تتعاظم الأدوار التي تقع على كاهل مؤسسة الأزهر الشريف بين الحين والأخر، فالقضايا الاجتماعية والسياسية والجدلية المُلحة تدفع الكتير للبحث عن منبر وسطي يحسم الخلاف حولها، ويضع مناهجًا واضحًا ثابتًا في تقصّي الأمور كافة، وينير الطريق لأسلوب علمي يرسخ مفاهيم الإسلام الصحيح. بداية من ثورة الخامس والعشرين من يناير، تزايدت حالات الاستقطاب السياسي والديني للشباب؛ باعتباره كُرة اللهب المضيئة التي تقدر على إحداث الفارق في أي اتجاه كان، وفي خضم ذلك حُمل الأزهر بفروعه كافة، مهمة إحداث التوزان ومحاربة قوى الشر والجماعات الإرهابية التي تنتج العنف أسلوبًا، لا سيما أنه المؤسسة التعليمية والدينية التي يقبل عليها الطلاب الأفارقة الوافدين إلى مصر. لم ينتفض الأزهر ورجاله في وجه مثيري الفتن والقلائل، ولم يستطع أيضًا صياغة خطاب ديني واضح المعالم يجمع ولا يشتت ويسيطر دون أن يفرّق، ففي الآونة الأخيرة انشغل رجال الأزهر بإصدار بيانات افتراضية بشأن ما يدور حولنا سواء في الداخل أو الخارج دون أن يعوا جيدًا أن مؤسستهم تعد حجر الزاوية الذي يضبط إيقاع الفهم ويقف بالمرصاد لسهام التطرف التي تحاول النيل من بصيرة العقول. في معركة تعد ذاتيه في المقام الأول والأخير، انتفض الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، ضد "البوكيمون"، قائلًا إن التقدم التكنولوجي والإلكتروني أفاد الناس كثيرًا ويسر عليهم كثيرًا من الأمور، كما أنه اختزل أوقات الحصول على المعرفة والتواصل فيما بينهم حتى الأطفال والشباب وجدوا في الألعاب الإلكترونية ضالتهم في اللعب والتسلية، وإن تجاوز الأمر حده فصرفهم في كثير من الأحوال عن دروسهم وأعمالهم المرتبطة بمستقبل حياتهم. أضاف "شومان"، عبر صفحتة الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اليوم الخميس: "كان من قمة الهوس الضار بحياة ومستقبل المغرمين بتلك الألعاب تلك اللعبة الباحثة عن البوكيمون في الشوارع والمحلات التجارية وأقسام الشرطة والمصالح الحكومية وبيوت الناس وربما دور العبادة، حيث تجعل من الناس كالسكارى في الشوارع والطرقات وهم يتابعون شاشة الموبايل الذي يقودهم إلى مكان البوكيمون الوهمي طمعًا في الحصول عليه والإمساك به". تابع وكيل الأزهر: "إن كانت هذه اللعبة قد تخدع الصغار ويصدقونها فلست أدري أين ذهبت عقول الكبار الذين يتبعون هذا الوهم حتى تصدم أحدهم سيارة وهو منهمك في التتبع غير منتبه لقدوم سيارة ويدخل آخر قسم شرطة طالبًا من الضابط التنحي جانبًا للبحث عن البوكيمون الذي تظهر شاشة موبايله أنه يختبئ تحته، ولست أدري هل سنجد بعض المخبولين يدخلون بأحذيتهم المساجد والكنائس والسجون والوحدات العسكرية للبحث عن مفقودهم وهل سيترك الناس أعمالهم والسعي خلف أرزاقهم سعيًا خلف البوكيمون أم أنهم سيستردون عقولهم ويجتنبون هذا العبث الملهي.. اللهم احفظ علينا عقولنا".