تلقى المسئولون بالمملكة العربية السعودية، تصويت مصر بمجلس الأمن لصالح مشروعي قرارين روسي وفرنسي، بالاستهجان والغضب، فوصف مندوب المملكة في الأممالمتحدة، عبد الله المعلمي، الموقف المصري ب "المؤلم "، وقال خالد العلكمي، المحلل السياسى السعودي، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "الحكومة المصرية تواصل الخذلان، وتصوت لمشروع القرار الروسي.. ماذا كنتم تتوقعون من حكومة ذرفت الدموع على المجرم بيريز؟.. سفيرنا المعلمي يصف الموقف بالمؤلم.. المؤلم أكثر هو استمرار تدفق المساعدات والدعم لهذا النظام المصري". وأعقب ذلك، إعلان شركة "أرامكو" السعودية، وفق ما ذكرته وزارة البترول، وقف إمدادها لمصر بالبترول خلال شهر أكتوبر، ما يصفه البعض بأنه بداية ل"شقاق" بين البلدين، بعد فترة طويلة من "التوافق".. الموقف السعودي الأخير يطرح تساؤلًا حول رد الفعل المصري، وبالتحديد فيما يتعلق باتفاقية ترسيم الحدود البحرية، والتي بموجبها أصبحت جزيرتي تيران وصنافير تتبعان السعودية. السناوي: لا يجب أن تتصدام مصر مع أصدقائها من جانبه، علق الكاتب الصحفي عبد الله السناوي، على الأمر قائلًا إن مصر لديها وزن وقيمة، وأنه يتعين عليها إعلان أسباب تبنيها موقف روسيا بشأن سوريا في مجلس الأمن، وتفعيل لغة الحوار مع الأصدقاء وعدم الصدام معهم، فى إشارة منه للسعودية. وأضاف السناوي، خلال برنامج "451 F"، المُذاع على قناة العاصمة، أن قضية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية انتهت، وأن الأخيرة مارست ضغطا على مصر في تلك القضية الخاصة بجزيرتي "تيران وصنافير"، من جانب ولي ولي العهد محمد بن سلمان؛ لأسباب تتعلق بالخلافة في السعودية، مؤكدا أن الحديث عن الجزر انتهى، وأنهما ستبقيان مصريتين وإلى الأبد. وأشار إلى أن "تيران وصنافير" خرجت تماما من يد النظام وانتهت لعهدة الرأي العام، مخاطبا السعودية: "مصر ليست دولة صغيرة.. وحافظوا على لغة الحوار في أدب"، موضحا أن صلب الأزمة ليس مصريًا سعوديًا، وإنما في الاستقطاب الدولي، الذي يديره بشكل مباشر أمريكاوروسيا، وتابع: "تصويت مصر على القرارين الفرنسي والروسي، وهما متضادين، جعل موقف مصر ملتبسًا"، مؤكدا أن تصويت مصر للقرار الروسي فقط كان سيجعلها أكثر شجاعة. عبد المجيد: روسيا سبب تدهور العلاقات بين مصر والسعودية من جهته، قال الدكتور وحيد عبد المجيد، رئيس مركز الأهرام للترجمة والنشر، ونائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أن العلاقات المصرية السعودية تمر بمرحلة صعبة، ليس فقط بناءً على الموقف الأخير للجانب المصرى والتصويت لصالح القرار الروسي بحسب، لكن العلاقات متوترة لعدم وضوح الرؤية لدى السياسة الخارجية للدولة المصرية في قضايا كثيرة؛ ما يؤدي إلى أزمات في العلاقات بين القاهرةوالرياض من حين لآخر. وأوضح عبد المجيد، في تصريحات ل"التحرير"، أن المشكلة الأساسية ليست في علاقة مصر مع السعودية، بقدر ما هي تكمن في سعي مصر الجاد لبناء علاقة قوية مع روسيا، منوهًا بأن العلاقات مع الأخيرة لابد وأن تكون قائمة على التعاون المثمر، وليس كما هو عليه الحال، وأن الجانب الروسي يمارس الكثير من الضغوط على مصر سواء فى مجال السياحة أو غيره، مشيرًا إلى أنه إذا لم يستفد الجانب المصري من تداعيات العلاقة مع أمريكا في الماضي، ومن ثم مع الاتحاد السوفيتي، ستدفع الحكومة المصرية ثمن باهظ منها خسارة وتدهور العلاقات مع الحلفاء، مطالبُا مصر بمراجعة العلاقة مع روسيا، وأن تقف السلطة في مواجهة هذا التوغل الروسي على مصر في شتى القضايا، بدلًا من أن يتسبب ضعف موقفنا في العلاقات الروسية إلى كوارث على مستقبل العلاقات المصرية مع دول الجوار. وأكمل: "مسألة اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية تُعد جزئية بسيطة في تحول المشهد حيال الاستقطاب الروسي للدولة المصرية، وأن الجانب الروسي وراء تدهور العلاقات بين البلدين". حسن: السعودية تحرص على العلاقات مع مصر من أجل تيران وصنافير في حين، أوضح الدكتور عمار علي حسن، المحلل السياسي، أن مسالة إعلان شركة أرامكو السعودية وقف إرسال المنتجات البترولية إلى القاهرة، لا يعني على الإطلاق أن مصر تتلقى مساعدات بترولية من الرياض، بقدر ما هو اتفاق بمبلغ 23 مليون دولار بين البلدين، وليست مساعدات كما يروج الإعلام المصري. ونوه، ل"التحرير"، بأن الموقف المصري بشأن ملف القضية السورية ليس وليد قرار مصر فى جلسة الأمن، بل أن ذلك الموقف يرجع إلى شهور عدة، حيث أن الملك سلمان زار القاهرة، وأبرم العديد من الاتفاقيات، ويعلم جيدًا الموقف المصري من الأزمة السورية. وأشار إلى أن الخيار المصري لمعالجة الأزمة السورية، وكذلك الملف الليبي، يرتكز على محاور تقوم على مصلحة الشعب ومقاومة التنظيمات الإرهابية والحفاظ على تماسك الدولة، موضحًا أن الأمر يختلف مع الجانب السعودي، الذي يُريد تقليص نفوذ إيران بالقضاء على نظام بشار الأسد في سوريا، وبيَّن أن توتر العلاقات المصرية السعودية لن يصل إلى حد خسارة الجانب السعودى ل"تيران وصنافير"، معلنا أن المملكة منذ زمن بعيد، طالبت مرارا وتكرار بهما، لكن الجانب المصري كان صاحب رد صادم للسعودية، بأن تلك الجزر ضحت مصر من أجلها، ومارست عليها السيادة المصرية، حيث أن السعودية وصلت بموجب اتفاقية ترسيم الحدود، إلى حد لم يكن بالأحلام بالنسبة لها.