تسببت تصريحات رئيس الحكومة والمسؤولين بمحافظة البحر الأحمر، حول عدم وضع مدينة "رأس غارب" ضمن أولويات الحكومة لمواجهة السيول التي ضربت المدينة اليومين الماضيين، حيث أن المدينة لم تشهد سيولاً طيلة ال50 عامًا الأخيرة، مما أثار تساؤلًا حول - هل بناء طريق جديد سيحمي المدينة من السيول؟ - عدد من سكان "المدينة الغارقة" أجابوا على هذا السؤال ب"نعم". "التحرير" حاولت الوصول إلى حقيقة تسبب الطريق الجديد في هذه الكارثة من عدمه، وهل المخرات المتواجدة أسفل الطريق وإهمال المحليات في صيانتها هو السبب في حدوث الكارثة؟ "الحكومة شقّت الجبل" بداية قال أحمد السيد، أحد سكان المدينة الغارق في مياه السيول: إن "الحكومة شقّت جبل الشيخ فضل "الذي كان يحجز عنّا مياه السيول" لإنشاء طريق جديد "رأس غارب - الشيخ فضل"، وهو أحد الطرق الجديدة بالشبكة القومية للطرق التي ينفذها الرئيس السيسي، ففتحت علينا أبواب جهنم، دون وضع مخرات لمواجهة السيول التي أصبح متوقع حدوثها بعد شق الجبل. "المسؤولون بيمسحوا جوخ للسيسي" حمّل المهندس عادل الكاشف رئيس جمعية حماية الطرق والكباري، وزارة النقل مسؤولية إنهيار طريق "رأس غارب - جبل الشيخ فضل"، بسبب عدم مراعاتها لوسائل الأمان والحماية للطريق من خلال وضع مخرات سيول أسفل الطريق، وهو ما تسبب في كارثة إنسانية في المدينة. "حرام والله فلوس البلد اللي اترمت في الأرض دي، عشان شوية مسؤولين بيمسحوا جوخ للرئيس وكله تمام وأنجزنا في الميعاد، بس مش عارفين أن السيسي مش عايز كده" هذا ما أكده الكاشف ل "التحرير"، مشيرًا إلى أن تكلفة الطريق تجاوزت 600 مليون جنيه، بحسب تعبيره. وتابع رئيس جمعية حماية الطرق والكباري "بقالنا أكثر من 20 عامًا - نتحدث في موضوع السيول، وكيف نواجهها ولكن لا حياة لمن تنادي، فكيف ننشئ طريق ونشق الجبل دون مخرات سيول لمواجهة الكارثة"، موضحًا أن المخرات التي يتم تنفيذها حالتها لا يُرثى لها ولا يتم صيانتها. وأشار "الكاشف" إلى أن هذا الطريق منقسم إلى جزئين، الأول نفذته "شركة نمسيس القبرصية" ولم يحدث له مكروه، والثاني نفذته شركة بيتروجيت بطول 55 كيلو وهو الجزء الذي انهار غالبيته ولم يستطع مواجهة السيول. كافة الطرق تحتاج لمراجعات فنية قال المهندس علاء سعداوي، عضو الاتحاد الدولي للنقل ورئيس المجموعة الدولية للشحن: إن "منظومة الطرق الجديدة لابد أن تراعي مواجهة السيول حتى يتم التعامل مع الأزمة بسهولة ولا تتسبب في تدمير الأسفلت وإلحاق الضرر بالمدن المحيطة، وبشكل عام فالطرق المصرية تحتاج أن يتم مراجعة المواصفات الفنية فيها بشكل عاجل لمواجهة الأزمة مستقبلًا". ونفى "سعداوي" في تصريحات خاصة، أن طريق "رأس غارب - الشيخ فضل" فتح المجال للسيول، مؤكدًا أن طريق "سفاجا - رأس غارب" وعدد من الطرق الجديدة - تم بها مراعاة كافة الاشتراطات الخاصة بالسيول، وتم توفير صحاري أسفل الطرق لتصريف مياه السيول، ولكن المحليات هي التي أهملت في التعامل مع الأزمة فلم تقوم بصيانة المخرات أسفل الطريق، مما أدى لتفاقمها بشكل هدد سلامة المناطق المجاورة لها. وتابع: أن أزمة السيول تمت مراعاتها في طرق سيناء، ولكن هناك العديد من الطرق مازالت غير مُجهزة لاستقبال الأمطار الغزيرة والسيول بشكل مكثف ومستمر، حيث تكون النتيجة "تدمير الشبكة القومية للطرق والتأثير على كفاءتها"، ومنها الطريق الزراعي والصحراوى "القاهرة -الأسكندرية" وعدد كبير من طرق الصعيد. عدم رصد تاريخ السيول.. السبب الرئيسي في المقابل قال الدكتور عماد عبد العظيم استشاري الطرق والكباري عين شمس: إن "المشكلة تكمن في عدم إطلاع أو عدم وجود رصد لتاريخ السيول في هذه المنطقة، لذلك لم تُسيِّر الشركة المنفذة للطريق مواسير لتصريف المياه بطول الطريق، على الرغم من التكلفة البسيطة". وأضاف "عبد العظيم" "من الوارد أن تكون الشركة المنفذة فتحت في الجبل ولكنهم لم ينتهوا من وضع المواسير أسفل الطريق، وقد يتم وضعها خلال الأيام المقبلة لتفادي تكرار ما حدث. يذكر أن وزارة النقل قررت إنشاء طريق جديد مزدوج 3 حارات بكل اتجاه، بطول 55 كيلو متر، وعرض 23.4 متر، وتنفيذ شركة بتروجيت، بقيمة مالية بلغت 625 مليون جنية "بحسب وزارة النقل".