أرسلت حكومة شريف إسماعيل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية إلى مجلس النواب للبت فيها، بحجة أن المجلس صاحب الحق الأصيل فى الموافقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، هذا بالرغم من صدور حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان هذه الاتفاقية، مستندا إلى الأوراق والمستندات والخرائط والقرارات الخاصة بهذا الشأن، والتى تؤكد أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان ولا يحق للسعودية المطالبة بهما، ولا يحق للحكومة المصرية التنازل عنهما، لأنهما أراض مصرية خالصة. واعتبرت المحكمة هذا الحكم باتًّا لا يمكن الطعن عليه، ولا يحق لأى جهة أو سلطة مناقشة هذا الحكم، وبالتالى فإن الحكومة المصرية ومجلس النواب لا يحق لهما مخالفة هذا الحكم. وبالرغم من مطالبة المصريين بتنفيذ حكم "الإدارية العليا" وعدم المساس بالأراضى المصرية، واعتبار المصريين هذه الاتفاقية مشبوهة، وتنتقص من حق مصر فى أراضيها، فإن حكومتنا غير الرشيدة بالمرة مصرة على منح الجزيرتين للسعودية ولا نعرف ما هو المقابل. وبالأمس قرر الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب تأجيل مناقشة هذه الاتفاقية إلى دور الانعقاد القادم فى محاولة لتهدئة الرأى العام الذى ثار ثورة عارمة ضد قرار الحكومة المصرية بتسليم الجزيرتين المصريتين للسعودية، متجاهلة حكم المحكمة الذى أكد بطلان الاتفاقية، وأن الحكم بات لا يمكن الطعن عليه، ولا يجوز تداوله مرة أخرى. وبالأمس خرج علينا أمير سعودى من الأسرة الحاكمة السعودية مطالبا بتسليم الجزيرتين للحكومة السعودية، وهذا أمر فى منتهى الخطورة، وإن دل على شيء فإنما يدل على أن الحكومة المصرية هى التى أعطت الفرصة لهذا الأمير السعودى أن يطالب بهذا الأمر الغريب، مع أن كل المستندات أكدت مصرية الجزيرتين. بقى أن نقول إن حكم "الإدارية العليا" لا معقب عليه، ولا يمكن أن يكون له مزاولة فى مجلس النواب أو غيره. ونتساءل: لمن تكون الكلمة الأخيرة؟ هل للقضاء أم لمجلس النواب أم أن الحكم بعد المراوغة؟!