بعد اعتقال تركيا لقائد الجيش الثاني الميداني والذي كان مسؤولًا عن تأمين الحدود الجنوبية للبلاد، بالإضافة للعديد من قادة الوحدات على الحدود السورية بين حملة اعتقالات نالت من 100 جنرال وأدميرال و9000 من قوات الأمن منذ محاولة الانقلاب، يُركِّز الرئيس التركي على أعداءه في الداخل، وأغلق ىمعبر باب الهوى والذي يعتبر حتى الآن طريق الإمدادات الرئيسي للأراضي التي تسيطر عليها المعارضة السنية والتي تعاني من هزائم عديدة من قبل الغارات الجوية الروسية والسورية، بحسب تقرير لمجلة "الإيكونوميست" البريطانية. وأشارت المجلة إلى أن توتر العلاقات بين تركياوالولاياتالمتحدة، بسبب عدم تسليمها للداعية التركي فتح الله جولن الذي يتهمه أردوغان بالتخطيط للانقلاب، ساهم أيضًا في إضعاف التحالف الخارجي الذي يدعم صفوف المعارضة السورية، حيث أدى غضب "أردوغان" من الولاياتالمتحدة إلى قراره بقطع الكهرباء بصورة مؤقتة عن قاعدة إنجرليك الجوية التي تستخدمها القوات الأمريكية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، مما قوَّض جهود مكافحة هذا التنظيم". من جانبها، تساءلت الشركات الأمريكية الخاصة- التي تقع بالقرب من الحدود التركية مع سوريا وتتولى مسئولية إمداد المعارضين السوريين بوسائل الدعم غير القاتلة- عما إذا كانت قد انجرت إلى هذا النزاع. "المجلة الأمريكية" رأت أن كلا من أنقرة وواشنطن، ولأسباب منفصلة تخاطران براهانهما على عواقب الحرب، فكلتاهما تسعيان لعلاقة عمل مع روسيا، وهي الداعم الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد الذي تتعهد المعارضة هناك بالإطاحة بنظامه، لافتة إلى أن أحد المتحدثين باسم الجيش السوري الحر قال: إننا "ضحينا بكل شيء من أجل تغيير النظام، ومع ذلك كل شئ تغير عدا النظام نفسه". ولفتت المجلة إلى أن الدعم الدولي للمعارضة السورية تراجع بشكل كبير في الوقت الذي لا تزال أوجه الدعم الخارجي تتدفق على النظام السوري بدون توقف، حيث تواصل روسيا سيطرتها على سماء سوريا برغم من تعهداتها بالانسحاب فضلًا عن استمرار إيران وعملائها في المنطقة، ومن بينهم حزب الله اللبناني، في دعم قوات النظام السوري المنهكة على أرض الواقع. ونوهت إلى أنه بعد يومين من محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في تركيا، تمكنت القوات المتحالفة مع الحكومة السورية من إنشاء مواقع لها على طريق "كاستيلو" السريع، وهو آخر طريق إمدادات يصل لشرق مدينة حلب، ومن ثم فرضت حصارًا كاملًا على معاقل المعارضة هناك، وقامت بضرب 4 مستشفيات ميدانية وبنك للدم من الجو قبل يومين. فيما علَّق أحد الساسة السوريين المقيمين في المنفى بالقول: "يبدو أن تركيا لم تعد تمتلك استراتيجية طويلة الأمد في سوريا". من جانب آخر، لفتت "الإيكونوميست" إلى أن قوات النظام السوري أبدت سعادتها من الفوضى في تركيا، حيث قام جنود سوريون يقفون في نقاط تفتيش حكومية في دمشق بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجًا بأنباء الانقلاب العسكري في تركيا. وأوضحت أنه في خلال العشرة أشهر الأخيرة تقريبًا ومنذ أن بدأت روسيا في قصفها الجوي دعمًا للأسد، فقد المعارضون في سوريا ما بين نصف وثلث الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها في السابق، وفقًا لتصريحات أدلى بها مسئول بالمعارضة السورية. ومع ذلك، يُرجِّح عدد قليل من المعارضين في سوريا بأن أردوغان سيلجأ كجزء من إجراءاته لمقاومة الانقلاب العسكري داخل بلاده، إلى تعزيز انتصاراته داخل العالم السني من خلال تعزيز دعمه للمعارضة السنية في سوريا. ولكن بعض القادة السوريين الذين يعيشون في المنفى وكذلك أمريكيين ينسقون الدعم اللوجستي، يرون أن الحالة العامة التي تسود المشهد السوري حاليًا تسيطر عليها أجواء الإحباط والكآبة، حيث قال أحد هؤلاء الذين يعيشون في المنفى: "لقد انتهت بالفعل اللعبة بالنسبة للمعارضة السورية".