بين السينما والتليفزيون والمسرح استطاعت الفنانة كريمة مختار أن تجسد شخصية الأم بشكل مختلف فى كل عمل وداخل الإطارات الثلاثة، مقدمة نماذج متعددة للأم بين تلك التى تدلل أبناءها، وأخرى تعانى من جفائهم، وأخرى تواجه قسوة مشاعرهم نحوها، وتلك التى تحمل مسؤولية أسرتها على عاتقها لتزيد همومها، مجسدة كل أشكال الأم المصرية والعربية، حتى إن المشاهد ربما لا يتذكر يومًا أنها جسدت شخصية «الآنسة»، أو الفتاة التى تقبل على الزواج فى بداية خطواتها الفنية، حينما كانت شابة. ورغم ابتعاد كريمة عن الإعلام، وندرة إجرائها أية حوارات صحفية أو تليفزيونية، إلا أنها دائمًا ما تكون حاضرة فى معرض الحديث عن النجمات اللواتى، استطعن تجسيد شخصية الأم ببراعة فى عالم الفن، لا سيما أن لها أداءً خاصًا يميزها، بل إنك لا تشعر عند مشاهدتها بأنها مصطنعة فى مشاعرها تجاه الفنانين، الذين يجسدون شخصيات أبنائها، بل تخرج منها جرعة حنان وعطاء واضح منها نحوهم، كما لو كانوا بالفعل عائلة. ونذكر من أهم أدوار كريمة فى السينما مشاركتها فى «الحفيد»، وتقديمها شخصية الأم المصرية التى ترغب فى زواج بناتها وتدفعهن للإسراع باتخاذ قرار الإنجاب، حتى إذا كان أزواجهن رافضين هذا الأمر بعد عقد القران فورًا، بهدف عدم تمكنهم من الانفصال عنهن، وما زالت الكوميديا التى تم تقديمها فى هذا الفيلم الاجتماعى محل حديث متابعيه حتى الوقت الحالى، خاصة تلك المشاهد التى جمعت كريمة بزوجها فى الفيلم ورب الأسرة الفنان عبد المنعم مدبولى. أيضًا دورها فى مسرحية «العيال كبرت» بدور الزوجة المخدوعة، إذ يخطط زوجها، حسن مصطفى، للسفر والزواج بأخرى، وهنا يحاول أبناؤها أن يمنعوا انفصال العائلة، لكنها بسلامة نيتها وطيبتها لا تستوعب أن الرجل الذى ارتبطت به لسنوات قد يفكر فى تركها، وهذه المسرحية أيضًا ما زالت تحقق أصداءً قوية حتى الآن. وهذا الدور قد لا يختلف كثيرًا عن شخصية الأم التى جسدتها كريمة فى فيلم «رجل فقد عقله»، مع وحش الشاشة فريد شوقى، الذى التقت به فى عدة أعمال، إذ انجذب شوقى لشباب سهير رمزى ويسعى لإغرائها بماله والزواج بشكل سرى منها، لكن ابنيه عادل إمام وإكرامى يفشلان عليه خطته، ويحاولان أن يعيدا أمهما للاهتمام بنفسها حتى يتراجع والدهما عن قراره. ومع فريد شوقى أيضًا قدمت كريمة فيلم «يارب ولد»، وجسدت فيه شخصية أم لثلاثة فتيات هن إسعاد يونس، دلال عبد العزيز، وحنان سليمان، واللواتى يتزوجن من ثلاثة شباب لا يمتلكون المال ولا الوظيفة الثابتة، وهم سمير غانم، وأحمد راتب، وإكرامى، وبمرور الأحداث الكوميدية تصاب كريمة بأعراض يظنها الطبيب أعراض الحمل، ويأمل زوجها بأن تحمل فى الولد الذى يحفظ الإرث الذى سيتركه بعد رحيله. وفى مسلسل «البخيل وأنا» جسدت كريمة شخصية الزوجة، التى تعانى البخل الشديد لدى زوجها، قدمه فريد شوقى، وهو ما ينعكس على أبنائها، فنجدها تحاول أن تكون جدارًا بين الأب البخيل والعنيف أحيانًا نحو أبنائها وطموحاتهم. ومع نهاية التسعينيات شاركت كريمة فى بطولة فيلم «إسماعيلية رايح جاى» مع الفنان محمد فؤاد، وجسدت شخصية والدته التى تعلم بموهبته ورغبته فى الغناء، وتساعده كى يحقق حلم الشهرة، لكن والده يمنعه عن ذلك فى البداية، ويتغير موقفه فيما بعد. أعقب ذلك تقديم كريمة مجموعة كبيرة من أدوار الأم على شاشة السينما والتليفزيون، إلى أن جاء دور «ماما نونا» فى الدراما الشهيرة «يتربى فى عزو» مع الفنان يحيى الفخرانى، فجسدت شخصية والدته التى تدلله بشكل مبالغ فيه، يصيب المحيطين بالنفور، خاصة أنها جعلت من شخص لا يعتمد عليه، وغير مسؤول عن أفعاله، ولا أبناءه من زوجتيه، ولا كثرة زواجه وانفصاله، فهو يفعل ما يحلو له بغض النظر عن تبعات ذلك، وهى تسانده أيضًا فى ذلك، والأمر يصل حتى الطعام الذى يتناوله، والذى يصيبه بمرض السكر فيما بعد.
وكان مشهد وفاة «ماما نونا» فى نهاية المسلسل من أكثر المشاهد التى تأثر بها الجمهور العربى فى السنوات الأخيرة، إذ رغم الغضب من كثرة دلالها لنجلها، لكن رحيلها أثر فى المشاهدين.
أم زينهم ورقاصات الفرح وفى واحد من أكثر أدوارها المؤثرة جسدت كريمة شخصية "أم زينهم" فى فيلم "الفرح"، وهى الأم التى تخشى الله، وتقيم الصلوات، ويقرر ابنها، خالد الصاوى، إقامة فرح فى الحارة لجمع "النُقطة" التى كان قد أعطاها لمعارفه لتساعده فى المعيشة، وتدعمه كريمة فى ذلك وتمنح بعض النقود، لكن خلافًا ينشب بينهما فيما بعد لتدفعه يلق بالمال فى وجهها، وبعدها تتوفى، ليعيش ندم إغضابها قبل وفاتها. أما فى فيلم «ساعة ونص» فجسدت شخصية الأم التى تعانى من مرض الزهايمر، والتى ملّ منها ابنها فقرر تركها فى محطة القطار، ومعها ورقة بأن يعتنى بها من يجدها لأنه لن يستطيع ذلك، وكان هذا الدور مميزًا بمشاهده التراجيدية المؤثرة. واجهت كريمة مختار انتقادات لتقديمها شخصية «سندس»، التى تعانى من الزهايمر وذات تصرفات غير طبيعية ناتجة عن فقدانها لابنها فى مسلسل «دلع بنات»، إذ اعتبر البعض أن هذا الدور لا يليق بفنانة برعت فى تجسيد العديد من الشخصيات الدرامية المهمة، وأنه يقلل من شأنها، وكان الأجدر بها ألا تقدمه من الأساس، خاصة أنه غير مؤثر فى سياق الدراما، وكان من الممكن أن تقدمه أى فنانة أخرى.