كتب- أحمد مطاوع نمت في الفترة الأخيرة، ظواهر السحر والشعوذة وانتشار الخرافة، بصورة ملفتة للغاية، وتربى على أنقاض مهوسيها آلاف الدجالين في شتى أنحاء مصر والعالم العربي، جامعين ثروات طائلة في أوقات قياسية، من استغلال آفات الجهل والفقر والأمراض النفسية للضحايا، الذين يقعون كفرائس سهلة تسلم نفسها للصياد بكل اطمئنان، حتى يتحكم فيهم ويبيع لهم الأوهام، مقابل أموالًا يجنيها هذا المشعوذ بلا رحمة لظروفهم ودون رادع ينقذ هؤلاء المخدرون وينجيهم من النصب. 600 ألف دجال و36 مليار جنيه سنويًا فاتورة الوهم أشار الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية، في تصريحات سابقة ل"التحرير"، إلى أن تكلفة فاتورة المواد المخدرة وأعمال الدجل والشعوذة، بلغت نحو 36 مليار جنيه سنويًا، لافتًا إلى أن ما يقرب من 300 ألف شخص يدعون علاج الأمراض النفسية والصحية وحل المشكلات الاجتماعية بتحضير الأرواح وفك الأسحار، و300 ألف آخرين يزعمون علاج الأمراض والمس من الجان بالقرآن والإنجيل،وأغلبهم يمارسون أنشطتهم منذ سنوات، خاصة بالقرى، وهو ما نتج عنه ارتفاع فاتورة البحث وراء هذه الخرافات إلى قرابة 10 مليارات جنيه سنويًا، خاصة أن هناك حوالى مليون مصرى على الأقل يعتقدون أنهم ممسوسون بالجن. وكشفت دراسة حديثة لمركز الدراسات الاقتصادية المصرى، أن الإنفاق على أعمال السحر والشعوذة في مصر يمثل المرتبة الخامسة في حياة المواطن، فالإنفاق على تعليم الأبناء يمثل 45% من إجمالى دخل الأسرة، و12% على المحمول و15% على الغذاء، وباقي النسبة يتم إنفاقها على السحر والشعوذة والدجل. الأمية الدينية.. قيم الإسلام تلاشت من مصر يقول الشيخ شوقي عبد اللطيف، وكيل أول وزارة الأوقاف، إن الشعب المصري مصاب بما يسمى "الأمية الدينية"، مؤكدًا أن الخطأ فيها مشكلة كبيرة وليس سهلًا على عكس "الأمية الأبجدية". وأضاف عبد اللطيف، في تصريحات ل"التحرير"، أن "الثقافة الإسلامية اضمحلت في المجتمع المصري بالذات، والظواهر الإيحابية والقيم الإسلامية تلاشت من دنيانا كمصريين"، لافتًا إلى أنه بتلاشي القيم والأخلاقيات تحل مقامها السلبيات، ومنها الاعتقاد الخاطئ في أمور كالسحر والشعوذة، والتي أخذناه بمحمل يتنافى مع عقيدة الإسلام القيمة. وأكد وكيل أول وزارة الأوقاف، أن "الجن صحيح له قدرات أعطاه الله له بمشيئته، لكن هذه القدرات يقابلها قدرات من الإنس أيضًا تمكنه من دحرهم"، مشيرًا إلى أن ما يحدث الآن أنه أصبح هناك تواكل وتحميل الأمراض وأخطاء الإنسان للجن، ونمت الأمور في الفترة الأخيرة بصورة جنونية، ما أعطى فرصة للمشعوذين والدجالين أن يحتالوا على الناس.
عقوبة الدجال.. بين القانون ورأي الدين القانون.. القضايا تنتهي بالبراءة أوضح الدكتور حسام جادو، أستاذ القانون الجنائى، في تصريحات صحفية سابقة، أن جريمة الدجل والشعوذة تدخل قانونًا في إطار جرائم النصب والاحتيال، وتصنف "جُنحة"، إذ ينتحل المتهم "صفة" وليس باعتباره دجالًا أو مشعوذًا، ويتحصل من الضحية على أموال مقابل هذه الصفة. وأكد جادو، أن معظم القضايا تنتهي ببراءة المتهم، لصعوبة إثبات حصوله على أموال من الضحية، أو الاعتداء عليها فى حينها. عقوبة الدجال القتل.. و4 أطراف تنهي الظاهرة عن مواجهة استفحال ظاهرة الدجل والشعوذة، حدد الشيخ شوقي عبد اللطيف، أربعة أطراف، عليها تفعيل دورها وتحمل مسؤلياتها في هذه المواجهة، هي: علماء الدين، والدولة، والإعلام والبيت: علماء الدين: عليهم دور كبير في تصحيح المفاهم لدى العامة، وأن يتصدوا لهذه الظواهر بشكل مكثف، خاصة وأن الاتجار بالدين أصبح سهلًا وميسورًا لبعض المنتسبين إليه تحت هذه المظلة، فعلماء الأزهر والأوقاف بالتحديد، عليهم دورًا في تبصير الناس بالأمور التي أضرت بالبيت، والشارع والمجتمع المصري. الدولة: لا بد أن يكون هناك قوانين رادعة، كما عاهدنا فى رسول الله "ص" والصحابة، إذ ثبت أن "الساحر كان يقتل"، وإن "استتاب فلم يتب يقتل"، وحد الساحر في الشريعة الإسلامية "القتل"، فنحن في أمس الحاجة إلى أن يكون هناك حبس وقانون رادع للمشعوذين والدجالين. الإعلام: الحقيقة أن أجهزة الإعلام لعبت دورًا سلبيًا فى انتشار هذه الظاهرة، ومنها الأفلام والمسلسلات التي نشاهدها، فالتلفاز سلاح ذو حدين، وعليهم أن يتقوا الله في هذا الشعب الضعيف، والحقيقة أن الشعب المصري منهك اقتصاديًا واجتماعيًا، ولا يحتمل هذه المسائل، والعملية أصبحت صعبة. البيت: وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه.. فالبيت الذي يبنى على الإيمان لا يخاف شيطان، فتربية الأبناء على مائدة القرآن تنجي وتحفظ الأجيال، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية سلاح لكل مؤمن، كما يجب تربيتهم على المعرفة وكيفية الانتقاء والاختيار.