حالفنى الحظ ونجحت فى الحصول على تذكرة فى إحدى حفلات الأوبرا أخيرا منذ أيام.. الحفلات تحجز قبلها بعدة أسابيع وأحيانا كثيرة لا تجد مكانا على الإطلاق، فهناك شعبية كبيرة للحفلات الغنائية التى تعرض أجمل أغانى الفلكلور المصرى.. كان الحفل لفرقة عبد الحليم نويرة وكوكبة رائعة من المطربين الشباب، كان الجميع فى حالة من الاستمتاع وهم يستمعون لأغانى أسمهان وفريد الأطرش فى ذكراه. ارتفعت كاميرات أجهزة المحمول لالتقاط بعض الصور للفنانين والفرقة الموسيقية على المسرح، على الرغم من أن جملة (التصوير ممنوع) كانت مكتوبة على جانب التذكرة، طبيعى لأن فلاشات الضوء قد تؤثر على تركيز الفنانين على المسرح. كنت أتساءل عن الخطأ الذى يحمل البعض منا على مخالفة القواعد والتعليمات! كانت الموسيقى تنبعث فى المكان وينبعث معها موظف الأمن ليلف على كل من يرفع يده بالتقاط صور فوتوغرافية أو فيديو للحفل. الغريب أن موظف الأمن اتجه لنفس الأشخاص عدة مرات يخبرهم بأن التصوير ممنوع، دون فائدة! وقد ذكرنى حفل الأوبرا ذلك بحفل آخر حضرته فى بلدة صغيرة بأيرلندا وقت كنت مرافقة لزوجى الدبلوماسى بالسفارة وذهبنا إلى تلك البلدة الصغيرة لحضور حفل الأوبرا، الذى نظمته مغنية أوبرا أيرلندية كانت قد شاركت من قبل مع فرقة المايسترو نادر ناير فى دولة أخرى منذ سنوات، وقد قررت بالاتفاق معه تنظيم حفل لأوبرا (البوهيمى) واتفقت تلك المغنية مع فندق فى المدينة لاستضافة فريق العازفين مجانا فى الفندق مقابل حصول الفندق على نسبة كبيرة من حصيلة بيع تذاكر الحفل، وبذلك وفرت عنصر الإقامة المجانية لهم على أن تتحمل الفرقة المصرية قيمة التذاكر من خلال وزارة الثقافة المصرية. بيعت التذاكر كلها لأهل البلدة والبلدات المجاورة لها من خلال ذلك الفندق الريفى الصغير، فمثل هذه الأحداث الفنية لا تحدث كل يوم عندهم، بل إن بعضهم شارك مجانا ليكون من مجاميع الكومبارس فى خلفية المشهد الأوبرالى، وبذلك ضمنوا حضور الحفل دون تذاكر، فى حين حضر كثير من أصدقائهم وأهلهم لشراء تذاكر لمشاهدتهم، وكان ذلك ترتيبا ذكيا من المنظمين لعقد الحفلة وتنشيط السياحة فى تلك البلدة الصغيرة فى غرب أيرلندا. قبيل الحفل بدقائق دخلنا إلى صالة الاستقبال بالفندق، كانت مزدحمة بالجمهور الذى حضر للاستمتاع بعزف فرقة الأوركسترا المصرية، التفت كثير منهم إلىَّ، كانوا يتطلعون إلى ذلك الوجه المصرى الذى يلفه إيشارب الحجاب. فى قاعة الحفل ذكر لنا مدير الفندق أن القاعة تسمى توت عنخ آمون، كانت ثمة نقوش فرعونية على الجدران والسقف الذى توسطته نجفة عملاقة، قال عنها المدير إن جده الكبير أحضرها من مصر أيام الاحتلال البريطانى لها. أخذنا طريقنا للصف الأمامى، دخلت بعدها فرقة الأوركسترا والمايسترو ناير نادر وبدؤوا العرض مع غناء الممثلين الغربيين الذين حضروا للمشاركة فى العرض من بلادهم دون أجر حبا للفن بعد العرض، انطلق تصفيق حار لأعضاء الفرقة المصرية، خاصة وهم يلتفتون إلينا مبتسمين، ويا له من فخر شعرنا به ونحن جميعا نمثل مصر فى تلك البقعة البعيدة من العالم.