600 شخص أختاروا الرحيل، لم يكن أمامهم خيارًا آخر، بعد أن عانوا من ظروف اقتصادية صعبة، وبحثوا عن فرص عمل لم توفر لهم حياة كريمة، ركبوا البحر وأخذوا المخاطرة، كانوا يعلمون أنهم ربما لا يعودون، لكن تفكيرهم كان يقول: "يا تصيب يا تخيب"، فربما يصبحون مثل من سافروا ويجمعوا أموالًا تساعدهم على الحياة. 168 شخصًا ماتوا غرقًا، وما زال البحث جاري عن جثث أخرى، آخرون نجوا، ربما كان الحظ في صالحهم ليمنحهم فرصة أخرى للحياة، أو ربما تمنوا الموت مثل غيرهم ليتخلصوا من معاناتهم اليومية، التي فروا بسببها. مصطفى دياب، 19 عامًا، أحد الناجين من حادث غرق مركب رشيد، حاصل على دبلوم صناعي، نشأ في أسرة فقيرة، إذ يعمل والده ووالدته ب"اليومية"، يخرجان منذ الصباح الباكر ولا يعودان إلا مع المساء، ورث مصطفى منهما السعي وراء "لقمة العيش". "لم يجد عملًا مناسبًا، وكان لا يستقر في عمله كثيرًا، حاول البحث عن مصدر رزق آخر فأقنعه أصدقائه بالسفر إلى إيطاليا".. هكذا تروي جدة دياب ل"التحرير". تقول السيدة: "حفيدي استلف نحو ١٠ آلاف جنيه لإعطائهم لسمسار لمساعدته على السفر بالخارج، واتفقا على دفع مبلغ 20 ألف جنيه فور وصوله إيطاليا"، مضيفة "منعرفش اسم السمسار بيقولوا من الشرقية". وتذكر: "خسرنا كل حاجة بس الحمد لله ابننا رجع سليم"، متابعة: "حفيدي هو الابن الأكبر لوالديه ولديه شقيق واحد يدعى محمد يدرس بالصف الثاني الصناعي". وتوضح السيدة العجوزة: "حفيدي أكد لنا أن المركب كانت تستوعب أكبر من حمولتها، إذ تواجد بها نحو ٦٠٠ شخص معظهم من جنسيات مختلفة: سوريين وفلسطنين وسودانيين وهو ما أدى إلى غرق المركب، التي لم تستوعب هذا العدد". وتضيف: "حفيدها نجا بعد إلقاء نفسه في المياه، محاولًا السباحة والوصول إلى الشاطئ، حتى أنقذه أحد الصيادين، وتم القبض عليه عقب خروجه من المياه واحتجازه برشيد وذهب والده وأقاربهم إليه وعادوا به، الخميس الماضي"، لافتة إلى أنهم علموا بغرق المركب من وسائل الاعلام. وتقول الجدة: "حفيدي أكد عدم نجاة أي من السيدات والأطفال الذين كانوا معهم، وحاولوا إنقاذهم، لكن دون جدوى: مختتمة حديثها بمناشدة الحكومة: "وفروا شغل للشباب وهما ميسافروش".