منذ عهد الفراعنة والمصريون يعتبرون الحاكم إلها يعبدونه وينفذون أوامره. وكان المصريون العراة الحفاة مهمتهم حمل هذه الآلهة على الأكتاف فى تنقلاتهم. وظلت هذه الآلهة مستمرة فى حكم مصر آلاف السنين، إلى أن وصلنا إلى حكم محمد على منذ احتلال الإنجليز لمصر عام 1882، وكانوا هم الأسياد والشعب المصرى هم العبيد، وكانوا يملكون كل أراضى مصر، والفلاحون يعملون بالزراعة بالكرباج، حتى إن قناة السويس تم حفرها بالضرب والإهانة ومات فيها الآلاف من المصريين. إلى أن قامت ثورة 1952 التى قضت على الإقطاع والملكية وسيطرة رأس المال على الحكم وتم استبدالهم برجال الثورة، الذين أصبحوا فيما بعد آلهة يحكمون مصر، وما على المصريين إلا السمع والطاعة لأوامرهم وأحكامهم، وكما كانوا يقولون إن عبد الناصر أصابه جنون العظمة لما كان يلاقيه من تأليه، كأن الشعب هم العبيد. وفى عهد السادات ظهرت المعارضة، ولكنه بقوة الحاكم الإله سيطر على مصر وتم إيداع المعارضين السجون والمعتقلات. واستمر حسنى مبارك على خطى الحكام الآلهة. وكان المحيطون به يرفضون أى معارضة له، وطالبوا أن يظل فى الحكم طوال حياته، وبالفعل ظل ثلاثين عاما فى حكم البلاد، بل أراد أن يقلد الفراعنة الآلهة من خلال توريث ابنه للحكم، ولكن القدر لم يمهله، فقامت مظاهرات حاشدة أصرت على رحيله. وجاء الشيخ مرسى لتصيبه أيضا لعنة الفراعنة، وفشل أن يكون حاكما إلها، ورحل سريعا. إلى أن جاء المشير عبد الفتاح السيسى مدعيًا أن يكون حاكما إلهًا، ولكن المحيطين به بدأوا يضعون بذرة الفراعنة فى حكم مصر، ولعل هذه البذرة لا تنبت، وهذا ما تنتظره الأيام.