قبل ثورة يناير 2011 بنحو شهر تقريبًا كان وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي يصرح للصحفيين بأن حكومته تدرس مع صندوق النقد الدولي التحول من نظام ضريبة المبيعات إلى القيمة المضافة. ولم يمح إعصار يناير السياسي ذكرى تلك الضريبة من عقل صناع القرار، حيث حاولت الحكومات المتعاقبة بعد خلع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تطبيق تلك الضريبة. وكانت المؤسسة الدولية تطرحها دائما على مائدة المفاوضات كأحد شروطها الرئيسية لتقديم تمويل دولاري لمصر، إلا أن التخوف من رد فعل اجتماعي كان يؤجلها بسبب ما يصاحبها من ارتفاع في الأسعار. لكن يبدو أن الحكومة الحالية قررت تحمل عواقب تطبيق تلك الضريبة المثيرة للجدل، وذلك في إطار اتفاق مبدئي مع صندوق النقد على تقديم تمويل دولاري لمصر بقيمة 12 مليار دولار خلال 3 سنوات. ولم يكن تمرير القانون عبر برلمان 2016 أمرا هينا إذ أثار خلافات داخل المجلس هددت بتحويل بعض النواب للتحقيق أمام لجنة القيم. ولم تخرج النسخة النهائية للقانون من البرلمان بنفس الصورة التي دخلت بها، حيث أدخل النواب تعديلات تتعلق بسعر الضريبة الذي خُفض إلى 13% مقابل 14% اقترحتها الحكومة، وهو ما خفض من الحصيلة المتوقعة. وفي هذا التقرير، نوضح ماهية ضريبة القيمة المضافة وارتفاع الأسعار المتوقع بعد تطبيقها. أولًا: ما هي ضريبة القيمة المضافة، وعلى أي أساس يتم تحديد نسبتها على المواطنين؟ إضغط هنا ثانيًا: للتعرف على القائمة الكاملة للسلع المتوقع زيادة أسعارها بعد تطبيق ضريبة «القيمة المضافة» اضغط هنا ثالثًا: تعديلات على قائمة السلع والخدمات المعفاة من الضريبة قال ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة، ل«أصوات مصرية»، إن البرلمان وسع من دائرة الإعفاء على بعض السلع والخدمات «ذات الطابع الاجتماعي»، مثل الأدوية وسيارات المعاقين، وأخضع سلعا وخدمات أخرى رأى أنها «ذات طابع ترفي"». وبحسب النص النهائي لقانون ضريبة القيمة المضافة، الذي حصلت أصوات مصرية على نسخة منه، تم إعفاء الأدوية المحلية والمستوردة والمواد الفعالة الداخلة في انتاجها من الضريبة بعد أن كانت خاضعة في المشروع المقدم من الحكومة. وكان مشروع القانون المقدم من الحكومة يبقي على نسبة الضريبة المفروضة على الأدوية عند مستوياتها الحالية ٥٪ للمحلية و١.٦٪ للمستوردة. كما أضاف البرلمان لقانون الحكومة إعفاء السيارات الطبية المجهزة للمعاقين والأجهزة الناطقة للمكفوفين والأجهزة التي تعمل بطريقة برايل للمكفوفين والبرمجيات والوسائل التعليمية الخاصة بالمكفوفين، هذا بجانب النفايات المتحصل عليها من تدوير القمامة. ودار جدلًا وقت مناقشة القانون حول طبيعة الخدمات الصحية التي ستخضع للضريبة، حيث تحدث القانون عن إعفاء قطاع الصحة وفي نفس الوقت أخضع خدمات الأطباء للضريبة في ظل توسع إخضاع المهنيين للقيمة المضافة. وقال «عمر»، إن الخدمات الصحية المعفاة في النص النهائي للقانون هي خدمات المستشفيات العامة والخاصة، بينما الخدمات المقدمة من العيادات الخاصة ستكون خاضعة باعتبارها مقدمة من القطاع المهني. وبحسب نص القانون المعتمد من البرلمان، فقد تم استثناء عمليات التجميل والتخسيس لغير الأغراض الطبية من الخدمات الصحية المعفاة من الضرائب. وبعد أن كانت ضريبة خدمات التعليم المقدمة من المدارس والجامعات الدولية تخضع للضريبة لأول مرة في مشروع القانون المقدم من الحكومة، أعفى البرلمان تلك الخدمات، وذلك بعد الجدل الذي أثير حول الطبيعة الاجتماعية لخدمات التعليم الدولي ومدى استحقاقها للخضوع للضريبة. واستثنى البرلمان الدقيق الفاخر أو المخمر المستورد من الخارج من الإعفاء الوارد في القانون لمنتجات المطاحن، وهو ما برره عمر بأن الدقيق الفاخر يستخدم في إنتاج سلع فاخرة لا تستخدمها قطاعات عريضة من المصريين. وعدّل البرلمان البند الخاص بإعفاء الخضر والفواكه المصنعة ليقتصر الإعفاء على الخضر والفواكه المحلية فقط. وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة مركبة تفرض على الفرق بين سعر التكلفة وسعر البيع للسلع المحلية والمستوردة، وسيساهم التحول لنظام القيمة المضافة في التوسع في إخضاع كل السلع والخدمات لضريبة المبيعات، ما عدا التي ينص القانون على إعفائها. قال خالد إسماعيل مدير العلاقات الخارجية في شركة جابان توباكو انترناشيونال JTI، المنتجة لسجائر «وينستون»، إن أسعار السجائر الأجنبية ستزيد بحد أدنى جنيهين للعلبة الواحدة بعد إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة. أما