أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن عملية اتخاذ القرارات في حلف شمال الأطلسي تثير قلق موسكو، مشيرًا إلى أن روسيا مضطرة لاتخاذ تدابير مضادة في هذا الشأن. وفي تعليق على الانقلاب في أوكرانيا عام 2014 وانضمام القرم إلى روسيا، لفت "بوتين" الانتباه إلى أن عواقب ظهور الولاياتالمتحدة والناتو في قاعدة سيفاستوبول بالقرم كانت بمثابة أمر صعب جدًا. وقال الرئيس الروسي: "نحن قلقون من عملية اتخاذ القرارات داخل حلف الناتو، وأعلم كيف تتخذ القرارات عندما تصبح دول ما أعضاء في الناتو، من الصعب عليها مواجهة الضغوط من قبل دولة كبيرة وزعيمة في الحلف كالولاياتالمتحدة، وآنذاك يمكن أن يظهر أي شيء هناك، في شبه جزيرة القرم، من عناصر الدرع الصاروخية، والقواعد العسكرية الجديدة، والمنظومات الهجومية الجديدة إذا دعت الحاجة لذلك". وتساءل بوتين: "ماذا علينا أن نفعل؟ يجب علينا أن نتخذ تدابير جوابية، أي جعل تلك المواقع التي نرى أنها تهددنا - أهدافًا لأنظمتنا الصاروخية، لأن الوضع مزعج". وشدد الرئيس الروسي على ضرورة احترام خيار سكان القرم الذين أعربوا عن رغبتهم في عودة الانضمام إلى روسيا أثناء الاستفتاء الذي جرى هناك بعد الانقلاب على السلطة الشرعية في أوكرانيا عام 2014، مؤكدًا أن موضوع القرم "أغُلق بشكل نهائي». وأضاف "أنا لا أفهم دائمًا منطق شركائنا، أحيانا ينتابك انطباع بأنه يجب البقاء في حالة خضوع وإثبات الانضباط في الغرب بحد ذاته في ما يسمى بالمعسكر الأطلسي، وهذا يتطلب وجود عدو خارجي. ومع كل المخاوف فإن هذا لا ينطبق على إيران".
تأتي تصريحات الرئيس الروسي متزامنة مع تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج التي أكد فيها على أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أعلن عن الدعم القوي للناتو من قبل الولاياتالمتحدة. وقال: إنه "يتوقع من الإدارة الجديدة في الولاياتالمتحدة الحفاظ على معدل الادخار لضمان قيادة البلاد في حلف الناتو"، مُعربًا عن أمله بأن يقوم ترامب بتنفيذ التزامات الولاياتالمتحدة. وفي الوقت نفسه شدد "ستولتنبرج" على أن الأعضاء الأوربيين بالحلف يقومون بزيادة النفقات الدفاعية كما تطالب الولاياتالمتحدة.
من جهة أخرى، دعا الأمين العام للناتو أعضاء الحلف لمواجهة "الدعاية الروسية"، وقال في كلمة أمام جلسة الجمعية البرلمانية للحلف في إسطنبول: "إلى حد كبير تقع على عاتق الدول الأعضاء في الناتو مهمة التصدي للدعاية والمشاركة في الحوارات والمناقشات، للتصدي لكافة الاتهامات والادعاءات من جانب روسيا "، مشيرًا إلى أن الحلف كمنظمة لا ينوي "الرد على الدعاية بالدعاية". وكان ستولتنبرج قد أعلن في وقت سابق أن جدول أعمال الافتتاح للجلسة العامة البرلمان الأوروبي في ستراسبورج سيتضمن مناقشة الوضع في سوريا وتركيا، وتعزيز الدفاع الأوروبي ومكافحة "الدعاية الروسية".
وفي سياق آخر، دعا الأمين العام لحلف الناتو الدول الأعضاء في الحلف إلى مواصلة التعاون مع روسيا مع الإبقاء على وجودها العسكري في منطقة القطب الشمالي. وقال "أدعو بشدة جميع حلفاء حلف الشمال الأطلسي في منطقة القطب الشمالي للحفاظ على الوجود العسكري هناك، وفي الوقت نفسه لمواصلة الجهود لخفض التوتر وتعزيز فرص التعاون". وأضاف ستولتنبرج بأنه حتى في وقت التوتر الشديد الذي نشهده اليوم، يجب أن نكون قادرين أن نملك علاقات عملية مع روسيا في عدد من المجالات. وأشار الأمين العام للناتو إلى أن الحلف رصد زيادة طفيفة في الوجود الروسي بالقطب الشمالي، مشيرًا إلى أن المنطقة تتميز بارتفاع مستوى التعاون بين الدول الأعضاء، وعلى وجه الخصوص النرويج والدنمارك والولاياتالمتحدة وكندا مع روسيا – وذلك في إطار مجلس القطب الشمالي، وكذلك على الصعيد الثنائي. المعروف أن روسيا، في السنوات الأخيرة، بدأت بتنمية اقتصادية نشطة في أراضيها الشمالية، بما في ذلك استخراج النفط والغاز، فضلًا عن تطوير الطريق البحر الشمالي، الذي أصبح على نحو متزايد بديلًا عن الطرق التقليدية من أوروبا إلى آسيا، وعلى وقع زيادة اهتمام دول حلف الناتو بالمنطقة القطبية الشمالية، اتخذت روسيا مجموعة من التدابير، بما فيها العسكرية، لحماية المصالح الروسية في تلك المنطقة.