حصار خانق منذ 5 سنوات فنقص شديد في الدواء والغذاء فثكلى وقتلى وأيتام، آخرهم الطفل محمد عبد السلام صاحب ال3 سنوات الذي لم يتحمل جسده النحيل المعاناة من نقص التغذية الحاد، ولم يستطع الأطباء تقديم أي علاج له، بسبب عدم توفر الإمكانيات الطبية، إلا أن الموت كان أقرب له، هذا مشهد ضمن مشاهد مأساوية كثيرة تشهدها منطقة الغوطة الشرقية في سوريا. أين تقع الغوطة الشرقية؟ تقع الغوطة الشرقية على بعد 10 كيلومترات شرق العاصمة السورية دمشق، ومركزها عربين، فهي تبدأ من مدينة دوما وتمتد نحو الشرق والجنوب ببساط أخضر مع كثافة في أشجار الفواكه والخضراوات والذرة الشامية. وتمتد الغوطة الشرقية إلى قرى وبلدات أصبحت مدنا الآن مثل جرمانا والمليحة وعقربا وحزّة وكفر بطنا وعربين، إلى أن تلتقي بالغوطة الغربية لتكمل احتضان دمشق بالبساتين. تشكل مدن دوما وعربين وسقبا وحمورية وزملكا وحرستا ومنطقة المرج، إضافة إلى عشرات القرى والبلدات ما يعرف بغوطة دمشقالشرقية، وتتصل الغوطة جغرافيا مباشرة بالعاصمة دمشق. تقدر مساحة الغوطة الشرقية بنحو 110 كيلومترات مربعة، أما عدد السكان فقدر ب2 مليون و200 ألف نسمة مع بداية الثورة، ويقطنها نحو 400 ألف نسمة حاليا. ماذا يحدث في الغوطة الشرقية؟ تعتبر الغوطة الشرقية من أبرز المناطق السورية التي ما زالت تحت سيطرة المعارضة المسلحة، ورغم أنها مشمولة باتفاق خفض التصعيد منذ مايو 2017، إلا أن النظام السوري يسعى لاستعادة سيطرته عليها لقربها من العاصمة، واتصالها بها عبر حي جوبر الذي يبعد كيلومترات قليلة عن ساحة العباسيين في قلب دمشق. كانت هناك معارك بين المعارضة المسلحة ومقاتلين من جبهة النصرة غير المشمولة باتفاقات خفض التصعيد المنتشرين في الغوطة والجيش السوري، وبحلول مارس من عام 2013 انسحب الجيش السوري تماما من كافة مناطق الغوطة الشرقية، واكتفى بحصارها. يعتقد أن الغوطة ستلقى نفس مصير مدينة "حلب" والتي خاضت فيها القوات السورية معركة شبيهة ومماثلة بدعم من الطيران الروسي والميليشيات الإيرانية، والتي أسفرت بعد نحو 3 أشهر من المعارك لسقوط أقوى معاقل المعارضة المسلحة فى يد الحكومة السورية. ويعتقد خبراء أن ما يحدث من غارات جوية تمهيد عسكرى لتدخل بري يطرد مسلحين المعارضة من داخل الغوطة الشرقية إلى الأبد. 30 يوما هدنة وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع، أمس يوم السبت، فبراير على قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في سوريا لمدة 30 يوما. ويهدف القرار الذي أقرته ال15 دولة الأعضاء إلى إفساح المجال أمام إيصال المساعدات الانسانية بشكل منتظم واجلاء طبي للمرضى والمصابين بجروح بالغة. ويطالب نص القرار كل الأطراف بوقف الأعمال الحربية في أسرع وقت لمدة 30 يوما متتالية على الأقل في سوريا من أجل هدنة إنسانية دائمة. ولكن تجددت غارات النظام السوري، اليوم الأحد، على الغوطة، وفق ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن: "استؤنفت عند الساعة السابعة والنصف صباحا، الغارات الجوية بغارتين على منطقة الشيفونية في ضواحي دوما في الغوطة الشرقية، حيث قتل نحو 519 مدنيا خلال 7 أيام من القصف. وذكر المرصد، في وقت سابق، أن غارات جوية استهدفت - بعد دقائق من الإعلان عن قرار مجلس الأمن بإقرار هدنة في سوريا - مناطق في الغوطة الشرقية، خاصة في دوما والشيفونية، موضحا أن طائرات قصفت بلدة الشيفونية في الجيب الخاضع للمعارضة. أعداد الضحايا أعلن المرصد السوري، أمس السبت، عن تجدد القصف الجوي والصاروخي، بتنفيذ الطيران الحربي 4 غارات على مناطق في مدينة حرستا، ما أدى إلى مقتل 35 شخصا، بينهم 8 أطفال، وسقوط عشرات الجرحى، إضافة إلى غارة على بلدة مسرابا. كما قصف طيران النظام أماكن في مناطق حزرما وأوتايا والنشابية وحوش