من يحاسب الأولتراس وينقذ الكرة المصرية والأندية واللاعبين من تصرفاتهم الصبيانية قبل أن يتحولوا إلى ميليشيات؟ «ضربوا لاعيبة فريقهم وشتموهم وسبوهم، وآخرون اقتحموا ناديهم وحرقوه وشتموا رئيس ناديهم ومدرب فريقهم، وفى النهاية يقولون عقلية»، هى بالفعل عقلية فاسدة مدمرة لا تعترف إلا بالعنف والشتائم والسباب، عقلية مارقة لا بد من استئصالها، لأنها كالورم الخبيث فى جسد الرياضة المصرية، فهم مجموعة من الموتورين الذين حولوا التشجيع إلى مهنة، وتعاملوا مع النادى على أنه الوطن، وانتموا إليه، إلا أن انتماءهم لم يرفع شأن أنديتهم بل كان سببًا فى خراب الأندية واللعبة فى مصر كلها، حيث تحولت كرة القدم فى مصر إلى أزمة وكارثة فتوقفت اللعبة وغاب الفن الجميل وانقطعت الأرزاق وفقد البسطاء متعتهم فى مشاهدة مباريات الكرة والاستمتاع بها بعد أن حول الأولتراس الملاعب إلى ساحات قتال ودماء. شغب الملاعب فى الماضى كان مجرد واقعة هنا أو طوبة هناك أو هتافات عدائية وبعد قدوم روابط الجماهير أصبح الشغب والحرائق والدمار مسلسلًا دائمًا يتزامن مع مباريات كرة القدم، حتى إنه بات أشبه بتنظيم القاعدة، حيث الأفكار المتشددة ومحاولة فرض الهيمنة على النادى بما يحتويه من مجلس إدارة إلى جهاز فنى إلى لاعبين. كيان الأولتراس مجرد كيان منظم، كيان غامض، يحيطه عالم من السرية، ارتبط وجوده بالأزمات والمشكلات بشكل روع وأرعب المصريين بداية من اندلاع حرب الشوارع بين رابطتى «ألتراس أهلاوى» و«وايت نايتس» زملكاوى فى أكثر من مناسبة ثم تحول إلى صراع مع الداخلية، وذلك على هامش المباراة التى جمعت بين الأهلى وكيما أسوان باستاد القاهرة فى بطولة كأس مصر، وما لبثوا أن تحولوا من الرياضة إلى السياسة بعدما نجحت جماعة الإخوان فى استقطاب عدد منهم للاستفادة من عددهم وتنظيمهم وجرأتهم وشجاعتهم مقابل منحهم الحرية والحماية وتأمين الرابطة وحمايتها من أى مضايقات من قبل الشرطة أو الأجهزة الأمنية، وهو ما دفعهم إلى اقتحام اتحاد الكرة والنادى الأهلى ومدينة الإنتاج الإعلامى لمنع الاعلاميين ومقدمى البرامج الرياضية من أداء عملهم دون الخوف من أى عواقب. أزمات الأولتراس ومشكلاتهم ظهرت منذ بداية نشأتهم عندما تم حرق مشجع زملكاوى على أيدى بعض أولتراس أهلاوى. وأخيرًا وليس آخر سباب الجماهير لناديها ولاعبيها أو اقتحام مقر ناديهم، فتضررت الكرة المصرية من الأولتراس وخسرت كثيرًا بداية من توقف النشاط الرياضى وخسائر بالملايين وانهيار المستوى الفنى وخروج مصر من تصفيات أمم إفريقيا بسبب تردى الأوضاع الفنية وتهديدات بغرامات على الكرة المصرية. الأولتراس مجموعة من الشباب لا يحملون فكرًا ولا أفكارًا ولا عقلًا ولا رؤية ولا شيئا آخر، بل إنهم شوهوا الملاعب وأضروا الكرة المصرية وأصبحوا خطرًا حقيقيًّا وكبيرًا على الكرة فى مصر وخطرًا حقيقيًّا على ناديهم ولاعبيهم، يريدون فرض سيطرتهم على ناديهم، فاقتحموا الملاعب ومقرات ناديهم وحرقوا اتحاد الكرة وسرقوا محتوياته وأحرقوا تاريخ مصر الرياضى، فالأيام والمواقف والحكايات أثبتت أنهم لا يملكون فى عقولهم إلا الجهل والتخلف والدمار، وإنهم يذهبون إلى المدرجات من أجل شماريخهم وهتافاتهم لا من أجل المتعة الكروية ورغم تشدقهم بانتمائهم لناديهم فإنهم لم يرتقوا بناديهم بل إن كل أنشطتهم هى مجموعة من الرسوم على الجدران ثم تدمير وخراب وشماريخ وترويع. ورغم أن بداية الأولتراس كانت فى المدرجات، وأحدثت نوعًا من السعادة والبهجة والفرح