوي على أكثر من 50 سيارة على جانبي الشارع وتوزع على أكثر من «سايس» يديرهم وكيل عن صاحب المول التجاري.
الإيراد حسب الموقع
كما أن نسبة الإيراد تختلف من موقع لأخر في المكان الواحد، حيث تبدأ من 75 جنيها لكل سايس في الشوارع المحيطة بالمول التجاري وتصل إلى 200 جنيه في الشارع المواجه للمول بشكل مباشر ويعمل بها نحو 18 سايس يجمعون ما لا يقل عن 1500 جنيه بصورة يومية.
على مقربة من فندق «انتركونتنتال» الشهير ومول «سيتي ستارز» بمدينة نصر، كان طارق حسب الله، رجل أربعيني يستوقف عدد من السيارات على جانبي المول الشهير وينظم «ركنة» السيارات المترددة على الفندق على مدار عقدين من الزمن ويدفع مائتي جنيه ايجاراً يوميًا لمسئولين في المول ب«سيتي ستارز» -بحسب طارق حسب الله-.
بدون رقابة
في الشوارع الكبرى التي لا يوجد بها مول تجاري أو فنادق سياحية الأمر يختلف كثيرًا بالنسبة للسُياس حيث لا يزاحمهم أحد في أكل عيشهم كما يحدث مع غيرهم، ففي ساحات كبيرة من رصيف ميدان الحصري بالسادس من أكتوبر تتراص أفواج كبيرة من السيارات يتجمع حولها أعداد هائلة من «السياس» على طول الشارع الكبير قي المدينة.
الجميع صغارًا وكبارًا رجالًا ونساءًا وأطفالًا يهرعون أمام السيارات وخلفهم في سبيل البحث عن 10 أو 20 أو 30 جنيه من كل صاحب سيارة يبحث عن مكان آمن من أجل «الباركينج» هناك يعملون بشكل حر دون فرض قيود أو شروط عليهم من قبل صاحب المول أو رئيس الحي ويجمعون حصيلة «الغلة» كاملة لصالح أنفسهم يتقاسمونها فيما بينهم والتي تزيد عن المائتين جنيه في أقل تقدير.
في منطقة المهندسين تجد هناك نموذجًا صارخًا من قبل منادي السيارات نظرًا لوجود العديد من محلات «التيك أواي» وتجد الساسة يفرضون شروطهم على أصحاب السيارات ومن لا يستجيب لهم لا يسمح له بركن سيارته أو يفاجئ ب «كلبشة» سيارته ومن ثم يصبح مضطرًا لسداد غرامة مرورية باهظة عن التسعيرة التي كان سيدفعها للسايس.‏
إتاوات إعتيادية
الشارع المصري انقسم حول مهنة «السايس» فالبعض منهم وصفوه بالبلطجي الذي يفرض الإتاوات على المواطنين بالإكراه خارج إطار القانون مقابل تحصيل رسوم مالية باهظة يحددها على «ركن» سيارته خلال أوقات الإنتظار والبعض الأخر وصفه بالمواطن المغلوب على أمره الذي لم يجد مهنة مناسبة له تعينه على ظروف الحياة فاتخذ من الشارع مهنته، وبين هذا وذاك اتفق الجميع على أن «السايس» خرج من رحم الزحام.
عدد كبير من المواطنين وأصحاب السيارات الذين التقتهم «التحرير» أعلنوا تضررهم الشديد مما وصفوه «بلطجة السايس» الذي تحول إلى مواطن خارج على القانون مستغلين الغياب الأمني وأكثر من مواطن تعرضت سيارته للتكسير والتجريح أو السرقة جراء رفضهم دفع مبالغ مالية أو إتاوات لهم نظير «ركن» سياراتهم.
نقل أحد المواطنين جزءًا من المأساة مع سايس الشارع ويُدعى الدكتور (خالد.أ) والذي يحتك بهم كل يوم في الشارع أثناء البحث عن مكان شاغر ل «ركن» سيارته حين الذهاب إلى العمل أو التسوق أو التنزه بقوله: «إنني كنت أقوم بركن سيارتي كما اعتدت دون أدنى مساعدة حتى من هذا الذي يسمى سايس وفي كل مرة كنت أفاجأ بصوت يستوقفني أثناء المغادرة، مطالبًا بدفع 5 أو 10 جنيهات نظير ركن السيارة في ميدان عام تقف على رأسه قوة من شرطة المرور وونش في مكان لا يتبعد كثيرا عن مديرية أمن الجيزة».
