مع الخطوة التي سيتخذها البنك المركزي المصري بتخفيض جديد في سعر الجنيه خلال الفترة المقبلة، وهو التخفيض الثاني في فترة أقل من عام، بدأ الحديث عن أن إجراء التخفيض هذه المرة هو تعويم الجنيه ولكن هذا غير صحيح. وفقًا لخبراء وباحثين تحدثت معهم « التحرير » في هذا الملف، فإن ما سيقوم به البنك المركزي هو تخفيض لسعر الجنيه حتى لا يكون هناك فجوة بين السعر الرسمي وبين السعر الحقيقي للجنيه في السوق أمام الدولار. ويرصد هذه الملف القطاعات التي تتأثر بخطوة تخفيض الجنيه أو في حالة تعويم الجنية بشكل فعلي. الإسكان.. انفجار الفقاعة العقارية كتب: كريم ربيع قال الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق، إن هناك علاقة كبيرة بين تعويم الجنيه، و"الفقاعة العقارية" التي ستحدث نتيجة ارتفاع القيمة السوقية للعقارات بشكل كبير وسريع، مما يجعل السعر السوقي أعلى بكثير من القيمة الحقيقية، بسبب هوس المستثمرين في شراء العقار"كمخزن للقيمة" تفاديً لإنهيار الجنيه بعد "التعويم"، إلى أن تصبح الأسعار غير واقعية وينخفض الطلب بشكل كبير، هنا يحدث تراجع كبير في الأسعار ويؤدى إلى انفجار الفقاعة. وحذر عبد الحميد، من أن تعويم الجنيه سيخلق شعوراً لدى الغالبية بضرورة استثماره في مجال آمن لا تنخفض أسعاره، عبر تحويله إلى عقار، مما يؤدي إلى التكالب الجماعي لحائزي المدخرات على العقارات سيسفر عن ارتفاع قوي مؤقت في أسعار العقارات باعتبارها وسيلة آمنة للادخار، لكنه لا يعبر عن الطلب على الإسكان، الأمر الذي سيمهد لحدوث "فقاعة عقارية" بكل تأكيد. وقال علي موسى، رئيس شعبة مواد البناء السابق، إن"تعويم الجنيه" سيؤثر بشكل كبير على أسعار العقارات. ومن المتوقع زيادة أسعار جميع المدخلات في صناعة العقارات بخلاف ارتفاع أسعار مواد البناء المستوردة بنسبة 30%. وأشار رئيس شعبة مواد البناء السابق، إلى أنه لابد من الدخول لمرحلة "تحرير الجنيه"، لأن البنك المركزي لن يملك الضمانات الكافية لعدم زيادة سعر الدولار في السوق السوداء، ويجب عليه ترك السعر الحقيقي يتحدد بناء على العرض والطلب. الصحف: زيادة الأسعار بنسبة 50% كتبت: مارينا ميلاد يرى صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، أن الصحف تتعرض منذ 3 سنوات إلى أزمة تتمثل في زيادة أسعار الخامات ومستلزمات الصناعة من أحبار وورق المستوردة من الخارج لزيادة سعر الدولار بشكل مستمر، كما أنها تشهد ضعف شديد في نسبة الإعلانات. وأوضح عيسى، أن أسعار الطباعة ارتفعت منذ 2015 مرتين بنسبة 30% تقريبًا، وهو ما جعل الصحف يزيد سعرها، لأنها سلع مرنة بمعنى أن المواطن يمكن أن يستغنى عنها بعد زيادة سعرها. وقال عيسى إن الصحف بعد 25 يناير اضطرت لتعيين نسبة كبيرة من العاملين، وهو ما أدى إلى زيادة العاملين والأجور بشكل يفوق قدرات الصحف في ظل الأزمة التي تشهدها، والتي يمكن أن تزيد الأيام المقبلة بعد عملية تعويم الجنيه. من جانبه، قال أحمد جابر، رئيس غرفة الطباعة باتحاد الصناعات، إن المؤسسات التي تمتلك مطابع وهى «المصري اليوم، الأخبار، الأهرام، الجمهورية»، تقوم باستيراد الخامات اللازمة من دول مختلفة أهمها الصين وفلندا. وأضاف جابر "سعر الصحيفة حاليًا لا يغطى تكلفتها، لكنها تعتمد على الإعلانات في مواجهة هذا العجز، والواقع يقول أن جميع الجرائد تتعرض للخسارة بسبب عدم وجود نسبة إعلانات كافية لتغطية تكلفة الطباعة ودفع الأجور". وأكد جابر على أن الزيادة الحالية للدولار ستؤثر بالتأكيد على سعر الصحف الذي يمكن أن يصل زيادته، حال عدم تدخل الدولة، إلى 50 أو 60% تحديدًا سعر الصحف الخاصة. الاتصالات: أسعار الهواتف وكروت الشحن ترتفع كتب: أحمد البرماوي أوضح خالد شريف، مساعد وزير الاتصالات السابق، أن قطاع الاتصالات والتكنولوجيا لن ينجو من حالة ارتفاع الأسعار التي ستشهدها مصر حال تعويم الجنيه، موضحًا أن جزءا كبيرا من أدوات وأجهزة الشركات مستوردة، وبالتالي ستتأثر بشكل مباشر، مشيراً إلى ان المصرية للاتصالات ستكون من أكبر المتأثرين لأنها تنشئ شبكة جديدة للمحمول، وهو أمر مكلف. وأضاف شريف، أن ارتفاع تكلفه الأجهزة سيؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع سعر الخدمات المقدمة للجمهور، وارتفاع تكاليف المكالمات ومن ثم ارتفاع قيمة كروت الشحن أو الفواتير للعملاء. الزراعة: الطبقة المتوسطة والفلاحين الأكثر تأثرًا كتب: خالد وربي قال الدكتور شريف فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز بحوث الصحراء، إن