قالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، في تقريرٍ لها اليوم الخميس، إنّه منذ أن تم حبس محامي حقوق الإنسان المصري مالك عدلي منذ أكثر من 100 يوم، وهو في الحبس الانفرادي بدون أي تواصل مع العالم الخارجي، وينام على أرضية عارية في أوضاع هي أقرب للتعذيب، كما يقول مُحاميه. وتابعت الوكالة، لم يتم توجيه أي تهم رسميًا لعدلي، ولكنه ظل في السجن بناء على مجموعة من أوامر الاعتقال الإدارية، ويقول مؤيديه إنّ عدلي أصبح هدفًا للسلطات بعد أن أهان الرئيس عبد الفتاح السيسي في مقابلة تلفزيونية. ويقول صديقه ومحامي حقوق الإنسان طارق خاطر، "ما يحدث الآن في الواقع هو محاولة لإجباره على الانتحار بنفسه، وهذا تعذيبٌ نفسيّ". يوم الخميس، أمرت المحكمة بإطلاق سراح عدلي، اعتمادًا على الاستئناف المقدم بحقه من محاميه، ولكن النيابة العامة تقدّمت بطلب استئناف على الحكم فورًا، ومن المقرر بقاؤه في الحبس حتى تصدر المحكمة حكمها الأخير الذي من المتوقع أن يصدر يوم السبت. وقال أحد مُحامي عدلي، محمود بلال، إنّ استئناف النيابة على قرار الاستئناف "يلوي ذراع العدالة"، ويُبيّن إلى أي مدى مُصرّين على بقاؤه في الحبس. كان مالك عدلي – البالغ من العمر 35 عامًا – من ضمن مجموعة المحامين الذين رفعوا قضية في المحكمة ضد قرار السيسي بتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وقال المحامون في حجتهم إنّ الجزيرتين تاريخيًا مصريتان، بينما قالت الحكومة إنّهما كانتا سعوديتان ولكن تمّ وضعهما تحت الحماية المصرية بشكل مؤقت. وبعد حبس مالك عدلي بحوالي شهرين، دعمّت محكمة مصرية دعوته القضائية بالحكم يوم 21 يونيو بإلغاء نقل ملكية الجزيرتين إلى السعودية، ولكن استأنفت الحكومة على قرار المحكمة. وطبقًا لمُحققي الحكومة، فإن عدلي متهم بالاشتراك في اجتماعات سرية مع الإسلاميين لقلب نظام الحكم، ونشر معلومات كاذبة بخصوص أن الجزيرتين تم بيعهما إلى السعودية مقابل الحصول على تمويلٍ ماليّ منها. وكان عدلي قد ظهر في مقابلة تلفزيونية في أبريل الماضي مع وثائق تثبت ملكية مصر للجزيرتين وقال، "إنّ الشخص الذي يفرط في شبر من أرض مصرية هو خائن" وهو التعليق الذي اُعتبر إهانة للسيسي. وقال خاطر، "إنّه، في رأيي، منذ ذلك اليوم تمّ اتخاذ القرار بتلفيق شيء ضده". ويقول مؤيديه، إنّ استمرار حبس عدلي هو جهدٌ حكوميّ لقمع المعارضة، حيث تم منع جميع المظاهرات، واعتقال مئات المتظاهرين، ومنع سياسيين وصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان من السفر، وتم إغلاق جميع البرامج التي تتجاوز الخطوط الحكومية. وقالت الحكومة إنّ تلك الخطوات، مثل منع المظاهرات، هي مهمةٌ للغاية لجلب الاستقرار إلى الدولة التي تعاني من الاضطراب منذ 2011. وقال خاطر، اعترف عدلي بالتهم المُوجهة إليه من أجل تحسين أوضاعه في السجن، وذلك أمام النيابة في يوليو الماضي، وقال عدلي، طبقًا لخاطر الذي حضر الجلسة، "أنا لا أريد أن يتم إطلاق سراحي، ولكن فقط أتمنى الحصول على معاملة لائقة بالسجن، أن يكون لديّ الحق في تنفُّس هواء نظيف، وأن أرى أشعة الشمس لساعة يوميًا، وفرصة في تمديد قدميّ". وعلّق خاطر على ذلك، "كان هذا مؤلمًا بالنسبة إليّ، أن أرى أقصى طموحه أن يتمشى قليلًا". تمّ السماح لعدلي بزياراتٍ عائلية قليلة للغاية، طبقًا لما قالته زوجته أسماء علي، وتمّ رفض طلباتها بأن تحضر له مرتبة أو بطانية، وقالت لأسوشيتدبرس، "كلما سألت عن أسباب تواجده بالحبس الانفرادي، تذكر سُلطات السجن أنّها "أوامر عُليا". وقال أحد مسؤولي وزارة الداخلية قطاع السجون لوكالة أسوشيتدبرس – والذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه لم يكن مُخولًا له الحديث لوسائل الإعلام – "يقوم مديرو السجون عادة بوضع السجناء في الحبس الانفرادي، عند تكرارهم أعمال العنف، أو إذا تم اعتبارهم خطرين، وأنا لا أعلم أسباب حبس عدلي انفراديًا". وكان عدلي مُحاميًا بطلًا لحقوق الإنسان في مصر لوقتٍ طويل، ويُمثل عادة المُعتقلين الذين يموتون في أقسام الشرطة. وفي خطابٍ لأصدقائه من داخل السجن، ابتهج عدلي لحكم المحكمة برفض تسليم الجزيرتين، كاتبًا "نحن نعلم أنّنا سوف ندفع ثمنًا باهظًا لكل كلمة وموقف ضد الظلم".