تصاعد المواجهة بين روسيا والمحور الأوروأطلسى تحت راية الناتو المجلس يطالب الرئيس الروسى بسحب سفير روسيا من واشنطن تتواصل عملية التصعيد حول أوكرانيا بشكل غير معقول، قد يؤدى إلى تحولات خطيرة على المستويين الإقليمى والدولى. وتتفاقم الأمور على مستويين: الأول، بين روسياوأوكرانيا، والثانى، بين روسيا والمحور الأوروأطلسى تحت راية حلف الناتو، الذى بدأ يتدخل بشكل لافت فى تداعيات الأحداث حول الأزمة الأوكرانية. وفى جلسة عاجلة وغير عادية لبرلمان شبه جزيرة القرم، وسط توتر أمنى وسياسى إقليمى ودولى، قرر رئيس الوزراء سيرجى أكسيونوف تقديم موعد الاستفتاء على تقرير مصير جمهورية شبه جزيرة القرم إلى 30 مارس الحالى، بدلا من 25 مايو المقبل، الذى يتزامن مع قيام كييف بإجراء انتخابات الرئاسة المبكرة بعد استيلاء اليمين الموالى لأوروبا والولايات المتحدة على السلطة بالتحالف مع القوى القومية المتطرفة. من جهة أخرى قامت قوات الدفاع الذاتى التابعة لشبه جزيرة القرم بتأمين عمل هيئة الاتصالات السلكية واللا سلكية ووسائل البث الإذاعية والتليفزيونى فى شبه الجزيرة، وعلى رأسها التليفزيون الحكومى. وذلك بعد أن أعلنت هيئة مطار سيمفروبل إغلاق المجال الجوى تحسبا لأى إجراءات تصعيدية من جانب كييف. وبينما أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها من تطور الأحداث فى القرم واستمرار التصعيد، واصفة ذلك بالخطوة غير المسؤولة، حاول مسلحون قادمون من كييف الاستيلاء على وزارة داخلية شبه جزيرة القرم، مما دعا قوات الدفاع الذاتى لشبه الجزيرة بإخلاء الساحة أمام البرلمان وإغلاق بعض الطرق المؤدية إلى المبانى والمؤسسات الحكومية والأهداف الحيوية فى البلاد. إلى ذلك دعا رئيس الحكومة الأوكرانية الجديد أرسينى ياتسينيوك روسيا إلى «إخراج القوات» من شبه جزيرة القرم، متوجها بنداء إلى موسكو لإخراج القوات وتطبيق الاتفاقيات الثنائية. واعتبر ياتسينيوك أن الوجود العسكرى الروسى فى القرم غير متكافئ وهو عبارة عن انتهاك لاتفاقية وجود أسطول البحر الأسود على الأراضى الأوكرانية. من جانبه أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة فيتالى تشوركين، أن وجود القوات الروسية فى سيفاستوبل مطابق للاتفاقيات الروسية الأوكرانية. وأكد تشوركين اهتمام روسيا كغيرها من الدول باستقرار أوكرانيا، مشيرا إلى أن الحكومة الأوكرانية الحالية لا يمكن النظر إليها كحكومة وحدة شعبية، وهذا ما يثير قلقا فى بعض مناطق البلاد بما فيها القرم، لا سيما بعد إلغاء قانون اللغات من قبل البرلمان. وأعرب تشوركين عن اعتقاده بأن الطريق الأفضل لحل الأزمة الحالية هو العودة إلى الاتفاقية التى تم التوصل إليها بين الرئيس الأوكرانى وزعماء المعارضة يوم 21 فبراير، مشيرا إلى أن انتهاك هذه الاتفاقية فور توقيعها كان سببا جديا لحدوث اضطرابات فى مختلف مناطق البلاد. على صعيد آخر أعلن مصدر فى الكرملين أن روسيا لن تهمل طلب رئيس حكومة جمهورية القرم الذاتية الحكم سيرجى أكسيونوف للمساعدة. وكان رئيس مجلس وزراء جمهورية القرم قد توجه إلى الرئيس الروسى بطلب «المساعدة فى حفظ الأمن والأمان فى أراضى الجمهورية». وأعلن أكسيونوف قراره وضع جميع القوات الأمنية والعسكرية الموجودة فى الجمهورية تحت تصرفه الشخصى مؤقتا، وذلك فى إطار الصلاحيات المخولة له من قبل البرلمان الإقليمى. ووفقا للمشاهدات الميدانية فإن الأوضاع تتفاقم حول الأزمة الأوكرانية، ويتصاعد التوتر حول جمهورية شبه جزيرة القرم. وتم رصد محاولات من حكومة كييف لدفع الأحداث إلى صدام بين روسيا والغرب، وهو ما يتجلى تدريجيا فى التصريحات الساخنة بين القيادة الروسية، وبين تحذيرات الغرب المتمثلة فى الإعلانات المتوالية للإدارات الأوروبية والأمريكية. وهو ما يعيد إلى الأذهان المقدمات التى قادت إلى حرب القوقاز فى 8 أغسطس 2008، عندما قامت القوات الجورجية بالهجوم على أوسيتيا الجنوبية. وربط مراقبون بين ما يجرى حاليا وما جرى آنذاك، حيث شنت القوات الجورجية هجومها على أوسيتيا الجنوبية ليلة السابع على الثامن من أغسطس 2008 عشية افتتاح أوليمبياد بكين. وهو ما جرى تقريبا بالنسبة لأحداث كييف التى تصاعدت مع بدء أوليمبياد سوتشى، ووصلت إلى ذروتها قبيل اختتامها بثلاثة أيام فقط. وإذا كان العدوان الجورجى على أوسيتيا الجنوبية كان مباشرا بقتل المدنيين وأفراد قوات حفظ السلام الروسية، فإن ما جرى فى كييف، وفقا للمراقبين، كان غير مباشر إلى الآن. وذلك بفرض قوانين تمييزية ضد الروس فى شرق وجنوب أوكرانيا، ومحاولة سلب حقوق الروس فى شبه جزيرة القرم، وتصعيد الصراع القومى والطائفى بين الروس من جهة وبين تتار القرم والأوكرانيين من جهة أخرى، مما قد يؤدى إلى إراقة الدماء. وسمح مجلس الاتحاد الروسى الأعلى لبوتين باستخدام القوة فى شبه جزيرة القرم وطالبه بسحب السفير الروسى فى واشنطن.