أثارت المادة 127 من الدستور شكوكًا واسعة حول مدى دستورية قرض صندوق النقد الدولى، الذى حصلت عليه مصر مؤخرًا، بسبب الترتيب فى الموافقات على القرض من الجانب المصرى، أيهما يوافق أولا الحكومة أم البرلمان، حيث تنص المادة، الموجودة ضمن باب السلطة التشريعية: «لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج فى الموازنة العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب». لكن رغم نص المادة الواضح فإن لجان الخطة والموازنة والاقتصادية والتشريعية الدستورية لهم رأى آخر، يؤكد دستورية القرض وعدم مخالفته أى قانون، ويعتمد رأيهم على أن القرض هو اتفاقية كغيرها من الاتفاقيات توقعها الحكومة بشرط «التصديق»، وهو من صلاحية النواب، وبالتالى فإن أى اتفاقية تكون مجمدة إلا بعد تصويت المجلس عليها. لجنة الخطة والموازنة: القرض غير مخالف للدستور.. وهذا توضيح لحقيقة دستوريته قال المهندس ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، إن قرض صندوق النقد الدولى عبارة عن اتفاقية دولية كغيرها من الاتفاقيات التى تبرمها مصر ممثلة فى السلطة التنفيذية مع دول أو مؤسسات، مؤكدًا أن اتفاقية صندوق النقد الدولى غير مخالفة للدستور بالمرة، ولا يخالف المادة 127 من الدستور. وأوضح عمر فى تصريح ل«التحرير»، أن أى اتفاقية دولية تبرمها وزارة أو مؤسسة حكومية يكون من شروط التنفيذ «التصديق»، ويظل الاتفاقية متحفظًا عليه، ولا يجوز للسلطة التنفيذية التعامل معها بصرفها إن كانت قرضًا أو إقامتها إن كانت مشروعًا، حتى يتم إرسالها لمجلس النواب صاحب سلطة «التصديق»، ومن ثم عرضها فى جلسة عامة بعد مناقشتها فى لجانها المختصة بها والتصويت عليها بالموافقة أو الرفض، وفى حالة موافقة النواب تصبح الاتفاقية صالحة وسارية. وأكد وكيل لجنة الخطة والموازنة، أنه بذلك تصبح اتفاقية صندوق النقد الدولى لمصر غير مخالفة للدستور أو القانون، لأن المنظمة وافقت للحكومة على القرض بشرط التحفظ أو التصديق من قبل البرلمان، مشيرًا إلى أن قرض صندوق النقد مجمد بالفعل فى البنك المركزى وغير مفعل. وتابع: «لا يجوز عرض الاتفاقية لمناقشتها فى البرلمان قبل عزم الحكومة إرسالها أو طلبها من المجلس التنفيذى للصندوق، لأنه كيف لنا أن نناقش اتفاقية لم توضع أبعادها بعد أو تمت الموافقة عليها من قبل صندوق النقد الدولى». اللجنة الاقتصادية: القرص لم يعرض علينا ولا نعلم مدى دستوريته قالت النائبة سارة عثمان، عضو الجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن الحكومة لم تعرض على اللجنة نهائيًا اتفاقية صندوق النقد الدولى حتى الآن، موضحًا أن هناك بعض التصريحات لنواب اللجنة بأن الاتفاقية ستعرض عليهم خلال أيام. وأكدت نائبة المنيا فى تصريح ل«التحرير»، أنها لا تعلم بذلك مدى دستورية قرض صندوق النقد الدولى، لأن اللجنة الاقتصادية ليست اللجنة الأساسية المنوطة بمناقشة اتفاقية القرض، وأن لجنة الخطة والموازنة هى التى ستقوم بعرضه على نوابها ومن ثم عرضه على اللجان ذات الصلة بالموضوع ومنها اللجنة الاقتصادية. وأوضحت أن قرض صندوق الدولى نوع من شهادة الثقة من قبل المجلس التنفيذى للصندوق لمصر فى ظل فترة إصلاح اقتصادى، والهدف منه جذب لرؤوس الأموال وتأكيد أن مصر ما زالت قوية قادرة على إقامة وتنفيذ المشروعات. وتابعت: «كان فى كلام إن القرض هيعرض علينا ولم يعرض حتى الآن، ولكن طريقة صرف أموال الصندوق والخطوات لم يتم مناقشتها فى اللجنة حتى الآن». اللجنة التشريعية: لا تعارض بين حصول مصر على قرض والدستور أكد النائب محمد فؤاد بدراوى، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، أنه لا تعارض بين حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى وبين الدستور والقانون، خصوصًا المادة 127 منه. وأوضح بدراوى، فى تصريح ل«التحرير»، أن إجراءات الحصول على قرض الصندوق تمت بطريقة معلنة أمام الجميع وليس فى الخفاء، والموافقة على منح مصر القرض يعكس مدى ثقة دول العالم والمجلس التفيذى لصندوق النقد فى اقتصاد وقيادة مصر. وقال النائب إيهاب الخولى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، إن القرض لا يخالف القانون. بينما يرى النائبان هيثم الحريرى، عضو تكتل 25-30، ومحمد فؤاد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، أنه ليس من حق الحكومة الاقتراض إلا بموافقة البرلمان، حيث أرسل الحريرى، خطابًا لرئيس المجلس قال فيه: «وقعت الحكومة اتفاقية قرض صندوق النقد الدولى بدون الحصول على موافقة مجلس النواب». وتقدم النائب محمد فؤاد، ببيان لرئيس مجلس النواب، موجه إلى المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، بشأن مخالفة الحكومة المادة 127 من الدستور، وأكد فؤاد، فى البيان العاجل الذى تقدم به لرئيس البرلمان، اليوم، «الحكومة تجاوزت مجلس النواب فى أكثر من موضع وهم إصدار السندات الدولية فى سوق المال الأيرلندى بقيمة 4 مليارات دولار عن طريق وزارة المالية، وقرض البنك المركزى بقيمة 2 مليار دولار من البنوك الدولية، والشريحة الأولى من قرض النقد الدولى بقيمة 2,75 مليار دولار، وبناء على هذا لا يجوز للحكومة المصرية الحصول على تلك القروض دون موافقة البرلمان».