محامى: الرقابة غائبة منذ البداية والعقوبات لا تردع المحتكر الفعلى ولابد من تشريعات «أمن دولة» حالة من الغلاء المسعور باتت تضرب السع الأساسية فى السوق المصرى واحدة بعد الأخرى، كالأرز والسكر، لدرجة إختفاء تلك السلع ودفع المواطن للبحث عنها وكأنها منتج نادر، ليتحول الموقف من أزمة فقراء إلى أزمة مجتمع كامل، وهو الأمر الذى أجبر الحكومة على التدخل أخيرًا فى محاولة لمنع تفاقم الوضع، لتؤكد النتائج على توافر عشرات بل مئات الأطنان من تلك المتلاعب بها داخل السوق المحلى، لكن أغلبها محبوس عن المواطنين فى مخازن لصالح جشع التجار. وليس أدل على جشع حيتان الاحتكار، من كمية الضبطيات التى أعلنت عنها الأجهزة الأمنية صباح اليوم فقط، وتضمنت ضبط 100 طن أرز يخزنهم "توكل.أ" الموظف بالوحدة المحلية بمدينة سرور بمحافظة دمياط، كما تم ضبط "حسن ع ح ال" 50 سنة تاجر حبوب، احتكر 35 طن أرز بمركز أولاد صقر بمحافظة الشرقة، كما تم ضبط 17 طن آخرين عند بلال.م.أ " 34 سنة، مسؤل مواد غذائية بمصر القديمة، كما تم ضبط ومصادرة 75 طن سكر بمخزن أحد البقالين التموينيين بقرية القشيرى، بمحافظة المنيا، ووقائع آخرى تم ضبطها خلال الساعات القليلة الماضية بلغت قرابة 330 طن أرز وسكر تم ضبطها أول الإسبوع يومى السبت والأحد فقط. ولأن الأمر لم يعد قاصرًا على استياء الغلابة والاحتقان داخل بيوت البسطاء فقط، وإنما تحول إلى أزمة دولة، وجه رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، حكومته إلى ضرورة التركيز على حلول لتلك الأزمة تمثلت حسبما أعلن فى تكليف وزيرى العدل والشئون القانونية والنواب، بمراجعة التشريعات اللازمة لتغليظ العقوبات المقررة على الممارسات الاحتكارية واستصدار قانون منظم، علاوة على توفير أراضى لإنشاء منطقة لوجستية بكل محافظة، والتنسيق مع وزارة التموين لتوفير الأراضى اللازمة لإقامة مركز تجارى كبير بعاصمة كل محافظة يتعامل مع مناطق الإنتاج بشكل مباشر للبعد عن الوسطاء بما يساهم فى تخفيض الأسعار، فضلاً عن دراسة منح تراخيص مؤقتة لإقامة منافذ لمشروع "جمعيتي"، والتى تبلغ 1500 وحدة تعمل من إجمالى 5000 وحدة من المخطط تنفيذها. أقصى عقوبة بالبحث فى اللوائح والقوانين نجد أن عقوبة المحتكرين هزيلة ولا تزيد عن عامين، وحدد الأمر قرار وزير التموين رقم 136 لسنة 1990، إذ نص على إلزام أصحاب محال تجارة الجملة والتجزئة والمسئولين عن إدارتها أن يعلنوا فى مكان ظاهر بواجهة محالهم عن مخازنهم وعناوينها والسلع المودعة فيها وأيضا السلع المودعة لحسابهم بمخازن آخرين، ويتعين أن يتضمن الإعلان بيانا تفصيليا عن نوع السلعة ووحدة البيع وأسعار تداولها. ونصت المادة الثانية من القرار على أنه يُحظر على الأشخاص المشار إليهم فى المادة السابقة حبس السلع المذكورة عن التداول عن طريق اخفائها أو عدم طرحها للبيع أو تعلى بيعها على شرط مخالف للعرف التجارى، كما يحظر عليهم الاتفاق على سحب السلع المحدد تداولها أسواق الجملة أو مناطق معنية ببيعها خارج تلك الأسواق والمناطق أو الإخلال بنظام التعامل بهذه الجهات. وحددت المادة الثالثة من القرار العقاب عن كل مخالفة لأحكام المادة الأولى بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز سنتين، وبغرامة من مائة إلى خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهو الأمر الذى يعنى أن العقاب قد يقتصر على غرامة 500 جنيه فقط بحد أقصى. عقوبة «الغش التجارى» أكبر تجدر الإشارة إلى أن أقصى عقاب يحدده القانون فى مجال التلاعب بالسلع الغذائية، الحبس مدة لاتقل عن سنتين ولاتجاوز سبع سنوات وبغرامة لاتقل عن عشرين ألف جنيه ولاتجاوز أربعين ألف جنيه، فى حال بيع سلع غذائية أو عقاقير طبية أو حاصلات فاسدة غير صالحة للاستخدام، أو التى انتهى تاريخ صلاحيتها أو كانت المواد التى تستعمل فى الغش ضارة بصحة الآنسان أو الحيوان. محامى: القانون الحالى لا يردع من واقع المحاكم أكد المحامى على إسماعيل، على أن القانون الحالى لا يردع المحتكر الفعلى، إذ وصف عقوبته بالواهية، والتى تصنف كجنحة، لا تزيد فى أى حال من الأحوال عن ثلاث سنوات كعقوبة للاحتكار، مؤكدًا على أن حيتان الاحتكار يهربون من العقاب وعادة ما يتحمله أيًا من العاملين عنده، ويبقى على وضعه فى ممارسة الاحتكار والإضرار بالمواطنين ونشر الغلاء لتحقيق أرباح لنفسه. وسلط المحامى الضوء على بطء إجراءات التقاضى، والتى تتضمن حكم أولى قد يكون غيابى ويعارض فيه المتهم، ثم يحق له الاستئناف وبعدها النقض، وصولًا إلى حكم مخفف هزيل عادة ما يقتصر على الغرامة التى لا تفرق كثيرًا مع حيتان الاحتكار، قائلًا: «حينما ننتظر كل تلك المراحل تكون الدنيا قد خربت والأزمة تفاقمت»، مطالبًا بفرض عقوبات استئناثية بتشريعات تصنف كأمن دولة، كما كان يحدث فى فترات سابقة، وذلك لردع المتاجرين بأقوات الغلابة. وطالب المحامى بوجود رقابة منذ البداية، ومتابعة الإنتاج المحلى وحجم الاستيراد على السواد، متسائلًا: "أين كانت الرقابة ورجال الضبط حين تم تخزين تلك المئات من أطنان السلع الأساسية؟"، ولماذا انتظار تخزينها وحجبها عن السوق حتى تحدث الأزمة وبعد ذلك تشتد الجهود للضبط، تلك الجهود يجب أن تكون متوافرة على الدوام لمنع صلب المشكلة.