كثيرون من الخبراء الأمنيين اعتبروا أنَّ واقعة اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة المدرعة، قبل يومين، على يد ثلاثة مسلحين أمام منزله بمدينة العبور بمحافظة القليوبية، أثناء ذهابه للعمل، سقطة أمنية تستوجب محاسبة مسؤولي الأمن، وبخاصةً مع حجم وطبيعة شخصية الشهيد، المعروف بعدائه للإرهاب ومحاربة مجرموه. واقعة الاغتيال أثارت صدمة في قوة القبضة الأمنية للواء مجدي عبد العال مدير أمن القليوبية، والذي وعد في بداية توليه منصبه بوضع الأولويات للعمل الأمني داخل المحافظة، وإشعار المواطن القليوبي بالاستقرار والأمن، وسرعة دراسة الملفات الأمنية بالمحافظة، وحقق بالفعل إنجازات لكن الفشل لازمه في واقعة رجائي. مدير أمن القليوبية حقَّق نجاحات أمنية، إذ تمكَّن الأمن من تطهير منطقة المثلث الذهبي بالكامل من العناصر الإجرامية الخطيرة وذيول التشكيلات في أعقاب سقوط كبار أباطرة الإجرام من عصابات الدكش وأمين موسى وكوريا، مع استمرار الحملات الأمنية لإعادة الانضباط في الشارع وتطهير كل البؤر الإجرامية. من هو مجدي عبد العال؟ اللواء مجدي عبد العال مدير أمن القليوبية رجل ذو خلفية قوية فقد تولى عدة مناصب بوزارة الداخلية حيث كان يشغل منصب مدير المباحث الجنائية بالجيزة، ثمَّ تمَّت ترقيته إلى مدير الإدارة العامة لمباحث مديرية أمن الجيزة، وفي 20 ديسمبر الماضي أصدر اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية حركة تنقلات قام خلالها بترقية مدير أمن السويس الأسبق اللواء جمال عبد الباري، لمنصب مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية، وتعيين اللواء مجدي عبد العال مديرًا لأمن السويس، وفي 28 يوليو الماضي تمَّ تكليفه بمنصب مدير أمن القليوبية، وكرَّم من قِبل قيادات الأمن بمديرية أمن السويس قبل انتقاله إلى عمله الحالي، أي أنَّه لم يستغرق فيه سوى ثلاثة أشهر فقط. يرى كثيرون أنَّ واقعة اغتيال رجائي كشفت تقصيرًا في تأمين الشخصيات الهامة، في ظل تطور العمل الإرهابي داخل البلاد، إذ لم تعد الأعمال الإرهابية قاصرة على رجال النيابة العامة والقضاء وقيادات الشرطة، وإنما طالت هذه المرة رجال الجيش، الدرع الأول ضد الإرهاب وعناصره. خبير أمني: تصريحات مدير الأمن أكبر من إمكانياته.. والداخلية "مسؤولة" عميد الشرطة السابق محمود قطري قال ل"التحرير": "الحادث الأخير وغيره من الأحداث من مسؤولية القيادة الأمنية ممثلة في وزارة الداخلية، وأجهزتها من رجال الأمن العام والأمن الوطني، وأكبر بكثير من مسؤولية مدير الأمن وإن كان غير معفى من التقصير، مشدِّدًا على ضرورة عدم الفصل بين الأمن الجنائي والأمن السياسي، والتركيز على جانب منهما وإغفال الآخر، علاوةً على غياب آليات الأمن الوقائي ومنع الجريمة قبل وقوعها عن رؤية القيادة الأمنية. واعتبر "قطري" تصريحات "عبد العال" أكبر من إمكانياته، مبررًا ذلك بالحادث الأخير، وقال: "لو كان هناك أمن كافٍ في الشارع لما وقع اغتيال الشهيد عادل رجائي ولما اختفى الجناة في لحظات، فالحادث يدل على الفشل الأمني، والغياب عن