رشوة أمينا شرطة سهلت هروب متهمين منذ عامين دون أن يشعر بهم أحد سقطة أمنية شهدتها مديرية أمن الإسماعيلية، مساء الخميس الماضى، بهروب 6 متهمين بينهم التكفيرى المقبوض عليه مؤخرًا أحمد شحاتة، محمد مصطفى، من سجن المستقبل بالإسماعيلية، مما أسفر عن مقتل مواطن تصادف مروره، واستشهاد الرائد محمد الحسينى، رئيس مباحث قسم شرطة أبوصوير، متأثرًا بإصابته بطلق نارى فى الرأس، خلال الاشتباك مع الجناة فى هروبهم الجماعى. الترهل الأمنى يتجلى بوضوح إذا أخذنا فى الاعتبار أن لسجن المستقبل سابقة هروب متهمين من السجن فى عام 2014 وهى القضية التى تمت إدانة مسؤلين عن السجن فيها بتهمة الإهمال، وانتهت الواقعة إلى حكم بالحبس 3 سنوات وكفالة 5 آلاف جنيه ل 12 ضابطا وأمين شرطة من قوة تأمين سجل المستقبل بالإسماعيلية، من بينهم مساعد مدير أمن الإسماعيلية، السابق للترحيلات، ومأمور سجن المستقبل السابق ونائبه و2 من ضباط المباحث بالسجن و7 أمناء شرطة المكلفين بتأمين ، العنابر والبوابات الداخلية والخارجية للسجن. بينما نجد واقعة الهروب الأخيرة تأتى بمؤشرات شديدة الخطورة، بالرغم من طبيعة السجن كمنشأة يفترض أن تحظى بالتأمين الكافى، علاوة على إيوائه عناصر خطرة وتكفيرية منهم المتهم المقبوض عليه الأسبوع الماضى، "شحاتة" والذى كان يستقل سيارة نقل محملة بالأسلحة المتنوعة والثقيلة، وحوت 20 بندقية نمساوى الصنع ماركة STEYR AUG، مثبت بكل منها جهاز تليسكوب وخزينة، وصندوق بداخله 31 ألف طلقة من ذات العيار، 4 سلاح متعدد، وتليسكوب ليلى، و240 بندقية خرطوش وقذائف "أر بى جى"، وكان في طريقه إلى إرهابيون وتكفيريون تهريبها إلى سيناء لاستخدامها فى الأعمال الإرهابية والتخريبية. وترتكز مؤشرات خطورة الهروب الأخير، فى تحصل المتهمين الهاربين على سلاح نارى، بحيلة بدائية ساذجة، وإطلاق النيران على حارس الزنزانة بالسجن، وتبادل إطلاق النيران داخل السجن قبل الاشتباك خارجه، بخلاف المطاردة العشوائية التى تسببت فى مقتل المواطن أحمد عبدالوهاب رزق، خلال محاولته مطاردة المتهمين، وأخيرًا نجاح عملية الهروب الجماعى، كما شهدت المطاردة إصابة فرد أمن واستشهاد ضابط، فيما تمكن خمس متهمين من الهرب، ولم يتم القبض إلا على متهم واحد بعد إصابته فى قدمه. الهروب القديم ..رشوة وتواطيء واقعة الهروب الأولى فى سجن المستقبل، ترجع إلى شهر يوليو لعام 2014، عندما أمر المستشارهشام بركات, النائب العام الراحل، بإحالة مساعد مدير أمن الإسماعيلية السابق ومأمور سجن المستقبل ونائب المأمور ومعاون مباحث السجن و8 آخرين من الضباط وأفراد الأمن بالسجن، للمحاكمة أمام محكمة الجنح، بتهمة الإهمال الجسيم، فضلا عن إحالة أحمد فتحي ومحمد صفوت أمينا الشرطة بذات المكان إلى محكمة الجنايات، لاتهامهما بتسهيل هروب سليمان زايد وخالد رياض من العناصر شديدة الخطورة بعد تلقي الرشوة والتربح من أعمال وظيفتهم والإضرار العمد بها. وكشفت تحقيقات النيابة وقتها أن المتهم الأول محكوم عليه بالإعدام غيابيا لتورطه في جرائم قتل وتخريب مركز شرطة أبو صوير وذلك في القضية رقم3584 لسنة2013 جنايات القنطرة غرب، والثاني محكوم عليه بالإعدام لارتكابه جرائم قتل عمد وسرقة بالإكراه وقطع الطرق في القضية رقم3720 لسنة2014 جنايات مركز الإسماعيلية. وأضافت التحقيقات أن فجر اليوم الأول من عيد الفطر الموافق الاثنين27 يوليو2014 تمكن أمين شرطة أحمد فتحي محمد وشهرته أحمد السويسي من قوة النظام بالسجن من الدخول من البوابة الرئيسية بسيارة ذات زجاج داكن دون اعتراض من قوة تأمين البوابة. وأشارت التحقيقات إلي أن المتهم اجتاز أفنية السجن لمكان لا يصرح بدخول سيارات العاملين به ثم قام مع زميله محمد صفوت عوض الله زيدان أمين شرطة بفتح الزنزانة الخاصة بالسجينين الهاربين وقاما بإخراجهما واصطحابهما للسيارة وعبر المتهم الأول بها من البوابة دون أي إجراء أمني سواء استيقاف أو تفتيش. وأوضحت التحقيقات أن الضباط المدانين قد خالفوا قانون السجون والقواعد المنظمة للعمل به حيث إن الضابط النوبتجي سلم مفاتيح الزنازين لأمين الشرطة وقوات تأمين البوابة والعنابر لم تتصد لعملية تهريب المحكوم عليهما بأية صورة. واستجوبت النيابة اللواء محمد عبد الجواد مساعد مدير أمن الإسماعيلية السابق والعقيد وائل حسام الدين مأمور السجن والنقيب محمود صالح نائب المأمور والنقيب إبراهيم حربي والملازم أول مصطفي عبد المنعم وأمين الشرطة أحمد فتحي محمد و9 من أفراد الشرطة. وصدر حكم "الجنح" أولًا بالحبس 3 سنوات وكفالة 5 آلاف جنيه ل 12 ضابطا وأمين شرطة من قوة تأمين سجل المستقبل بالإسماعيلية من بينهم مساعد مدير أمن الإسماعيلية السابق للترحيلات، ومأمور سجن المستقبل السابق ونائبه و2 من ضباط المباحث بالسجن و7 أمناء شرطة المكلفين بتأمين العنابر والبوابات الداخلية والخارجية للسجن.
