"دي مسألة حياة أو موت".. هكذا قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ظل الحديث الدائر منذ سنوات وسنوات عن تأثر حصة مصر من مياه النيل في ظل عزم عدد من الدول الإفريقية -بدأت بإثيوبيا- بناء سدود على النهر. التساؤلات تدور حول منطقة الشرق الأوسط بل والعالم كله، وهل تدور صراعات وأزمات قد تصل لحروب ليست من أجل السيادة أو الأراضي وإنما بسبب أهم عنصر بدونه تنتهي الحياة البشرية ألا وهو الماء. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد وجه رسالة للمصريين مساء أمس الجمعة بشأن تأثير سد النهضة على حصة مصر من مياه النيل، مضيفا خلال جلسة نقاشية مع مجموعة من شباب الصعيد "أطمئن المصريين بأن الأمور تسير على ما يرام فيما يخص سد النهضة بالتعاون مع أثيوبيا. لا أحد يستطيع العبث بحصة مصر في مياه النيل؛ لأنها مسألة حياة أو موت". قبل أعوام كثيرة وبالتحديد في أبريل 2001 حذرت تقارير دولية من تعرض المنطقة لكوارث مستقبلية بسبب نقص المياه والعطش خلال هذا القرن؛ وأن العديد من الحوادث الحدودية التي تقع بين كل فترة وأخرى قد تتحول الى حروب مفتوحة بسبب النقص المتزايد في هذه الثروة الطبيعية الحيوية. إسرائيل ولبنان.. نهر الحاصباني وأشارت تلك التقارير إلى أن أبرز مثال على ذلك كان الخلاف الإسرائيلي اللبناني حول نهر الحاصباني الذي ينبع في لبنان ويصب في نهر الاردن وتتهم تل أبيب بيروت بتحويل مجراه، مضيفة أن إسرائيل "تتهم لبنان بالاستيلاء على مياه نهر الوزاني، احد روافد نهر الحاصباني الذي ينبع من لبنان ويصب في نهر الاردن الذي يصب في بحيرة طبرية، الذي يعتبر الخزان الاساسي للمياه العذبة في اسرائيل". وقبل سنوات حذر تقرير للحكومة الفرنسية من أن " 15 % من بلدان الكوكب تتلقى اكثر من 50 % من مياهها من دول اخرى، و2 من اصل 2 من الانهار الكبرى او الابار الجوفية، اي اكثر من 300 في العالم يتم تقاسمهما بين دول عدة”. بدورها ترى مؤسسة "ووترهاوسكوبرز" للاستشارات الدولية أن "ثلثي سكان العالم سيعانون من نقص المياه في عام 2050 ، ما سيؤدي إلى وقوع صراعات ونزاعات ستزداد حدة بسبب هذا النقص المياه". 11 منطقة ستشهد أزمات مياه بينها مصر ولفتت المؤسسة إلى أن "هناك 11 منطقة تشكل موضع خلاف على حصص الماء قد تتحول الى نزاعات وحروب، من بينها تركيا وسوريا والعراق بسبب سدود أنقرة التي ستؤث على مياه نهري دجلة والفرات". وتأتي إيران والعراق كدولتين محتمل ان يتحاربا لنفس السبب، ووفقا لووتر هاوسكوبرز فإن طهران وبغداد يتنافسان على منطقة شط العرب المائية التي تعتبر ملتقى نهري دجلة والفرات، وتأتي 5 دول هي مصر والسودان وليبيا وتشاد والنيجر، كدول محتمل نشوب خلافات بينها قد تصل إلى صراعات بسبب النزاع على حقل مائي جوفي بعمق 800 متر. كما تضمن التقرير تحذيرات من حدوث حروب بين دول إفريقية هي زامبيا وبوتسوانا وزيمبابوي وموزمبيق حول تقاسم مياه نهر السنغال، وفي أسيا حذرت المؤسسة من حروب قد تنشب بين الهند وباكستان حول استثمار نهر الاندوس، وكذلك بين الهند وبنجلادش حول دلتا نهري الجانج، وبين أوزبكستان وكازاخستان وقرغيزستانو طاجيكستان حول نهر امو داريا. أوروبا لم تسلم من السيناريوهات السوداء أوروبا كذلك لم تسلم من السيناريوهات السوداء لنشوب حروب مائية على أرضايها ووفقا للمؤسسة فإنه من الدول المرشحة لهذا السينارو المجر وسلوفاكيا حول محطة جابسيكوفو لتوليد الكهرباء الواقعة على نهر الدانوب، و صربيا وكرواتيا بسبب النقص المحلي للمياه . وفي مارس 2007 حذرت الأممالمتحدة من كارثة إنسانية تنتظر القارة السمراء وتهدد باندلاع المزيد من الحروب والصراعات من أجل الحصول على قطرة المياه، وبلغة الأرقام أوضح التقرير أن “700 مليون شخص في 43 بلدا يعانون من ندرة المياه، وبحلول عام 2025 قد يزداد هذا الرقم ليصل إلى ما يزيد عن 3 مليار شخص". وأضاف: أن " أكثر من 300 مليون شخص في إفريقيا يكافحون من أجل الحصول على المياه النقية والتسهيلات الخاصة بوسائل حفظ الصحة العامة"؛ موضحا أن "هناك 40 دولة في العالم تعاني من أزمات المياه نصفها دول إفريقية، من بينها جامبيا وجيبوتي والصومال ومالي وموزمبيق وأوغندا وتنزانيا وأثيوبيا وإريتريا". تل أبيب لديها مصالح في النيل وفي كتابه "صراع الماء في الشرق الأوسط"، حذر الباحث الإسرائيلي أرنون سوفر قبل سنوات من أن " مصر أكثر الدول احتياجا لنهر النيل لموقعها الصحراوي وندرة الأمطار فيها، وهذا ما دفع رئيسها الأسبق عبد الناصر إلى بناء السد العالي لتوليد الطاقة وتطوير البنية الاقتصادية وتوفير مياه الشرب". وذكر أن: "لإسرائيل مصالح سياسية إستراتيجية في حوض النيل، ولتوزيع المياه بين الدول المشتركة فيه تأثير مباشر على تل أبيب، ولذلك فهي تحاول بالتنسيق مع إثيوبيا العبث بهذا النهر للتأثير على حصة مصر والسودان منه، حيث تعتبر مصر الجارة الكبيرة لإسرائيل والنيل يعتبر إكسير الحياة لها". مصر خشت إغلاق إسرائيل سد أسوان وأضاف أنه: "في حرب الاستنزاف ضربت إسرائيل خطوط الكهرباء المتدفقة من أسوان للقاهرة، مما دفع الجيش المصري لتغير انتشاره ووجه قواته للدفاع عن سد أسوان، ولذلك فإن الضغط على إسرائيل في قناة السويس قد ضعف". ولفت إلى أنه: "في سنوات الستينيات والسبعينيات خشيت مصر من أن تقوم إسرائيل بإغلاق سد أسوان، ولذلك فإن طاقما من الخبراء المصريين موجودون هناك بشكل دائم بجانب السد من أجل تأمين تدفق المياه من نهر النيل الأبيض".