واسم الكريمة بقى.. فردت: قمر، قال: قمر.. أنا في عرض مرصد حلوان..، كلمات غزل أطلقها عبدالفتاح القصري مهفهفا بروح الإعجاب الطريفة المعهودة منه أمام جمال الفنانة كاميليا في أحد مشاهد فيلم "قمر 14"، ولم يكن هذا الإعجاب على الشاشة السينمائية وحدها، فجمالها الفتان "جرّ" الملك فاروق من مصر إلى أوروبا، لحضور مسابقة "ملكة الجمال" التي فازت بها في قبرص. وترصد «التحرير» في ذكرى وفاة الفنانة كاميليا، أشهر الألغاز التي نُسجت حول فاتنة الأربعينيات والتي تسبب جمالها في كثرة المتاعب والإشاعات عنها، منذ أول أفلامها "القناع الأحمر" عام 1946، مرورا بنجمعا الساطع في الوسط الفني، حتى مصرعها بحادث غامض في 31 أغسطس 1950 جراء سقوط طائرة بالبحيرة كانت في طريقها إلى روما. مولدها ولدت كاميليا بالإسكندرية في 13 ديسمبر 1919، واسمها الحقيقي ليليان فيكتور كوهين، وقيل عن ذلك إن أبويها مسيحيان من أم إيطالية وأب فرنسي، لكن أمها تزوجت من آخر يهودي ونسبت للأخير، لكن الهجوم على الفنانة الجميلة وصل إلى حد الطعن في نسبها، لكن أحد النقاد استنكر ذلك مرجحا مولدها في 1929 نظرا لصغر صورتها في الأفلام التي قدمتها. أحد النقاد دافع عنها نافيا انتماءها إلى اليهودية، ودلل على ذلك بالصلاة عليها عند وفاتها داخل الكنيسة الكاثوليكية. غراميات افتُتن بكاميليا العديد من رجال الفن ونافسهم المسؤولون وذوو السياسة وأصحاب المقام في المجتمع إضافة إلى عدد من الكتاب، فدفع ذلك لاستحلالها وجبة شهية على صفحات الجرائد اليومية انتقادا لها حينا وأخرى انتقاما منها. ومن أشد من وقعوا في قائمة محبيها المنتج أحمد سالم - زوج أسمهان - الذي اكتشفها فنيا، ويوسف وهبي الذي قدمها في أول أفلامها، وأنور وجدي الذي أراد خطفها من وهبي بعد تصدرها المجلات والجرائد، وغيرهم وصولا إلى دنجوان السينما رشدي أباظة الذي تحدى الملك فاروق في حبه لها. الدنجوان والملك ذكر أحد الكتاب عن علاقة رشدي أباظة بالفنانة كاميليا، قائلا: إنه تقرب إليها خلال تعاونهما معا في فيلم «امرأة من نار»، ووقعا في حب متبادل بينهما، وسرعان ما تحول إلى تحدٍ، لخطفها من الملك فاروق، انتقاما منه بعد أن فرَّق بينه وبين فنانة أخرى. وأضاف أن رشدي وكاميليا ذهبا يتناولان العشاء في «فندق مينا هاوس» بمنطقة الأهرامات، وكان في نيتهما إكمال السهرة في الفندق، ومع وصول الملك فاروق سارع رشدي وكاميليا إلى مغادرة الفندق، لكنه قبل أن يخرج من مطعم الفندق، فوجئ بفوهة مسدس في ظهره، واستدار ليجد نفسه وجها لوجه أمام ملك مصر والسودان، قائلا: أباظة... ابعد عن كاميليا". ولم تكن تلك الرواية الوحيدة المتعلقة بهذا الموضوع فهناك من قال إن أحد أتباع الملك وجه إليه رسالة نيابة عن فاروق قال فيها: "ابعد عن كاميليا حفاظا على حياتك". الجاسوسية لم تتوقف الشائعات حول كاميليا عند علاقاتها الاجتماعية والفنية بل امتدت الأساطير حول وطنيتها واتهمتها بعض الصحف بأنها يهودية وتعمل لمصلحة "العصابات اليهودية المحاربة في فلسطين"، بل تعدت إحدى الصحف بالقول إنها كانت إحدى أسباب هزيمة 1948 أمام الصهاينة، واتهمتها أخرى معارضة بأنها ضالعة في قضية «الأسلحة