كثير من الخلافات الأسرية، المتعلقة بزواج من يحملون جنسية أجنبية حتى وإن كانوا من أصل مصرى، تنظرها المحاكم المدنية، التى تخضع فى عملها للاتفاقات الدولية، بما يجعل الأجانب يتساوون فى المعاناة مع المصريين، ويجبر عددًا من السيدات أن تصبحن "معلقات" لا هن متزوجات، ولا هن حاصلات على الطلاق بصورة قانونية قاطعة، رغم وقوع الطلاق فعليًا بين الطرفين. ونرصد من تلك الحالات أزمة "عبد السلام" و"إيمان" وكلاهما من أصل مصرى لكنهما حاصلان على الجنسية النمساوية، وكانت البداية حينما قرر الأول العودة من بلاد الغربة، ليتزوج من بلدته مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، اعتقادًا أن ذلك سيضمن لأسرته وأبنائه حياة محافظة فى عاداتها اقترابًا من البيئة المصرية، بدلًا من نمط الحياة الذى يتحفظ عليه فى بلاد الغربة، وبالفعل تزوج "إيمان" وسافرا معًا إلى محل عمله وإقامته فى النمسا. وفرضت قوانين الدولة الأجنبية على الزوجين الارتباط بعقد زواج مدنى، توثيقًا لإقامة الزوجة بالبلاد، حتى حصلت على الجنسية النمساوية تتبعة للزوج، كما التزم الزوجين بإعتبارات أخرى، تتمثل فى فصل الملكية والذمة المالية للزوجين عن بعضهما البعض، واتفاقات وعقود تنظم كل صغيرة وكبيرة وحتى حق كل منهما فى الشقة محل الإقامة، وهو ما أتمه الزوج باعتباره إجراءا روتينيا تسهيلًا على زوجته وابنة بلده، لكن يبدو أن العروس لم تكن متمسكة بالقيم والمبادىء التى حلم الزوج بالحفاظ عليها، إذ وجد تحولًا فى طريقة تفكير ونمط حياة زوجته بعد إتمام حصولها على الجنسبة النمساوية. وتجاوزت الزوجة وإسمها "إيمان" فى سلوكها وانفتاحها فى التعامل، إلى درجة اعتبرها الزوج انحرافًا، بعدما فوجىء بها تفكر فى الرقص بملهى ليلى، لتوسيع ذمتها المالية والتحرر فى معيشتها بالغرب، فحاول إثنائها عن ذلك التفكير، وطلب تدخل أسرتها، لكنها لم ترتدع حتى فوجىء بها تعمل كراقصة إغراء فى أحد الملاهى، بما حتم الإنفصال بينهما. وكنوع من التأديب ورد الاعتبار للزوج، رفض إتمام طلاقهما المدنى فى النمسا، ودعمه القانون الذى أوجب إتمام الطلاق فى بلد الزواج "مصر" ثم إتمامه مدنيًا فى النمسا كما حدث فى الزواج، وهنا تنازلت الزوجة عن الجنسية المصرية، وحصلت بالفعل على طلاق مدنى، إلا أن الزوج هددها باللجوء إلى مقاضاتها لعدم توثيق الطلاق فى مصر وتدخل السفارة فى الأمر باعتبارها متزوجة من أجنبى وبتوثيق رسمي من بلاده، وهنا اضطرت الزوجة النزول إلى مصر لاتمام الطلاق لكن القانون أنصف الزوج. ورفضت محكمة ميت غمر الكلية بالمنصورة، توثيق الطلاق المدنى الأجنبى من النمسا، لعدم وجود اتفاقية تنفيذ أحكام بين البلدين، بما يجعل الحكم الأجنبى غير ملزم للقضاء المصرى، معاملة بالمثل، وبذلك أصبحت "الأجنبية المتنازلة عن جنسيتها المصرية" "معلقة" فلاهى متزوجة ولا هى مطلقة، وبذلك لم يعد هناك مفر أمامها إلا ترضية "طليقها" وإقناعه بالقدوم إلى القاهرة لتطليقها طلاق شرعى فى حضور مأذون، لكن يبدوا أن الزوج لا يريد ذلك. ويبدو أن الزوج يحاول الانتقام من "طليقته" برفضه مقابلتها أو النزول إلى القاهرة خلال تواجدها لتطليقها، كما يرفض تطليقها غيابيًا حتى لا يضر بموقفه القانونى ويحمل نفسه التزامات وأعباء إضافية بسبب الطلاق الغيابى، ويتحجج أحيانًا بانشغاله فى العمل تارة، ومصارحًا بانتقامه من "مطلقته" تارة أخرى، معتبرًا أن ما فعلته معه إهانة لها ولعائلتيهما، بعدما اختارها وساعدها فى الحصول على الجنسية النمساوية وأسس لها ذمة مالية مستقلة، معتقدًا أنها ستكون زوجة مصرية تحمل عادات وقيم مجتمعها، بينما ما زالت "إيمى" كما أسمت نفسها تحاول أن تحصل على تذييل لحكم الطلاق الأجنبى بصيغة تنفيذ فى مصر، لكن دون جدوى، فى الوقت الذى ما زالت فيه مهددة بمواجهة دعوى تعدد أزواج حال ارتباطها بزواج رسمى من أى شخص آخر.