تناقضات واضحة خلال الشهر الماضي داخل الإدارة الأمريكية تجاه أزمة قطع عدة دول علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، ففي حين تسعى مؤسسات رسمية منها وزارتي الخارجية والدفاع لتهدئة الموقف، خرج ترامب بتصريحات مختلفة تماما تغريدات ترامب التي يمكن أن تكون "مغازلة للسعودية"، جاءت خلافاً حتى لما صدر عن البيت الأبيض حول التواصل مع كل الأطراف لحل الأزمة دبلوماسياً. كذلك فإن البيانات والتصريحات التي خرجت من وزارتي الدفاع والخارجية تُشير إلى الحرص على عدم الانحياز لأي طرف.
-محاولة التهدئة: في أول تعليق أمريكي على أزمة قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، قال وزير الخارجية "ريكس تيلرسون": إن الإجراءات الدبلوماسية الأخيرة التي وصلت إلى حد قطع السعودية والإمارات والبحرين لعلاقاتها مع الدوحة جاءت نتيجة لتفاقم تلك الخلافات، مشددا على أهمية وحدة الخليج بالنسبة لواشنطن. ودعا تيلرسون الدول الخليجية إلى الحفاظ على وحدتها والعمل على تسوية الخلافات بينها، وقال للصحافيين في مؤتمر بسيدني، إن القرار لن يؤثر على محاربة الإرهابيين، وإن واشنطن حثت حلفاءها الخليجيين على حل خلافاتهم. التهدئة جاءت واضحة وصريحة من قبل البيت الأبيض، إذ أكد على وجود اتصالات حثيثة مع عدة دول في الشرق الأوسط لاحتواء الأزمة وعدم تصاعدها. وقالت نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض "سارة هاكابي ساندرز": إن واشنطن ستعمل مع شركائها من أجل هذه المسألة. -تضارب المواقف اتسمت مواقف الادارة الأمريكية بالكثير من التناقضات، فقد خرج الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، بسلسلة تغريدات، عبر حسابه على موقع "تويتر"، تُخالف ما ذهبت إليه مؤسسات الإدارة الأمريكية. وقال ترامب: "خلال زيارتي الأخيرة للشرق الأوسط قلت إنه لا يمكن أن يستمر تمويل الفكر المتطرف، فأشار الزعماء إلى قطر، انظر". وبَدَا أن الرئيس الأمريكي بدأ يأخذ صف الدول التي أعلنتْ قطع علاقاتها مع قطر، في إشارة إلى وجود نوعٍ من الضغوط التي تُمارسها السعودية والإمارات تحديداً في هذا السياق. ولكن خرجت وزارة الدفاع الأمريكية، بتصريحات تُؤكّد على قوة العلاقات مع قطر، بما يعني عدم الدخول طرفاً في الأزمة بالانحياز لأي من الجانبين. السكرتير الصحافي باسم البيت الأبيض شون سبايسر، كان اكثر صدقا ووضوحا من وزير الخارجية تيرلسون عندما وصف الخلاف القطري مع الدول الأربع، بأنه “مسألة عائلية يجب عليهم حلها”، وأضاف “هذا شيء هم يريدونه ويجب عليهم ان يحلوه بأنفسهم”، ورفض الرد على سؤال يتعلق بإغلاق محطة “الجزيرة”. واكتفت الوزارة بما يُوحي بوجود تناقضات مع ترامب شخصياً، بالقول: إن مقاطعة دول عربية لقطر لم يكن له تأثير على العمليات العسكرية، وسط إشادة بالتزام قطر بالأمن الإقليمي. وفيما يُشبه تأكيدات على عدم وجود نية من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية لنقل قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر بفعل الأزمة الأخيرة، قالت وزيرة القوات الجوية الأميركية "هيذر ويلسون": إنه لا يوجد تهديد بنقل القاعدة الجوية. موقف وزارة الدفاع الأمريكية حيال الأزمة القطرية كان الأكثر وضوحاً وحزماً حيال الميل إلى صف الدوحة، إذا ما وُضع في الاعتبار أن مركز قيادة العمليات الأمريكية في الشرق الأوسط في قطر، بما يتضمّن قاعدة "العديد". وحاولت الوزارة تهدئة الأجواء مع قطر خاصة مع تغريدات ترامب؛ لما قد يكون لها من انعكاس على عمليات أمريكا في