الانتشار في الشارع قبل استفحال الجرائم، مع الوضع في الاعتبار أنَّ استهداف الإرهابيين لشخصيات سياسية يتضاعف، بما يوجب اتخاذ التدابير اللازمة، بيقظة رجال الأمن الوطني بوزارة الداخلية، علاوةً على نشاط المباحث الجنائية، وشمول الشخصيات الهامة بالتأمين والحماية، ومن أهم هذه الشخصيات الشهيد العميد عادل رجائي، فلا يمكن تصور تجاهل تأمين محيط سكن قائد فرقة تغيظ الإرهابيين وأحد العناصر الهامة فى تفجير أنفاقهم مع غزة". وتابع: "مش لازم كل مرة نضرب في مقتل.. هيفدنا بإيه التحرك بعد وقوع المصاب حادثة تلو الأخرى"، وطالب بالاهتمام بالأمن الوقائي الذي يتصدى للجرائم قبل وقوعها، بنشر عسكري الدرك المتطور كمجندين مدربين أو أمناء شرطة في الشوارع باستمرار، علاوةً على نشر الدوريات الأمنية، وتحركها في الشوارع وفي أوقات مختلفة، وزرع كاميرات المراقبة بالشوارع، وتخصيص فرق عمليات للتدخل السريع وتسخير منظومة إلكترونية وغرفة عمليات لتحريك مثل تلك القوات، وهي متطلبات تواجه وزارة الداخلية وتفوق أدوات مديري الأمن. وأكَّد الخبير الأمني ضرورة تركيز كل مدير أمن على حماية المنشآت الشرطية، وأماكن سكن القيادات الكبرى في الدولة سواء شخصيات سياسية أو مسؤولين حكوميين وقيادات الجيش ورجال القضاء، مضيفًا: "لو توافر التأمين لمحيط سكنهم علاوةً على تحرُّك الدوريات الأمنية في الشوارع لبلغت محاولات استهداف الإرهاب لرجال الدولة حد الفشل التام، لكن للأسف تصيبنا الحوادث تلو الأخرى من النائب العام الشهيد هشام بركات إلى التفجير الثاني الذي استهدف النائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز، والذي فشل لسبب لا دخل لإرادة الجناة فيه وهو فرق التوقيت وتجاوز الموكب لموقع الانفجار وقت حدوثه، واغتيالات ضباط أمن الدولة الذين يتم استهدافهم واحدًا تلو الآخر وكل واحدًا فيهم خبرة وقيمة استغرقت جهد وإنفاق كبير من الدولة". مطالب بتفتيش السيارات وعدم قصر الأكمنة على تحصيل مخالفات المرور واعتبر اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية السابق اغتيال الشهيد رجائي هو "مسؤولية الدولة"، مطالبًا بمراجعة الحسابات وإحكام القبضة الأمنية وتفتيش المركبات؛ للتأكُّد من حمولة العربات واحتوائها على أسلحة من عدمه، دون الاقتصار على فحص التراخيص وتحصيل غرامات المرور فقط. وقال البسيوني: "لو كل من تسول له نفسه علم أنَّه سيتم استيقافه وتفتيشه في دوريات أمنية متحركة باستمرار، فإنَّه سيتخوف من التحرك بأريحية وبحوزته سلاح أو متفجرات يستخدمها في أعمال إرهابية". وأكَّد البسيوني أنَّ العناصر الإرهابية غيَّرت أسلوبها وذلك بالعودة إلى أسلوب الاغتيالات، مطالبًا بتخصيص مقار إقامة مؤمنة للشخصيات الهامة بعيدًا عن مقار سكنها الأصلية حتى لا يتم تتبعهم وتحديد خط سيرهم من قبل الجناة، كالإقامة في أندية واستراحات وزارة الدفاع أو وزارة العدل أيًّا كانت الجهة التي يعملون بها، بما يصعب استهدافهم ويجعلهم شخص ضمن كثيرين يروحون ويجيئون إلى تلك الأماكن دون معرفة من هم على وجه التحديد من قبل خفافيش الإرهاب.