قرار القضاء الروسي بالإفراج عن إلدار دادين، أحد أبرز النشطاء المعارضين للرئيس فلاديمر بوتين، هو أحدث حلقة في مسلسل الصراع بين الأخير وبين المنتقدين لطريقة إدارته للبلاد، فما بين اغتيال ومحاولات قتل وحبس وتعذيب ومحاكمات وبراءات، تدور طاحونة لا تتوقف من الأحداث بين النظام والرافضين له. إلدار دادين وكانت المحكمة العليا بموسكو قد ألغت إدانة الناشط البارز، إلدار دادين (34 سنة)، المناهض للكرملين، وأمرت بالإفراج عنه، وذلك بعد الحكم عليه فى ديسمبر 2015 بالسجن 3 سنوات، خفضت إلى عامين ونصف العام بعد استئناف الحكم؛ بسبب سلسلة احتجاجات سلمية منفردة ضد الكرملين، وقال دادين قبل شهور إنه "تعرض للتعذيب فى سجن بشمال غرب البلاد". وقبل أيام غادر المعارض الروسي فلاديمير كارا مورزا موسكو، والذي دخل في غيبوبة مطلع هذا الشهر بعد تعرضه للتسمم، وذلك بعد تحسن وضعه الصحي، لمتابعة العلاج في الخارج، وفق ما أعلن محاميه، وكتب الأخير على صفحته بموقع "فيسبوك" أن "فلاديمير استقل الطائرة وغادر البلاد لمتابعة العلاج بعد تعرضه لتسمم حاد للمرة الثانية". فلاديمير كارا مورزا وكان كارا مورزا المقرب من زعيم المعارضة بوريس نمتسوف الذي اغتيل بالرصاص عام 2015، نائبا حتى العام الماضي لرئيس حزب "بارناس" للمعارضة الليبرالية، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق ميخائيل كاسيانوف، وفي إطار تأسيس حركة "روسيا المنفتحة" قام كارا مورزا بمشروع يقضي بدعم الشبان المعارضين في الانتخابات النيابية الأخيرة في سبتمبر الماضي
وقبل أعوام تعرض المعارض الروسي البارز بوريس نيمتسوف للاغتيال وسط العاصمة موسكو، وقالت الشرطة وقتها في بيان إن "مجهولين خرجا من سيارة وأطلقا 4 طلقات نارية على نيمتسوف من الخلف وأردوه قتيل"، ولفتت إلى أن "نيمتسوف كان يتنزه برفقة شابة على الجسر الكبير المحاذي للكرملين عندما أُطلقت عليه أربع رصاصات أصابته في ظهره وأدت إلى مقتله، على مرأى من العديد من شهود العيان". بوريس نيمتسوف ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية حينئذ عن المعارض إيليا لاشين -المقرب من نيمتسوف- قوله "أمامي أرى جثة بوريس.. هناك الكثير من رجال الشرطة حولنا"، وجرت عملية الاغتيال قرب قصر الكرملين في مربع أمني محمي؛ وجاءت العملية قبل أقل من يومين من مظاهرات دعت إليها المعارضة الروسية تحت شعار "ربيع روسيا" احتجاجا على سياسات الرئيس فلاديمير بوتين. ولقي العديد من الشخصيات الروسية المعارضة مصرعها في ظروف غامضة، منذ استلام بوتين إدارة الكرملين عام 2000، الأمر الذي أدى لارتفاع عدد الأسماء في قائمة حالات الموت المشبوهة، ولا تزال حالة الغموض تلف حالات اغتيال معارضين سياسيين ونشطاء وصحفيين وكتّاب، فيما لم تنجح الدعاوى القضائية والتحقيقات التي أجرتها السلطات، في إزالة الشبهات لدى الرأي العام بشأن ذلك. أبرز هؤلاء العميل السابق لجهاز الاستخبارات السوفييتي (كي جي بي) ألكسندر ليتفينينكو، الذي اتهم حكومة بوتين في الماضي بممارسة نشاطات غير قانونية، واعتُقل مرتين بتهمة استغلال المنصب، ولجأ عام 2000 إلى بريطانيا، ليموت في لندن في نوفمبر 2006، نتيجة التسمم بمادة البولونيوم المشع. ألكسندر ليتفينينكو وقال