«ممارسة الرياضة حق للجميع، وعلى مؤسسات الدولة والمجتمع اكتشاف الموهوبين رياضيا ورعايتهم، واتخاذ ما يلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة. وينظم القانون شؤون الرياضة والهيئات الرياضية الأهلية وفقا للمعايير الدولية، وكيفية الفصل فى المنازعات الرياضية».. هذا هو نص المادة 84 من الدستور الجديد الذى أفرد -لأول مرة- مادة مستقلة للرياضة بين بنوده. كل دساتير مصر السابقة كانت ترفق اللوائح المنظمة للرياضة مع أمور الصحة والتعليم، على اعتبار أن الرياضة عملية ترفيهية، لا مرحلة إعداد وبناء جيل من الشباب! الأهم من إقرار هذه المادة دستوريا هو كيفية تفعيلها على أرض الواقع، حتى لا تكون مجرد «حبر على ورق»، ولن يتم ذلك إلا بتشريع قانون محترم للرياضة لا يتعارض مع المواثيق الأوليمبية وهو ما يجرى إعداده ومناقشته حاليا. بالمناسبة توجد دول كثيرة متقدمة رياضيا -مثل ألمانيا- لا تتضمن دساتيرها مادة للرياضة، بل لا يوجد بها وزارة للرياضة من أساسه! ولكننا نتحدث عن دول تطبق الاحتراف والخصخصة فى كل شىء وهو ما لا ينطبق علينا. تعالوا معا نحلل عبارات هذه المادة «الفضفاضة»، وكيف ستعود بالنفع على بلدنا وشبابنا: 1- «على مؤسسات الدولة اكتشاف الموهوبين رياضيا ورعايتهم».. هذه الفقرة تجزم بعدم اقتصار اكتشاف المواهب على الأندية الرياضية فقط، بل تلزم أجهزة الدولة بالمساهمة فى التنقيب عنهم فى كل ربوع مصر -طبعا فى كل الألعاب لا كرة القدم فقط- مما سيسمح بإعادة الحياة إلى الملاعب فى الأحياء والقرى. الإنفاق على أمور رعاية وصقل هذا النشء الواعد صار فرضا واجبا على الدولة، بعد أن كان مسؤولية تائهة بين عديد من الجهات. 2- «اتخاذ ما يلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة».. هذه العبارة هى «الخلاصة»، لأنها تفرض على الدولة توفير المناخ الملائم لممارسة الرياضة من إنشاء للملاعب، وإعداد لكوادر الفنيين من مدربين وحكام وغيره. كما أنها ستستلزم بالضرورة إعادة الرياضة إلى المدارس والمصانع والشركات، مع إجبار كل هذه المؤسسات على تخصيص أماكن -بقوة القانون- فى أبنيتها لمزاولة النشاط. 3- «ينظم القانون شؤون الرياضة والهيئات الرياضية الأهلية وفقا للمعايير الدولية».. هذه الجملة تلزم قانون الرياضة الجديد بأن تتسق مواده مع المعايير الدولية وأن لا يخالف الميثاق الأوليمبى!! وبذلك نضمن أن لا يخرج علينا وزير للرياضة بتصريح مثل «فلتذهب قرارات اللجنة الأوليمبية إلى الجحيم»، ولا أن يتحفنا أحد مستشاريه بتعليق من عينة «وإيه يعنى لما اللجنة الأوليمبية توقفنا إحنا دولة ذات سيادة»! 4- «ينظم القانون كيفية الفصل فى المنازعات الرياضية»، هذه النقطة بالتحديد ستفرض على المشرعين ضرورة التوصل إلى حلول جذرية لمشكلات التضارب فى الاختصاصات بين الهيئات المختلفة، ومنها الصراع الأزلى بين وزارة الرياضة وبين اللجنة الأوليمبية المصرية على لقب الزعيم! هل هى الوزارة التى تتولى الإنفاق وتقديم الدعم للرياضيين وللأندية المملوكة للدولة مع حقها فى الإشراف المباشر على أوجه الصرف وتنظيم الانتخابات.. أم هى اللجنة الأوليمبية الممثل الشرعى لمصر أمام المؤسسات الدولية، التى تتمتع باستقلالية كاملة طبقا للمواثيق العالمية؟ يجب أيضا تقنين الوضع القانونى لبعض الأندية الكبرى كالأهلى والزمالك! نظريا هذه الأندية تملكها الدولة وتنفق على أنشطتها وتنظم أعمالها عن طريق مجلس إدارة منتخب، بينما فعليا هذه الأندية مستقلة ولا تتلقى دعما حكوميا يفى باحتياجاتها، مما يجعلها تعتمد على نفسها بشكل كامل فى تنمية مواردها. القانون يجب أن يحدد لنا بدقة هل هذه الأندية حكومية أم خاصة ولا نص ونص؟ بعد الموافقة على الدستور ستكون هناك فترة انتقالية حتى اعتماده من البرلمان القادم. أجدد مناشداتى بضرورة إبعاد طاهر أبو زيد عن وزارة الرياضة، التى من الممكن إدماجها بشكل مؤقت مع وزارة الشباب تحت قيادة الوزير الناجح خالد عبد العزيز. من الجميل أن يكون للرياضة دستور.. ولكن من الأجمل أن تدار بالأخلاق والأصول.