الفاسدة»، بينما كتب عنها صحفيون أن تعمد إلى علاقاتها الغربية وسفرياتها الفنية في تسريب المعلومات عن الملك والجيش. ويدخل الجانب الفني لكامليا تحت هذا الاتهام عند المخرج زكي طلميات، الذي ذكر أن السلطات الأمنية ألقت القبض عليها حال تهريبها فيلم مسيء عن القاهرة. وفي المقابل دافع بعض النقاد عن كاميليا بأن بعض أجهزة المخابرات حاولت استغلال علاقاتها الواسعة والمتعددة، وتحديدا علاقتها بالملك فاروق، للحصول على معلومات تخص السيادة المصرية. واستطرد كاتب بأن كاميليا راوغت ورفضت تقديم أي معلومات، واستطاعت التوصل إلى معلومات خطيرة تخص بعض العلماء المصريين، قدمتها الممثلة اليهودية راقية إبراهيم التي اكتشفت كاميليا أنها تعمل لمصلحة «العصابات الصهيونية»، ولذلك قامت بمساعدة الجيش المصري عن طريق جمع التبرعات له. «سر الطائرة».. لم يسلم موت كاميليا من إثارة غبار الشائعات، فتوفيت الفنانة جراء سقوط طائرتها التي استقلتها إلى روما في رحلة علاج، وأشار التقرير إلى أن سبب الوفاة يرجع للحروق والصدمة التي تعرضت لها. لكن الكلام لا ينتهي عند الأوراق الرسمية فحاول بعض الكتاب الوصول إلى أسرار الحادث، رافضا التسليم بطبيعة الحادث ومعزيًا أسبابه إلى انتقام الملك فاروق منها فدبر لها خطة مقتلها، بينما راح آخرون ينفون ذلك لشدة حب فاروق لها ودفعوا إلى أن "الحرس الحديدي" هو من فخخ الطائرة قبل إقلاعها من أجل إبعادها عن حياة الملك للحفاظ على مقاليد الحكم، بعد انتشار الأقاويل عن علاقتهما. أما المدافعون عن كاميليا فذكروا أن الحادث يقف وراءه "الوكالة اليهودية" والمخابرات البريطانية للتخلص منها بعدما كشفت عن لقاءات الممثلة راقية إبراهيم مع ضباط إسرائيليين وبريطانيين في باريس. غزارة فنية مثل العمر الفني لكامليا حياة ممتدة إلى يومنا رغم صغر الفترة التي أبدعت فيها بالشاشة العملاقة فقدمت خلال أربع سنوات عدة أعمال فنية حتى بلغت الأعلى أجرًا في الوسط الفني، فبدأت في "القناع الأحمر" عام 1946، ثم "الكل يغني" في 1948، و"فتنة" في نفس العام، بينما عام 1949 شاركت في "نص الليل" و"خيال امرأة". وخاضت "الروح والجسد" عام 1949 أمام محمد فوزي، وفي نفس العام قدمت "صاحبة الملاليم" و"شارع البهلوان". أما في عام 1950 شاركت في "آخر كدبة"، "بابا عريس"، و"العقل زينة"، و"امرأة من نار"، و"الطريق إلى القاهرة"، و"المليونير"، و"ولدي"، و"قمر 14" بالإضافة إلى "أرواح هائمة" و"القاتلة"، و"الستات كدة". كما أن لها تجربة مسرحية وحيدة، وأخرى مع السينما العالمية حين قدمها المخرج ديفيد مكدونالد في فليم "طريق القاهرة - CAIRO ROAD". البطل الحرامي ومن أغرب القصص التي تتعلق بكاميليا ما دار حول فيلم "ولدي"، إذ انتشر أن الوجه الجديد في الفيلم واسمه صلاح الدين، هو صاحب الإنتاج وأنفق على الفيلم بسخاء. وبعد الانتهاء من تصوير الفيلم وقبل عرضه على الجمهور تم القبض عليه لاتهامه باختلاس شركته بعدما أفادت التحقيقات بأنه كان موظفا بسيطا واتجه لجريمته من أجل تحقيق حلمه بأن يكون بطلا لفيلم سينمائي أمام معشوقته الفنانة كاميليا، فتم إيداعه في السجن دون أن يحضر العرض الأول لفيلمه.