هروب الخميس الدامى لم تعلن النيابة أو الأجهزة الأمنية بيان موضح للتفاصيل الكاملة للهروب الأخير مساء الخميس الماضى الآن، فيما تعددت روايات مجهلة المصدر بين شبهة تواطؤ جديدة من ناحية، ومن ناحية أخرى رواية ادعى فيها مسجون إصابته بإعياء، وحينما فتح حارس باب الزنزانة، سرقوا سلاحه وأصابوه بطلق نارى فى القدم، ولم ينجح المتهمون فى الهرب من الزنزانة فقط، بل تمكنوا من الهرب خارج السجن كلية، وقتلوا مواطنا حاول التصدى لهم، ثم قتلوا الرائد محمد الحسينى، رئيس مباحث قسم شرطة أبوصوير. بينما أعلنت وزارة الداخلية قرارها بمنع جميع الضباط في سجن المستقبل من مغادرة السجن لحين انتهاء التحقيقات التي بدأت مع عدد من القيادات داخل السجن والضباط والأمناء، علاوة على إيقاف عدد من الأفراد داخل السجن عن العمل لحين انتهاء التحقيقات، ولفت الحدث الانتباه إلى تركيب كاميرات مراقبة جديدة، وزيادة التعزيزات الأمنية بنشر قوات من العمليات الخاصة حول السجن.
سر سهولة هروب المتهمين تثير سهولة هروب المتهمين فى الحادث الأخير، التشكك فى الصور النمطية للسجون بأسوارها العالية، وقناصتها المتراصة على الأسوار، لكن الخبير الأمنى عميد الشرطة السابق، أوضح أن سجن "المستقبل" يُصنف كسجن ترحيلات، شارحًا أنه ليس سجنًا عاديًا يبقى فيه المتهمين لفترات طويلة ويتبع لمصلحة السجون بوزارة الداخلية مباشرة، ومنشأ فى مكان منعزل شديد التأمين وأركان الحراسة، لكنه يعد سجنا مؤقتا يعامل معاملة السجون المركزية ويتبع مدرية الأمن، ويخصص لاستقبال المساجين المقبوض عليهم حديثًا لعروضهم على النيابة، أو المتهمين الذين لهم جلسات محاكمة، أو المنقولين من سجن إلى سجن آخر أو لاستقبال القادمين من النيابة للإفراج عنهم، ويتسم بكثرة الحركة والمأموريات منه وإليه دخولًا وخروجًا.
وقال عميد الشرطة السابق: سجون الترحيلات فى مديريات الأمن عليها ملحوظات كثيرة، أولها أنها لا تحظى بالتأمين الكافى، وليس لها مواصفات خاصة فى الإنشاء، وليس لها سرية تأمين دائمة، أو حراسة على الأبراج والأسوار كالسجون العمومية، وإن كانت كأى منشأة أمنية يفترض أن تخضع لقواعد وإجراءات فى الدخول إليها أو الخروج منها. ووصف "قطرى" سجون الترحيلات بالبسيطة العشوائية يختلط فيها المتهمين دون تصنيف، لنجد متهم السرقة يسجن مع المتهم بالقتل أو المتهمين الإرهابيين التكفيريين، وهى تشبه إلى حد كبير حجوزات المتهمين فى أقسام الشرطة، عبارة عن حجرات بكل منها عدد من المتهمين، وعادة ما يكون كبير، وموجودة فى الغالب كأقسام الشرطة وسط العمرانوليس فى مناطق معزولة، مطالبًا بتدعيمها وتعزيز قواتها وتسليحها لمنع تكرار وقائع الهروب على غرار الواقعة المشار إليها. وطالب عميد الشرطة السابق الضباط مسؤلى الأمن عن سجون الترحيلات وغيرها، اتباع التعليمات بتحذير محاولة الهرب، وإطلاق أعيرة فى الهواء، والتعامل مع الهدف غن كان مسلح ومصدر خطورة أو لم يستجب ويرتدع عن الهرب رغم تحذيره، قائلًا: "الضباط قد يترددون فى إطلاق النيران خوفًا من المساءلة أو تحت وطأة الخوف من الإعلام، لكن الواجب أولًا بغض النظر عن العقبات".