البحوث الجنائية: إلغاء أمن الدولة كان «شكليًا».. والإخوان اهتمت بالولاء ل«مرسي».. وإلغاء المحاكمات كارثة السياسات والتشريعات تنسب إلى المجلس العسكرى -وإن كانت ظاهرية-، بينما تخاذلت "الإخوان" فى إجراء أى تدخلات تشريعية فى هذا المجال واكتفى رئيسهم بتغيير القيادات لضمان الولاء فى حين غرت الثقة التى عادت لرجال الشرطة بعد 30 يونية ودفعتهم إلى إغلاق الملف، هكذا وضعت الدراسة البحثية الصادرة عن المركز القومى للبحوث الجنائية فى إطار مشروع المسح الشامل للخمس سنوات من 2010 وحتى 2015، العناوين الرئيسية لواحدًا من أهم وأخطر الملفات فى مصر وهو ملف "هيكلة الداخلية"، "التحرير" تنشرهذه الدراسة والتي كشفت عن مسؤلي الملف الأمني وقت الثورة، ومن تولوا ملف تطوير وهيكلة القطاع الأمنى فى مصر. إلغاء أمن الدولة "شكلي" فى الوقت الذى تعددت فيه المبادرات من داخل جهاز الشرطة وخارجه تقدم بكثرة، كان المجلس العسكرى قد بدأ فى اتخاذ بعض الإجراءات الإصلاحية لهذا القطاع ورصدتها الدراسة فى بعض القرارات، منها إلغاء قطاع مباحث أمن الدولة وإنشاء قطاع الأمن الوطنى بقرار منصور العيسوى وزير الداخلية فى 15 مارس 2011، وهو ما قالت الدراسة عنه: "أنه قد يبدو من الناحية الشكلية نقلة نوعية وخطوة على طريق الاصلاح، إلا أن دراسته بموضوعية توضح أنه لا يخرج عن كونة مجرد تغيير للاسم دون المساس بالجوهر"، وأيضا إصدار القانون رقم 46 لسنة 2011 بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 والذى قصر علاقة الداخلية بالعملية الانتخابية على التأمين فقط، كما أعلنت الوزارة أيضا فى 22 أكتوبر 2011 ما سمى ب "مدونة سلوك"، وهى وثيقة كما وصفتها الدراسة: عبارة عن مجموعة من العبارات والشعارات الإنشائية وتضفى طابع عسكرى على رجال الشرطة رغم انتمائهم الى هيئة مدنية. كارثة إلغاء المحاكمات وإضافة إلى القرارات التى صدرت فى هذة المرحلة، وبدت أنها لإصلاح الجهاز مثل تعديل بعض أحكام قانون الشرطة واستحداث رتبة جديدة تتيح لأمناء الشرطة بعد الوصول الى رتبة أمين شرطة ممتاز الترقى إلى رتبة ضابط شرف، وأيضا إلغاء المحاكمات العسكرية، واعتماد جدول جديد لرفع مرتبات ضباط وأفراد الشرطة، وعلى الرغم من أن تلك التعديلات اهتمت بتحسين الأحوال الوظيفية للضباط والأفراد والتى هى أحد أركان أى عملية جادة لإعادة تنظيم وزارة الداخلية وهيكلتها، إلا أن تعديل قانون الشرطة جاء ليلبى فقط جانب الحقوق الوظيفية مع تجاهل الأركان الآخرى التى تتطلبها الهيكلة الشاملة، يؤدى إلى النظر إلى تلك التعديلات باعتبارها مجرد امتيازات موجهة لضباط وأفراد الشرطة من أجل تجديد وتأكيد ولائهم للنظام. الإخوان والهيكلة تفاعل الإخوان مع ملف إصلاح القطاع الأمنى كان حذرً، وتدريجى وغير ثورى، هكذا وصفته الدارسة، وأوضحت: "الجماعة فضلت العمل فى ظل قواعد النظام المعمول به، وبدأت سياسات الرئيس وحكومته تصب كلها فى خانة محاولة تأمين حصوله على ولاء الأجهزة الأمنية من أجل خدمة أهداف النظام الإخوانى، وقد تجلى ذلك فى مجموعة من التحركات أهمها الاستجابة لمطالب أفراد الشرطة بشأن التسليح والحقوق الوظيفية والرعاية الصحية وتمثل ذلك فى قرار صدر فى 16 فبراير 2013 بالموافقة على توفير الموارد اللازمة لدعم الوزارة ب100 طبنجة للتسليح فى مواجهة الاحتجاجات والاعتصامات، وأيضا ما حدث فى 15 مارس 2013 عندما قام الرئيس مرسى بزيارة رئاسة قوات الأمن المركزى بعدما غضب الضباط والأفراد بسبب شائعات "أخونة الوزارة"، وأيضا فى نفس الشهر تم إجراء انتخابات نوادى ضباط وأفراد الشرطة، وبمرور الوقت توقف تماما الحديث المستحى قبلا عن إصلاح الشرطة. لا وقت للإصلاح ودافع الوزير وقتها عن غياب الإصلاح بأنه لا وقت للإصلاح فى ظل المواجهات المتتالية، وأصبح استعادة الأمن هو الشعار وليس إصلاح المنظومة الأمنية، كان خطابا يخدم مصالح شريكى السلطة، وعبر عنه برلمان إسلامى التوجه بأن إعادة الأمن أولوية لأن غياب الأمن يمثل المسمار الرئيسى فى الكفن السياسى للرئيس مرسى، وساعد على ذلك ميل القوى الانتقالية نحو النظر إلى إصلاح القطاع الأمنى ضمن تصنيف علمانى - إسلامى الأمرالذى أسفرعن كبح النقاش المثير للجدل ولكن بالغ الأهمية بشأن مدى أهمية وسرعة القيام بالعملية الاصلاحية بالنسبة للبعض، وكان استمرارالثورة على حد قولهم يتطلب تطهير جميع الفلول، غير أن آخرين شددوا على ضرورة الإبقاء على العاملين الأمنيين المدربين مهنيا وعلى الهياكل القائمة بغية الحفاظ على المهارات والخبرات اللازمة لإنفاذ القانون بصورة فعالة. جسور الثقة بعد 30 يونيو بعد ثورة 30 يونيو أدار الشعب ظهره للإخوان، وبدأت جسور جديدة من الثقة تمتد بينه وبين جهاز الشرطة، وكان يمكن أن تستغل هذه الثقة فى بناء شرطة عصرية مهنية ومحترفة، إلا أن "التعصب للمؤسسة" بمنظورها السلبى تعاملت مع هذه الثقة المكتسبة باعتبارها إما دعوة إلى إغلاق ملف الهيكلة أو مبررا لانفراد المؤسسة الأمنية بتحمل مسئولية إصلاح الجهاز الأمنى دون أى مشاركة مجتمعية، على الرغم من أن ملف إصلاح قطاع الأمن فى أى مجتمع أخطر من أن يترك لرجال الأمن بمفردهم.