فى الشارع المصرى، وجعلت الجميع يشتاق للذهاب إلى المدرجات للاستمتاع بتشجيعها قبل أن تتحول إلى ساحات من الأزمات والشماريخ والقتل والحرق والسباب والشتائم مما أبعد المشجعين القدامى والأسر عن حضور المباريات من المردجات وعزوفهم عنها بسبب حماقات الأولتراس قبل أن يبتعد الأولتراس عن الرياضة ويقررون تحدى دولة القانون برفضهم عودة النشاط الرياضى، وكأنهم دولة داخل الدولة بعدما تحولوا من التشجيع فى المدرجات إلى المصادمات فى الشارع المصرى مما أثار الرعب وجمد النشاط الرياضى حتى أصبح مصير كرة القدم المصرية فى خطر بسبب وجود هؤلاء المجموعات المنظمة. وكان النادى الأهلى أكثر الخاسرين من وجود جروب أولتراس أهلاوى، حيث دفع النادى الأحمر وحده ثمن التصرفات الطائشة من الأولتراس، وكان آخرها العقوبة التى وقعها الاتحاد الإفريقى لكرة القدم «كاف» على القلعة الحمرء بالحرمان من حضور الجماهير مباراتين وغرامة مالية قدرها 30 ألف دولار بسبب خناقة أولتراس أهلاوى وديفلز قبل مباراة الأهلى وليوبارد الكونغولى فى الجولة الرابعة من دورى المجموعات الإفريقى الثمانية الإفريقى، وامتد الأمر إلى إفساد فرحة الفريق الأحمر بالفوز الكبير على الزمالك برباعية فى القمة الإفريقية بعدما قام أولتراس بسب اللاعبين والإدارة من مدرجات مختار التتش بحجة عدم قيام اللاعبين برد التحية للجماهير بالشكل اللائق واستمرت إلى الاشتباك مع أحد لاعبى الأهلى فى المطار. وفى المقابل لم يكن جروب وايت نايتس أكثر عقلًا وتعقلًا وتدبرًا للأمور فأحرق ناديه واقتحم مقر الزمالك بميت عقبة لمطالبة ممدوح عباس ومجلسه بالرحيل واستقالة حلمى طولان المدير الفنى بعد الخروج الإفريقى، حيث كان مشهد الترويع والرعب لأعضاء نادى الزمالك فى أثناء اقتحام الوايت نايتس للنادى واشتباكه مع الداخلية بالخرطوش والقنابل المسيلة للدموع شيئًا مفزعًا ومروعًا للأعضاء الذين اضطروا للاختباء من النيران التى اشتعلت فى الأشجار المحيطة بالنادى بسبب شماريخ الوايت نايتس. روابط الجماهير أصبحت خطرًا كبيرًا على الكرة المصرية، ولا بد من حلها وتفكيكها وعودة الجمهور الأصلى للتشجيع والاستمتاع، حرصًا على مستقبل الكرة المصرية، الذى أوشك على الضياع والتجميد بسبب التصرفات الطائشة والصبيانية من قبل روابط الجماهير، فمن يحاسب الأولتراس على تصرفاتهم إنقاذًا لهم وإنقاذًا للكرة المصرية من الضياع والتجميد وحفاظًا على مستقبل الأندية وسلامة وأمن الأعضاء واللاعبين والأجهزة الفنية ومجالس الإدارات. الغريب أن لاعبًا كبيرًا مثل محمد أبو تريكة يقف بجانبهم ويدعمهم، وكان سببًا رئيسيًا فى أزمتهم الأخيرة من لاعبى الأهلى بعد حرصه على الذهاب لجماهير الأولتراس لتحيتهم مما دفع الجماهير للهتاف ضد باقى اللاعبين لعدم تحيتهم مثلما فعل أبو تريكة، الذى وجد فى وقوفهم بجواره ودفاعهم المستميت معه سببًا فى دعمه للرئيس المعزول مرسى بعدما رفع شباب الأولتراس صور رابعة فى المدرجات، وكان تريكة لم يتعظ من سابقته الماضية عندما قرر الاعتذار عن عدم المشاركة فى مباراة السوبر بدعوى التضامن مع الأولتراس، وكأنه أكثر حرصًا على المشاعر من إدارة ناديه ومن زملائه واختار موقفًا يحسب ضده ولا يحسب له إذ تسبب فى فتور العلاقة بين زملائه بالفريق وجماهير الأولتراس، وكان آخرها الاشتباك بين أفراد الرابطة وأحمد فتحى بالمطار فى أثناء استقلال بعثة الأهلى الطائرة إلى جنوب إفريقيا وقبلها بساعات هجوم الجماهير ضد لاعبى الأهلى فى المران.