500 طالب وطالبة يشاركون بمؤتمر كلية حاسبات قناة السويس    برلمانية: التصديق على قانون «رعاية المسنين» يؤكد اهتمام الرئيس بكل طوائف المجتمع    ارتفاع صادرات الصناعات الغذائية المصرية 23.9% والأجهزة الكهربائية 26.8%    جالانت: إيران فشلت في هجومها وستفشل في الردع وسنعيد مواطنينا للشمال بالاتفاق أو بالعمل العسكري    انطلاق مباراة بوروسيا دورتموند وأتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا    للمرة الثالثة على التوالى.. نوران جوهر تتوج ببطولة بلاك بول الدولية للإسكواش    وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع تداعيات حريق مول تجاري بمحافظة أسوان    أشرف زكي وطارق علام أبرز الحضور في عزاء شيرين سيف النصر    برلماني: خروج محافظة قنا من التأمين الصحي الشامل أمر غير مقبول    الطوارئ الروسية: غرق 5500 منزل في مدينة أورينبورج شرق موسكو    تشكيل قمة بوروسيا دورتموند ضد أتلتيكو مدريد فى دورى أبطال أوروبا    ممثلو بريطانيا وأمريكا وروسيا لدى الأمم المتحدة يدعون إلى استكمال العملية السياسية لتحسين الوضع في ليبيا    جدول امتحانات الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني بالفيوم    منطقة الأقصر الأزهرية تفتتح المعرض الأول للوسائل التعليمية لرياض الأطفال    فوز العهد اللبناني على النهضة العماني بذهاب نهائي كأس الاتحاد الآسيوي    إسلام أسامة يحصد فضية بطولة العالم للسلاح للشباب (صور)    6 ملايين جنيه لأعمال إنشائية بمراكز شباب القليوبية    فانتازي يلا كورة.. دفاع إيفرتون يتسلح بجوديسون بارك في الجولة المزدوجة    التخطيط: توجية استثمارات بقيمة 4,4 مليار جنيه لقطاع الإسكان بالقليوبية    إزالة مخالفات بناء وتعديات على الأراضي الزراعية بالإسكندرية    إصابة فني تكييف إثر سقوطه من علو بالعجوزة    ضبط 7300 عبوة ألعاب نارية في الفيوم    تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي    أحمد حسام ميدو يكشف عن أكثر شخصية جاذبة للستات    أفلام كان وإدفا في الإسكندرية للفيلم القصير.. القائمة الكاملة لمسابقات الدورة العاشرة    باستطلاع إعلام القاهرة.. مسلسل الحشاشين يحصد أصوات الجماهير كأفضل ممثل ومؤلف ومخرج    برلماني عن المثلية في المدارس الألمانية: "بعت للوزارة ومردتش عليا" (فيديو)    خالد الجندي: نشكر «المتحدة» على برامجها ونقل الفعاليات الدينية في رمضان    بالشيكولاتة.. رئيس جامعة الأزهر يحفز العاملين بعد عودتهم من إجازة العيد.. صور    بعد إصابة 50 شخصًا في أعينهم.. ضبط 8 آلاف قطعة ألعاب نارية قبل بيعها بسوهاج    مفيد لمرضى القلب والضغط.. ماذا تعرف عن نظام داش الغذائي؟    أوبل تستبدل كروس لاند بفرونتيرا الجديدة    الخميس.. "بأم عيني 1948" عرض فلسطيني في ضيافة الهناجر    عالم بالأوقاف: يوضح معني قول الله" كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"؟    عاجل- عاصفة رملية وترابية تضرب القاهرة وبعض المحافظات خلال ساعات    وزير الأوقاف يكرِّم شركاء النجاح من الأئمة والواعظات ومديري العموم    بعد تحذيرات العاصفة الترابية..دعاء الرياح والعواصف    الحرية المصري يشيد بدور التحالف الوطني للعمل الأهلي في دعم المواطنين بغزة    وزير التعليم: مد سن الخدمة للمُعلمين| خاص    وزير الخارجية ونظيره الصيني يبحثان تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحيطها    هل يجوز العلاج في درجة تأمينية أعلى؟.. ضوابط علاج المؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية    فصل التيار الكهربائي "الأسبوع المقبل" عن بعض المناطق بمدينة بني سويف 4 أيام للصيانة    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    «الأهلي مش بتاعك».. مدحت شلبي يوجه رسالة نارية ل كولر    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    صداع «كولر» قبل مواجهة «وحوش» مازيمبي في دوري أبطال إفريقيا    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    بعد التحذير الرسمي من المضادات الحيوية.. ما مخاطر «الجائحة الصامتة»؟    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    بضربة شوية.. مقتل منجد في مشاجرة الجيران بسوهاج    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    «لا تتركوا منازلكم».. تحذير ل5 فئات من الخروج خلال ساعات بسبب الطقس السيئ    السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة: حان الوقت لإنهاء الصراع في السودان    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والسعودية: أيهما أكثر احتياجا للآخر؟!