ركن في الممنوع
وأضاف أنه في إحدى المرات رفض دفع هذه الاتاوة وقرر إبلاغ جهات الأمن وأفراد الشرطة المتواجدين بالميدان، فلم أجد أي تحرك فتركته واليأس يتملك مني رغم أن من يرفضون مساندتي، والدفاع عن حقي هم الذين لايتورعون عن اصدار المخالفات لمن يخالف في مواقف أقل قيمة كالركن في الممنوع أو صف ثان أو غير ذلك.
في المقابل قرر المواطن عادل شعيب، صاحب سيارة عدم التعامل مع السايس في الشارع وكانت النتيجة غير متوقعة، يقول إن أخر مرة ركنت في شارع عباس العقاد صف أول موازي للرصيف مثل كل الناس التي كانت «تركن» ورفضت التعامل مع السايس.
هنا كانت الصدمة، يضيف في حسرة: «رجعت لقيتهم لازقين لي مخالفة انتظار على الزجاج الأمامي وبقية العربيات راكنة قدام وورا مفيش عليها أي حاجة والسايس قاعد على مسافة كام متر وبيرمي كلام من عينة : «قلنا البلد فيها قانون ماحدش صدقنا، ادفع ياباشا وانبسط».
محاولة للتقنين
كانت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب قد تقدمت بمشروع قانون بشأن تنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات وتقنين ووضع الضوابط الخاصة بمهنة منادي السيارات المعروف باسم «السايس»، وأكد النائب محمد الحسيني، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن ظاهرة «السايس» أصبحت مدعاة لممارسة البلطجة وتجاوز القانون.
كما أن الحكومة لم تستفد من كم الأموال الباهظة التى يتحصلون عليها، مطالبًا الإدارة العامة للمرور بتوقيع أشد عقوبة ضد يمن يمارس هذه المهنة دون ترخيص وقد يصل عدد من يتم القبض عليهم فى يوم واحد إلى 300 سايس من بلاغات المواطنين.
في المقابل تنص المادة 34 من الدستور المصري على أن (للملكية العامة حرمة، لا يجوز المساس بها، وحمايتها واجب وفقًا للقانون).
خطة ثلاثية
اللواء محمد الشيخ، سكرتير عام محافظة القاهرة أوضح أنه جاري تقنين الأمر ليعملوا في إطار قانوني ووضع نظامًا أشبه بهذا الموجود بالجراجات العامة وتقنين وجود السُياس في الشارع ووضع تعريفة محددة ل «ركن» سيارات المواطنين وعمل ملفات لهم داخل الحي ومطالعة صحيفة الاحوال الجنائية لكل منهم وتدريبهم للمساعدة بدلًا من فرض البلطجة على المواطنين ووضع عقوبات صارمة لمن يعمل خارج هذا الاطار، مؤكدًا أن المحافظة يوجد بها 1300 ساحة لركن السيارات وأن المسجل رسمياً منها 46 ساحة فقط.
ورفض الشيخ وصف هؤلاء الأشخاص بالبلطجية لأنهم «بيجروا على أكل عيشهم» رغم أنه لا يوجد إحصاء رسمي بأعدادهم حتى الآن ولكن المحافظة تعمل على إشراك القطاع الخاص في ذلك عبر تطبيق تكنولوجيا حديثة لركن السيارات.
وأضاف الشيخ في تصريحات خاصة أن المحافظة تسعى لتقنين ذلك خلال فترة زمنية أقصاها 6 أشهر بالتنسيق مع مديريات الأمن والمرور في مختلف المحافظات المصرية، وهو ما يمكن أن يُنظِم الامر ويحمي كافة المواطنين من تصرفاتهم ويوفر للدولة حصيلة لا بأس بها من تلك الأموال التي تُنفق خارج الموازنة وتحديد أجور ثابتة لهؤلاء السياس يمكن حصرها وتحصيل منها اشتراكات خاصة بهم في التأمين الصحي لحل اشكالية التغطية التأمينية لبعض المواطنين الذين يعملون في مهن غير منتظمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.