مصر تستورد معظم السلع الغذائية، إذ تستورد 45% من من القمح كما تستورد 90% من احتياجاتنا من الزيوت و35% من السكر، كما أن نسبة كبيرة من المنتجات الخام من الصناعات الكبيرة في مصر مستوردة من الخارج ولا يمكن الاستغناء عنها، وكلها منتجات يتم شرائها بالدولار. وأضاف فياض، إلى اتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي خاصة الخضروات والفاكهة التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الأسمدة المستوردة. وألمح إلى أن هناك جانب آخر سيتاثر وهو صناعات التعبئة والتغليف فضلا عن تكاليف النقل. السياحة: انتعاشة مرتقبة كتب: أمين طه النائبة زينب سالم، أمين سر لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب، أكدت أن فكرة تعويم الجنيه في الوقت الحالي، خاطئة، مؤكدة أن الدولة لا تملك سُبل الانطلاق تجاه تفعيل هذه الفكرة. وأضافت زينب، أن الفترة الحالية التي تمر بها مصر لا تتحمل تطبيق مثل هذه القرارات. وأوضحت أمين سر لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب، أن السياحة حدث بها انفراجة بسيطة مؤخرًا. وقال ناجي عريان، عضو غرفة الفنادق باتحاد الغرف السياحية، إن فكرة تعويم الجنيه المصري في الوقت الحالي ستعود بالنفع على السائح، ويصبح السعر أرخص من الموجود حاليًا، لأننا نقيم السعر بالجنيه المصرى ونحاسبه بالدولار. وتابع عريان "بدلًا من أن يدفع السائح 100 دولار فى الليلة سيدفع حوالى 85 دولار، ويصبح هو المستفيد من فكرة تعويم الجنيه، بينما سيكون له تأثير سلبى على شرائنا لمستلزمتنا التى نحتاجها". وأوضح عضو غرفة الفنادق باتحاد الغرف السياحية، أن تعويم الجنيه سيؤثر على دخل العملة الأجنبية من السياحة. البترول: رفع أسعار المنتجات البترولية كتب: باهر القاضي يعد البترول أحد القطاعات الكبرى الهامة التى تتأثر بشكل أو بآخر بسياسة تحرير سعر الصرف. وقال الدكتور إبراهيم زهران، خبير الطاقة الدولي، إن تعويم الجنيه يزيد من أسعار المنتجات البترولية وكافة السلع التي تستوردها الدولة بالعملة الصعبة. وأضاف زهران، أن الزيادة سيدفع ثمنها المواطن المصري، موضحًا أن التعويم ليس الخيار المناسب لما تواجهه الدولة المصرية من أزمات. وقال إبراهيم العسيري، مستشار هيئة المحطات النووية، إن تعويم الجنيه لا يتماشى مع طبيعة الدولة المصرية خاصة وأن الأخيرة تستورد أغلب السلع والمنتجات سواء كانت البترولية أو الغذائية، الأمر الذى يجعل قيمة الجنيه تنخفض وكذلك سعر الدولار في تزايد مستمر وفي كافة الحالات يحصل المواطن على السلعة بتكلفة عالية. الاستثمار: توحيد سعر الصرف وطمأنة المستثمرين كتب: بيتر مجدي يرى الباحث في الاقتصاد السياسي والمحاضر في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، عمرو عدلي، أن تعويم الجنيه ينعكس إيجابا على الصادارات نظريا، لكنه لا يتوقع أن يحدث ذلك مع تباطؤ حركة الاقتصاد العالمي، والكساد في منطقة اليورو باعتبارها سوق للمنتجات المصرية. «لست متفائلا» يقول عادلي عن زيادة الصادرات، ويضيف «ليس رهانا واقعيا»، ويوضح أن البنك المركزي يرجو من خطوة تخفيض الجنيه أن يتم تخفيض الوارادات. وعن علاقة هذا بالاستثمار يقول إن وجود سعرين للدولار، واحد فعلي وآخر رسمي يخلق مخاطر متعلقة بسعر الصرف، ويؤدي لاختلال الاقتصاد الكلي ويمنع الاستثمار الأجنبي من الوجود في مصر. ويشير إلى أن تخفيض الجنيه من المفترض أن يخفض القيود خلال الشهور المقبلة على حركة رؤوس الأموال الأجنبية، وأن الاستثمار سيكون متاح له إخراج أمواله مثلما أتى بها، بما يعني أن يضمن المستثمر تحويل أرباحهم بالدولار. ويوضح أن واحد من أهم أسباب تعطل الاستثمار هو نقص الدولار مما يؤدي إلى إعادة إنتاج الأزمة، ويشير إلى أن مصر بلد مشكلته أنه مستورد صافٍ للغذاء والوقود، والسلع الأساسية والتي ستتضرر مع ارتفاع التضخم مع تخفيض الجنيه، وهي واحدة من الأسباب التي معها يحاول المحافظة على سعر الجنيه أمام الدولار. ويرى المهندس محمد فريد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب المصريين الأحرار أن تخفيض سعر الجنيه سيكون له أثر إيجابي على الاستثمار، ويضيف أن المشكلة في الحكومة أنها تتحرك خطوة للأمام وخطوتين للخلف، بمعنى تأخذ خطوات نحو الإصلاح لكن ببطء. ويشير إلى أن التأخير في اتخاذ القرارات السليمة يجعل الأمور تتراجع، وترفع من تكلفة الإصلاح، ويلفت إلى أنه لن يكون هناك فرق مهول بين السعرين ويقضي على فكرة عدم اليقين لدى الناس والمستثمرين.