نشر في التحرير يوم 15 - 10 - 2016

أثبتت التجربة العملية أنه لا فرق كبيراً بين السعودية وقطر فى تصور شكل العلاقة بمصر ولا بالسياسة البعيدة والآلية التى يضعونها للتعامل معها. كما لا يبعد الاختلاف بينهما عن حدود الأسلوب وطريقة تنفيذ هذه السياسة. وأما الوقائع المُفحِمة فهى قريبة، بل إن بعضها لا يزال دائراً هذه اللحظة!
فقد قررت قطر فجأة ودون مقدمات، وهذه هى طريقتها، وبمجرد استجابة القوات المسلحة المصرية للإرادة الشعبية بعزل ممثل الإخوان من القصر الجمهورى، أن تطلب سحب وديعتها الدولارية فى البنك المركزى المصرى، فى اعتراض واضح على تنفيذ هذه الإرادة الشعبية، وفى مسعى لا خلاف عليه للضغط على نظام الحكم فى المرحلة الانتقالية المحفوفة بالمشاكل، بالدفع به إلى مأزق اقتصادى صعب! ولم تختلف السعودية عن هذا الفكر، فقد قررت وقف بيع المنتجات البترولية التى تحتاجها مصر بشدة (بيع وليس منحة!)، أيضاً كرد فعل مباشر، عندما أبدى نظام الحكم المصرى تمسكه باستقلال القرار الوطنى فى السياسات التى يضعها مع دول العالم المختلفة، ومنها إيران وروسيا، ومنها الموقف الرسمى إزاء جريمة العصر التى تستهدف تدمير سوريا.
الجدير بالملاحظة والتوقف للدراسة هو الموقف السعودى، لأن قطر، منذ بزوغها الأول على ظهر الأرض فى عالم السياسة قبل سنوات قليلة، لم تُبدِ أنها حريصة على أن يكون لها أى علاقة خاصة بمصر، بل على العكس، كانت تتعمد اختلاق الخلاف وإشهاره، باستثناء فترة حكم الإخوان. أما السعودية فقد كانت ترفع شعار الأخوة مع مصر، باستثناء الجفوة، التى وصلت إلى العداء، فى علاقتها بعبد الناصر، وأيضاً فى الفترة التى أعقبت اتجاه السادات للصلح مع إسرائيل، وإن كان هذا الموقف الأخير إذعاناً من السعودية خشية من زعامات جبهة الصمود والتصدى التى أنشئت لمناوأة السادات، وقيل إنها لمواجهة إسرائيل من أجل استعادة كامل التراب المحتل..إلخ
لا بأس من مجاراة المنطق السعودى، ليس فقط للتدليل على استحالة تنفيذه عملياً، وإنما، أيضاً، من باب كشف بعض طرائفه، التى منها الرغبة فى تأميم الموقف المصرى لصالحها، بحيث لا يصدر قرار مصرى إلا وهو يتفق مع السياسة السعودية! طبعاً، الافتراض غريب بما يقترب من الهلوسة، ولكن إذا افترضنا إمكانية حدوثه، فبكم يكون الشراء؟ هل يمكن أن تتوهم السعودية، وفق خيالاتها، أن تأميم القرار المصرى لصالحها يتحقق بهذا البخس، بمجرد
تقديمها تسهيلات لمصر فى تسديد أثمان المنتجات البترولية، ومعها ودائع دولارية متواضعة فى البنك المركزى تسحبها وقتما تشاء، مع معونات مشهرة للتجريس على المستوى الإقليمى والعالمى؟ مع تكرار القول باستضافة العمالة المصرية وكأنهم يتقاضون رواتبهم من صندوق خيرى وليس مقابل عمل تحتاجه السعودية!!