تقرير نشره رئيس لجنة التحقيق البريطانية المستقلة، سير روبرت أوين، حول وفاة عميل الاستخبارات الروسية، إن "من المحتمل أن مقتل ليتفينينكو جاء بموافقة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف". وفي مارس 2013 عثر على الملياردير الروسي المعارض "بوريس بيريزوفسكي" جثة هامدة بمنزله القريب من العاصمة البريطانية، التي لجأ إليها عقب صدور قرار اعتقال بحقه بسبب معارضته لبوتين، وحصل على حق اللجوء السياسي في بريطانيا، نتيجةَ للقرار الصادر بحقه في روسيا عام 2000. بوريس بيريزوفسكي وفقد العديد من المعارضين الروس حياتهم عام 2009، ودخلوا قائمة "حالات الموت المشبوهة"، كان من بينهم المحامي الناشط في مجال حقوق الإنسان "ستانيسلاف ماركيلوف"، ومراسلة صحيفة نوفايا جازيتا "أناستاسيا بابوروفا"، اللذان قُتلا جراء هجوم مسلح في 19 يناير من ذلك العام، وكان ماركيلوف قد شارك بصفته محاميا في دعاوى قضائية بارزة في الرأي العام، من بينها قضية الصحفية "آنا بوليتكوفسكايا"، وقضية فتاة روسية (18 عامًا) قُتلت من قبل الجنود الروس بعد الاعتداء عليها. ستانيسلاف ماركيلوف كما لقيت الناشطة الحقوقية الروسية ناتاليا إستميروفا مصرعها في يوليو 2009، بعد اختطافها من قبل مجهولين في جروزني الشيشانية، وفي أكتوبر 2006 قتلت الصحفية المعارضة آنا بوليتكوفسكايا، المعروفة بكتابة مقالات حول قضايا انتهاك حقوق الإنسان، وخاصة في الشيشان، جراء هجوم مسلح تعرضت له في مصعد منزلها. ناتاليا إستميروفا وفي يوليو 2004 قنل بول خليبنيكوف - مواطن أمريكي من أصل روسي - وكان رئيس تحرير مجلة فوربس في روسيا، واغتيل بإطلاق النار عليه في سيارته بموسكو، وفي أبريل 2003 قتل سيرجي أوشاكوف -رئيس الحزب الليبرالي الروسي- قرب منزله جراء هجوم مسلح تعرض له. بول خليبنيكوف السجن كان عقوبة بعض المعارضين أيضا ومؤخرا أدان القضاء الروسي زعيم المعارضة الروسية ألكسي نافالني بالسجن 5 سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة الاختلاس، ونافالني من أهم منتقدي بوتين ومعارضي عودته للكرملين وكان ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية في 2018. ألكسي نافالني وفي أغسطس 2012 أصدرت قاضية روسية حكما بالسجن عامين على 3 عضوات بفرقة (بوسي رايوت) الموسيقية النسائية لتنظيمهن احتجاجا ضد الرئيس بوتين داخل كنيسة وهو حكم وصفه مؤيدو الفرقة بأنه "انتقام شخصي" من قبل زعيم الكرملين، وهتف مؤيدو الفرقة بكلمة "عار" خارج قاعة المحكمة في موسكو وقالوا إن القضية تظهر رفض بوتين التسامح مع المعارضين. أعضاء فرقة بوسي رايوت وقالت السفارة الأمريكية في موسكو إن العقوبة غير متناسبة على ما يبدو مع ما فعلته المتهمات، وتمتعت عضوات فرقة (بوسي رايوت) بتأييد في الخارج حيث تبنت قائمة طويلة من المشاهير من بينهم مادونا وبول مكارتني وستينج قضيتهن بينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن قلة فقط من الروس يتعاطفون معهن. وقالت القاضية مارينا سيروفا بعد أن أمضت ثلاث ساعات في قراءة حيثيات الحكم بينما وقفت الشابات الثلاث وقد قيدت أيديهن بالأصفاد في قفص اتهام زجاجي إن ما ارتكبته "الفتيات" تدنيس للمقدسات وازدراء للدين وانتهاك لقواعد الكنيسة.
