تصاعدت الأزمة مجددًا بين قطر والدول المقاطعة، بعد ظهور وثائق تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك لتهرب الدوحة من الوفاء بالتزاماتها وانتهاكها ونكثها الكامل لما تعهدت به، وهو ما استدعى تدخل أمريكاوبريطانيا، في مسعى لرأب الصدع حفاظًا على وحدة التعاون الخليجي، وخشية فقدان مصالحهم في المنطقة العربية. بالأمس، تم الكشف عن وثائق اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض عام 2013، حيث أظهرت تعهد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد خطيًا بتنفيذ بنود الاتفاقية أمام قادة الخليج، والتي تضمنت الالتزام بعدم دعم "تنظيم الإخوان" أمنيًا أو سياسيًا أو بأي طريقة كانت، وإخراج أعضاء التنظيم غير القطريين من البلاد، وعدم تجنيس المواطنين بهدف التأثير السياسي، إلى جانب عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج. لكن تنصل الدوحة وعدم تنفيذها بنود تلك الاتفاقية، أكد أنها لا تهتم إلا بمصالحها وغير معنية بحماية الأمن القومي للدول المجاورة، الأمر الذي استلزم اتخاذ السعودية والإمارات والبحرين ومصر إجراءات لمقاطعة قطر من أجل دفعها إلى الالتزام بما تم التوقيع عليه في الرياض، والحفاظ على استقرار المنطقة العربية. ما دفع الدول الأربعة إلى إصدار بيان مشترك، للرد على الوثائق، قائلين: إن "المطالَب ال١٣ التي قدمت للحكومة القطرية كانت للوفاء بتعهداتها والتزاماتها السابقة، و تؤكد بما لا يدع مجالا للشك لتهرب قطر من الوفاء بالتزاماتها وانتهاكها ونكثها الكامل لما تعهدت به". ومن هذا المنطلق، قررت بريطانياوأمريكا التدخل من أجل احتواء الأزمة، وإعادة التلاحم العربي إلى سابق عهده حفاظًا على مصالحهم ولحماية الخليج من أطماع إيران وتركيا. حيث اجتمع الشيخ خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي بالإنابة وزير الخارجية مع وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية ريكس تيلرسون، ومارك سيدويل مستشار الأمن القومي البريطاني، لبحث تطورات الأزمة. وأعرب الأطراف الثلاثة عن عميق القلق جراء استمرار الأزمة الراهنة بالمنطقة، وناشدوا جميع الدول العربية، بسرعة احتواء الأزمة وإيجاد حل لها في أقرب وقت من خلال الحوار عبر الوساطة الكويتية. ولم تكتف الإدارة الأمريكية بتفعيل الوساطة الكويتية، بل هناك مساعي لزيارة قطر والسعودية لعقد لقاءات مع مسؤولين رفيعي المستوى في البلدين لتقريب وجهات النظر، ولإقناع الدوحة بالعدول عن موقفها والالتزام ببنود الاتفاقية الموقعة في 2013 واستكملت في 2014. ومن هنا تتضح أسباب الزيارة المفاجأة لمسؤولين أمريكيين وبريطانيين إلى دول الخليج، حيث يتضح أن الرئيس الأمريكي يسعى جليًا للحفاظ على شركاته ال8 التي ترتبط بإمبراطوريته الفندقية، إضافة إلى شركة THC جدة هوتيل، و "دي تي" (دونالد ترامب) للخدمات الفنية". أما بريطانيا فلديها هي الأخرى مصالح عديدة مع دول مجلس التعاون الخليجي، تتمثل في 8 مشاريع بحثية متقدمة في مجالات متعددة تشمل تقنية النانو وأمن الإنترنت، بتمويل يبلغ 3.4 مليون دولار قدمته الحكومة البريطانية. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل.. هل سترضخ قطر إلى الضغوط الأمريكية البريطانية؟ رد الدوحة جاء عكس تطلعات الإدارتين الأمريكية والبريطانية، حيث أصدر وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، بيانًا أكد فيه، أن الدوحة لن تمتثل لأي مطلب ينتهك القانون الدولي، ولن تمتثل أيضًا لأي إجراء يقتصر عليها وحدها، داعيًا إلى حل يشمل الجميع". وجدد الوزير القطري، محمد بن عبدالرحمن، رفض بلاده لكافة اتهامات دول الحصار بدعم الإرهاب والمنظمات الجهادية في سوريا وليبيا، قائلًا: إن "بلاده تعمل كل ما بوسعها لمحاربة الإرهاب بمختلف أشكاله، ولكن على السعودية والإمارات ألا تعطينا دروسًا، لأن لديهم مواطنين متهمين بأنهم متورطون في الإرهاب وتمويله". وتمادى المسؤول القطري في تصريحاته حتى وصلت إلى تهديد الدول العربية بالخروج من مجلس التعاون الخليجي إذا لم تتم تلبية شروط بلاده في أيام معدودة، والتي تضمنت سحب المطالب ال13، وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدوحة. وقال في هذا الصدد: إن "دولة قطر تمهل الدول المقاطعة الخليجية ثلاثة أيام من تاريخ إرسال هذه الرسالة لرفع الحصار عن قطر وتعويض الخسائر السياسية والاقتصادية الواردة عليها وعلى شعبها الغالي، وبعد إكمال هذه المهلة سنعلن رسميا خروجنا من مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولن نلتزم بقراراته السابقة واللاحقة". تهديدات وزير الخارجية القطري، تؤكد أن "تميم" تجاوز الخطوط الحمراء، وربما تتفق دول الخليج على تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي. وتفاقمت الأزمة بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين مع قطر في ال5 من الشهر الماضي، وقطعت هذه الدول علاقاتها كافة مع قطر وفرضت عليها سلسة من الإجراءات العقابية، وقدمت عبر الوسيط الكويتي، قائمة مطالب وشروط من 13 بندًا لتنفيذها مقابل عودة العلاقات إلى طبيعتها، إلا أن قطر رفضت تلك المطالب، وقالت: إنها "غير واقعية".