هناك رأى عاقل يطالب بأن تكون المناقشات بين مصر والسعودية، أو حتى خلافاتهما، فى حدود الحرص على تنمية العلاقات بينهما وليس بطريقة العمل على إشعال الحرائق أو التورط فى السهو عن أسباب الحرائق وبوادرها. وهذا صحيح ومطلوب، شريطة أن يكون هناك حدّ معقول من الاتفاق بشكل واضح، أو شبه واضح، على أساسيات لم يعد من الممكن الاستمرار فى التغاضى عنها. لأنه يبدو أن مصر أخطأت عندما تصورت أن الاتفاق بين البلدين على أشدّه فى مسائل يصمت فيها المصريون حرجاً، بافتراض أنها معلومة بالضرورة والمنطق والحساب البسيط، بينما لم يكن الأمر كذلك على الأرض لدى الطرف السعودى.
الحقيقة التى كان ينبغى للسعودية أن تدركها منذ البداية، هى أن الثروة الطارئة الاستثنائية يمكن أن تختصر الطريق بصاحبها إلى الاقتراب من القمة، ولكن من الحصافة أن يدرك أن وجوده هناك غير قائم على دعائم ثابتة، مما لا يصنعها إلا التطور الحضارى البطيئ المتراكم عبر قرون. وها هى الفرصة تكاد تفلت من أياديهم حتى دون أن يعززوا موقعهم بالرضا الشعبى!
لذلك فإن العسر الاقتصادى، أو نفاد ثروة النفط التى هى ناضبة بالتعريف، يُفقِد السعودية بريقها وتتبدد أشكال الترف الذى هو مؤقت لو كانوا يعلمون، بل يُبعد عنها الطامعين، إلا فى موقع تتناقص أهميته مع تقدم التكنولوجيا. أما مصر، التى هى فى عُسر شبه مزمن لأسباب يطول فيها الكلام، فإنه بإمكانها، إذا أدرك حكامها أسرارها، أن تقوم بدور عظيم فى الجوار والإقليم، بل إن الطمع فيها يزداد مع غواية ضعفها، وهذا لممكناتها التى يمكن أن تنتقل من الكمون إلى الفعل المؤثر، أيضاً، إذا كان أصحابُها يعرفون.
لقد تحكمت فى السعودية عقلية التجار فى عصور البداوة الذين عاشوا خيالات تحقيق أكبر ربح بأقل تكلفة، بل كانوا يفضلون أن تأتى الثروات مجاناً، وقد تخيل ساستهم فى السنوات الماضية، بالحسبة البسيطة التى رصدوا مصر فيها متعسرة، بأنها فرصتهم التاريخية ليخوض لهم المصريون حروبهم فى اليمن والعراق وسوريا، وضد إيران وروسيا..إلخ، وقد تورطوا فى أوهام أن الصفقة لا تكلفهم إلا بعض الريالات والدولارات، وحتى هذه يدفعونها مع جُرسة إقليمية وعالمية!!
لقد أخطأت السعودية خطأ تاريخياً مع مصر هذه الأيام، وإن كان يتماشى مع جملة أخطائهم التاريخية الأخرى ضد عدد من الدول العربية، لأن صاحب القرار لم يُدرك التعقيدات الهائلة التى تحيط بقراره الذى تعمد فيه المساس بالكرامة الوطنية بوهم أن يده هى العليا.
تستطيع مصر أن تجد مخرجاً للقرار السعودى بأن تشترى احتياجاتها البترولية من السوق المفتوحة، وهو ما حدث بالفعل، كما أن الشعب المصرى يمكنه أن يتحمل المزيد فى عناد الدفاع عن الكرامة الوطنية. ولكن هل تستطيع السعودية أن تجد بديلاً لمصر فى كل مشروعاتها، وهل يمكن أن يصطف الشعب السعودى حول حكامه فى المواقف الصعبة القادمة التى لم يختبروا مثلها؟
المؤكد أن السعودية تخطئ التقدير، ولكن، أيضاً، يبدو أن الحكم فى مصر لا يُحسِن عرض وتقديم بضاعته، والمؤسف أن بخس مصر لنفسها مستمر تباعاً على يد نظم متعاقبة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.