الضواهرة، وفي كفربطنا ألقت مروحيات النظام براميل متفجرة على مناطق في البلدة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بارتفاع حصيلة أعداد القتلى، اليوم الأحد، جراء الغارات على الغوطة الشرقية منذ أسبوع إلى 519 قتيلا من بينهم 127 طفلا، فيما بلغ أعداد الجرحى جراء الغارات 2514 شخصا. ردود فعل الدول والصحف أعربت مصر عن قلقها من الأوضاع في الغوطة الشرقية، مطالبة بهدنة إنسانية لإدخال المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى والمصابين لتجنب كارثة إنسانية حقيقية، وأدان بيان صادر عن وزارة الخارجية قصف المدنيين بالغوطة الشرقية. كما أعربت المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، عن قلقهم إزاء تزايد العنف في منطقة الغوطة الشرقية، داعين إلى ضرورة تهيئة الأجواء التي تضمن إيصال جميع أنواع المساعدات الإنسانية لعلاج المصابين. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، قد أعرب عن قلقه العميق من تصاعد العنف في الغوطة الشرقية في سوريا. وندد مفوض الأممالمتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، بما وصفه «حملة إبادة وحشية» ضد المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقيةبسوريا. وأعربت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن قلقلها البالغ إزاء تصاعد الهجمات على الغوطة الشرقية، مشيرة إلى ضرورة وقف العنف الآن. وأدانت ألمانيا قصف الغوطة، ووصفت الستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن ما يحدث في الغوطة الشرقية ب"المذبحة التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه". وكتبت صحيفة "لوموند" الفرنسية: "الجحيم الذي تعيشه هذه المنطقة المحاذية للعاصمة دمشق، وتستغيث المنطقة المحاصرة منذ عام 2013 بسبب شدة القصف الجوي الذي يمطرها به النظام السوري وحليفته روسيا"، وكتبت صحيفة "القدس العربي": "إن ردود الفعل الدولية حيال ما يجري من مجازر يرتكبها النظام السوري بحق أهالي الغوطة بقيت حبرا على ورق فقط، ولم تترجم إلى موقف دولي قوي وحازم يوقف سقوط الضحايا"، وتناولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في افتتاحيتها ما يحدث في الغوطة الشرقية، متسائلة: "من هو الفاعل الحقيقي الذي يلطخ يديه بدم الأبرياء السوريين؟". موقف غريب لتركيا في الوقت الذي تقصف فيه تركيا مدنيين في منطقة عفرين السورية بحجة "محاربة الإرهابيين من الأكراد السوريين"، وهي العملية التي أطلقت عليها "غضن الزيتون"، وبدأتها في 20 يناير الماضي، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء أمس السبت، ينتقد فيه الصمت الدولي إزاء استمرار هجمات قوات النظام السوري على الغوطة الشرقية، متعجبا: "هل رأيتم أو سمعتم دولة واحدة أبدت ردة فعل قوية إزاء الوحشية المستمرة منذ أيام في الغوطة الشرقية؟". كما قال إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس التركي، إن الأممالمتحدة يجب أن تضع حدا للمذبحة التي ترتكبها الحكومة السورية في الغوطة الشرقية، وذلك قبل تصويت في مجلس الأمن الدولي، أمس السبت، على مشروع قرار بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما في سوريا، وذلك حسبما ذكرت وكالة "رويترز". ودعت تركيا، المجتمع الدولي إلى المشاركة في إنهاء واحدة من أعنف حملات القصف التي تقوم بها القوات الموالية للحكومة ضد المعارضة المسلحة. وتركيا من الداعمين الرئيسيين للمسلحين الذين يقاتلون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وكتب كالين تغريدة على موقع "تويتر": "يرتكب نظام الأسد مذبحة في الغوطة الشرقية، سيجرى تصويت في مجلس الأمن الدولي من أجل وقف الهجمات وإدخال المساعدات، يجب على المجتمع الدولي بأسره أن يقول سويا كفى لهذه المذبحة".