الشرق الأوسط، إذا ما توتّرت الأوضاع وقررت قطر وقف استغلال قاعدة "العديد". وفي مؤتمر صحفي مع رئيس رومانيا في 9 يونيو قال ترامب “ان قطر لديها تاريخ في تمويل الإرهاب على مستوى عال جداً، واتفقت مع وزير الخارجية والقادة العسكريين على ضرورة أن توقف قطر تمويل الإرهاب، والآن الوقت قد حان لدعوة قطر لوقف دعم الإرهاب”. -اكس موبيل السر وراء موقف تيلرسون: كشفت صحيفة نيويورك تايمز بعد التضارب الأمريكي بأيام عن اجتماع خاص بين وزيري الخارجية والدفاع الأمريكييان، انعقد لتوحيد اللغة حيث التقيا تيليرسون وماتيس، إفطار مبكر ومن هناك انتقلا إلى البيت الأبيض للاجتماع بالرئيس ترامب. وفي الاجتماع الذي أعاد توحيد المفردات اللغوية بين الثلاثة، اقترح الرئيس ترامب أن يتولى تيليرسون مهمة الوساطة بين قطر من جهة وبين السعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى. واستذكرت “نيويورك تايمز” أن تيليرسون شخصياً، يحتفظ بعلاقة طويلة وثيقة مع القيادة القطرية أيام كان رئيساً لشركة “اكسون موبيل” التي طالما وصفت بأنها “الراعي الحقيقي لدولة قطر” من زاوية أنها شركة النفط والغاز التي بنت دولة قطر وشاركتها حتى في الرياضة والثقافة ومعارض الرسم ولذلك، حسب التقرير، فإن لتيليرسون منة على أمير قطر تميم بن حمد تجعله قادراً على تطويع الموقف القطري ليقترب من تنفيذ الشروط الأمنية والسياسية التي تضمنها بيان قمة الرياض والتي تطلب السعودية والإمارات والبحرين أن تلتزم بها قطر. وتعطي “نيويورك تايمز” انطباعاً بأن تيليرسون، ومن هذه الزاوية في المصالح المشتركة بين “اكسون موبيل” والدوحة، فإنه كان يعطي تصريحات غامضة غير حاسمة تتحدث عن أن الدوحة حاولت تصحيح موقفها الداعم للإرهاب، وأنها ستفعل أكثر من ذلك. وقالت الصحيفة الأمريكية إن تغريدات ترامب التي كانت تتحدث عن ضلوع مؤكد لقطر في الإرهاب ، كانت أقرب لتسخيف أو رفض ما يصدر عن وزير خارجيته من تصريحات عائمة. من نايحة أخرى، أوضحت “واشنطن بوست” نقلا عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قوله إن ترامب يرى أن قطر تستحق الحصار، ولا يمانع في استمراره، لكنه يعارض تخفيفه. - الموقف الأخير: وفي اخر تصريحات من الادارة الأمريكية قال كبير مستشاري وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، آر سي هاموند، أمس الاثنين إن مطالب دول حصار قطر انتهت ولا تستحق إعادة النظر فيها كحزمة واحدة. وأضاف هاموند، أنه خلال قمة مجموعة العشرين الأسبوع الماضي أعربت الدول الأوروبية عن قلقها من أن أزمة الخليج قد تؤثر على الجهود الأمنية، وأن جميع دول المنطقة تحتاج إلى العمل ضد تمويل الإرهاب، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية. وتابع هاموند أن وزير الخارجية والذي يزور قطر اليوم بعد الكويت أمس سيستعرض سبل كسر جمود الموقف، بعد رفض قطر 13 مطلباً وضعتها الدول الأربع المقاطعة لها شروطاً لرفع العقوبات. وأشار هاموند إلى أن المطالب الثلاثة عشر "انتهت… ولا تستحق إعادة النظر فيها كحزمة واحدة. أما بشكل فردي فهناك أمور ممكنة بينها". ووصل تيلرسون إلى الكويت، مساء أمس الإثنين، لإجراء محادثات تستهدف للتوصل لحل للأزمة، حيث قالت الخارجية الأميركية إن تيلرسون، الذي كون علاقات وثيقة في الخليج أثناء توليه منصب الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، سيجري محادثات مع الزعماء في الكويتوقطر والسعودية، بحسب رويترز. وتوجه تيلرسون إلى الخليج قادماً من اسطنبول، حيث حضر مؤتمراً دولياً للبترول