أرقام صادمة كشفت عنها السفارة الأمريكية بالقاهرة، اليوم الثلاثاء، بشأن بلوغ أعداد المتقدمين للهجرة من مصر إلى أمريكا خلال العام الماضي نحو 800 ألف شخص، واحتلال مصر المرتبة الثانية بعد الكاميرون فى أعداد المقبولين، ما يرجع الكثيرون إلى عوامل اقتصادية وظروف معيشية.. لكن هل هناك أسباب أخرى؟ يقول السفير رخا حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هذا العدد ليس مستغربًا، فى ظل الظروف المعيشية الصعبة، التى يعاني منها الكثير من المصريين، مشيرًا إلى أن أكثر الفئات التى تبحث عن الهجرة للخارج فى مصر حاليًا، هم الشباب، الذين لديهم طموح كبير، والفئة الثانية تتمثل فى الشباب المحبط، الذي لا يجد فرص عمل ملائمة له، وبالتالي تدفعه الظروف إلى الهجرة للخارج. رخا أكد في تصريحات ل"التحرير"، أن أسباب ودوافع الهجرة للخارج تتغير بين الوقت والآخر، مدللاً على سبيل المثال بأن هناك آلاف المصريين الذين تقدموا بطلبات للهجرة للخارج عام 2011، لا سيما من الأقباط، بعد تولي جماعة الإخوان إدارة شئون البلاد، بينما دفعت الظروف الاقتصادية وغلاء المعيشية لطلب الهجرة خلال العام الماضي. واستطرد مساعد وزير الخارجية الأسبق: "ما أوردته السفارة الأمريكية حول رغبة 800 آلف مصري فى الحصول على الجرين كارد أثناء تقدمهم للاختيار العشوائي له العديد من الدلالات الخطيرة التى يجب على الدولة التنبه إليها"، مضيفًا أن هناك رغبة ملحة لدى الكثير فى الهروب من الأوضاع، التى تواجهها مصر حاليًا، والبحث عن حلم الهجرة لتحقيق الذات. واتفق معه عبد الرؤوف الريدي، سفير مصر الأسبق فى واشنطن، موضحًا أن الهجرة إلى أمريكا تُعد بمثابة حلم لدى الكثير من الشعوب حول العالم، لا سيما أبناء أسيا وإفريقيا، بسبب الطفرة الاقتصادية والعلمية الهائلة التى تشهدها، فضلًا عن الظروف المعيشية الجيدة ما يفتح شهية الكثيرين للسفر إليها، منوهًا بأن الضغوط الاقتصادية، التى تعاني منها مصر سبب رئيسي فى رغبة الآلاف من المصريين للهجرة، مشددًا على أن أمريكا يصفها البعض ب"أرض الأحلام"، حسب قوله. فيما قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن تلك الأرقام مخيفة وكارثية، موضحًا أن تلك الارقام لو كانت دقيقة وليس مبالغًا فيها، فإنها تعطي مؤشرًا نحو عدم الرضاء سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية، وذلك لعدة أسباب، بعضها قد يكون ناتجًا عن الظروف المعيشة الصعبة أو الاضطهاد الديني أو الرغبة فى العيش فى ظروف ومجتمعات أكثر ديمقراطية واستقرارًا، مستطرداً "الرقم مرعب ويثير الفزع". بينما يرى أحمد بدوى، عضو مجلس إدارة المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين، أن تلك الأرقام قد يكون مبالغًا فيها بعض الشىء -حسب قوله- منوهًا بأن تلك الأرقام لو كانت بتلك الضخامة فنحن أمام كارثة ينبغي معرفة أسبابها ومواجهتها، وأفاد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تمنح من خلال "اللوترى" حق الإقامة بها لنحو 50 ألف شخص من مختلف الجنسيات، من خلال قرعة عشوائية لاختيار التأشيرة الفائزة فى القرعة، ويمكن لأى شخص أن يقوم بالتسجيل فى اللوترى للحصول على فرصة الهجرة لأمريكا، وذلك حسب الموعد المحدد، لافتًا إلى أنه لا يتم قبول كل من يتقدمون، لأن الأمر يخضع لمواصفات معينة ينبغي أن تتوافر فى الشخص الذى يرغب فى الهجرة. وكان القنصل العام للسفارة الأمريكية بالقاهرة ليزا فيكر قد أعلنت، أن 800 ألف مصرى تقدموا عام 2016 للحصول تأشيرة التنوع قُبل منهم 3400 فقط، مشيرة فى الوقت نفسه إلى أن السفارة لا تفرض شروطًا على المحجبات الراغبات فى الهجرة، وأن مصر كانت فى المرتبة الثانية بتعداد السكان المقبولين للهجرة إلى أمريكا، بعد الكاميرون لعام 2016. وأشارت إلى أن تعداد المتقدمين للهجرة إلى أمريكا من جميع دول العالم يصل إلى 14 مليون متقدم، تقدم الولاياتالمتحدة تأشيرات ل50 ألفًا منهم فقط من جميع أنحاء العالم سنويًا، وتحدد ذلك وفق نسبة المتقدمين من جميع الدول.