بالنسبة للسجائر المحلية فإنها ستزيد بحد أدنى جنيه واحد للعبوة الواحدة، بحسب ما قاله محمد عثمان هارون، رئيس الشركة الشرقية للدخان. وتفرض الضريبة على السجائر بواقع 50% من سعر البيع للمستهلك النهائي بالإضافة إلى ضريبة قطعية يتم تحديدها وفقا لأسعار السجائر المقسمة على 3 شرائح. ورفع القانون الجديد الضريبة القطعية إلى 275 قرشا بدلا من 225 قرشا للشريحة الأولى (المنخفضة) التي كان الحد الأقصى لسعر بيعها 10 جنيهات وعدلها لتصبح 13 جنيها. أما الشريحة الثانية (المتوسطة) والتي كانت تتراوح أسعارها بين 10 إلى 16 جنيها، فقد تم تعديل أسعارها لتتراوح بين 13 إلى 23 جنيها. كما رفع القانون الضريبة القطعية على هذه الشريحة بقيمة جنيه واحد لتصبح 425 قرشا بدلا من 325 قرشا. الشريحة الثالثة والأخيرة (المرتفعة) كانت أسعارها تزيد على 16 جنيها ولكنها أصبحت حاليا أعلى من 23 جنيها، ورفع القانون الضريبة عليها لتصبح 525 قرشا بدلا من 425 قرشا، بزيادة جنيه واحد. وقال إسماعيل إن «أسعار الشريحة الثانية والثالثة ستزيد بحد أدنى 2 جنيه في العلبة، وبحد أقصى 3 جنيهات». لكن مصدرًا في إحدى الشركات الأجنبية الأخرى، طلب عدم نشر اسمه، قال إن الأسعار قد تزيد إلى 4 جنيهات للعلبة الواحدة في هاتين الشريحتين. وأضاف إسماعيل أن «توسيع الشرائح جاء تفهما من وزارة المالية لحاجة الشركات إلى زيادة أسعار البيع بعد الزيادة الكبيرة في تكلفة الإنتاج خاصة مع ارتفاع الدولار في السوق السوداء». وقال إن «زيادة الحد الأقصى للبيع لا تعني أن الشركات التي تبيع السجائر متوسطة السعر مثل إل إم (LM) أو وينستون سترفع أسعارها إلى 23 جنيها، لأنها تريد الحفاظ على حصتها السوقية وزيادة مبيعاتها، وحتى لا تخسر عملاءها». وأشار إلى أن توسيع شرائح أسعار السجائر لن يستلزم صدور قرار من وزير المالية يحدد سعر السجائر جبريا كما يحدث في الوضع القائم حاليا قبل إقرار القانون الجديد، الذي أعطى الشركات حرية أكبر في التسعير في حدود كل شريحة بما يتوافق مع التكلفة، وهو ما اتفق عليه رئيس الشرقية للدخان. وتتوقع وزارة المالية تحقيق إيرادات بقيمة 42.3 مليار جنيه من الضرائب على مبيعات السجائر في موازنة العام المالي الجاري، مقابل نحو 33.8 مليار جنيه في موازنة العام الماضي، بزيادة حوالي 8.5 مليار جنيه، بحسب بيانات وزارة المالية. وتعمل في مصر أربع شركات أجنبية للسجائر، هي فيليب موريس، بريتش أمريكان توباكو، إمبريال توباكو، جابان توباكو انترناشيونال، بالإضافة إلى شركة الشرقية للدخان التي تحتكر تصنيع السجائر في مصر، حيث إن كل الشركات التي تعمل في مصر تُصنع من خلالها. وتوقع إسماعيل، أن تكون السجائر متوفرة في السوق المحلي بشكل طبيعي عقب صدور قانون ضريبة القيمة المضافة وإعلان الزيادة في الأسعار بشكل رسمي. «التجار خلال الفترة الماضية كانوا يخزنون السجائر لبيعها في السوق السوداء بأسعار أغلى مع الحديث عن ارتفاع أسعارها المنتظر، رغم ثبات سعرها في الشركات المنتجة، أتوقع أن تنتهي هذه المشكلة ويطرح التجار ما لديهم من سجائر بعد إقرار الزيادة في الأسعار بشكل رسمي»، بحسب إسماعيل. خامسًا: «25-30» يجمع الأعضاء لرفض القانون ويدشن حملات لجمع النواب حول عدم إقراره إضغط هنا عيسى عن إقرار «القيمة المضافة»: الطوفان قادم.. والكل «هينطحن» قال الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، إن إقرار البرلمان قانون القيمة المضافة سيعقبه موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار، مما سيضر بجذور المجتمع كله، مؤكدًا أن الحكومة سترفع الدعم عن أسعار الطاقة، رغم نفيها ذلك. أضاف عيسى، خلال برنامج «مع إبراهيم عيسى»، المذاع على قناة «القاهرة والناس»: «الكل هينطحن، السياسة المتبعة حاليًا هي الحفاظ على فقر الفقراء، وإفقار المستورين ماليًا، الواضح إن فيه إجراء لا قبل لأحد أن يوقفها.. إحنا عندنا دولة قليلة الحيلة، وضعيفة الخيال ومحدودة الموهبة والقدرة». وتابع: «أنا عاوز حد يتكلم عن الطبقة المتوسطة، فلا يمكن الحديث عن أن ما تفعله الحكومة الآن هو لصالح الفقراء، وفي النهاية سيظلون فقراء، القصة كلها إنها عاوزة تحمي الفقراء من طوفان قادم من ارتفاع الأسعار». استكمل: «محاولات حماية الفقراء من هذا الطوفان هي لإبقائهم فقراء، كي لا يموتوا، وهو سيطول أيضا الطبقة المتوسطة.. الكلام عن الفقراء، وهم في النهاية لن يقفوا بجانبهم، والفلوس التي سيحصولون عليها من هذه الإجراءات ستذهب لسد عجز الموازنة».