اقتداره فى أداء دور عبد القوى النجعاوى جعلنا شغوفين بالمتابعة رغم قسوة الشخصية إنه الرجل الذى يقتل الصغريات، ويكاد يأكلهن مثل الوحش.. لماذا قبلت يا عمدة هذا الدور المرعب؟، لكن من غيرك أيضا يجرؤ أن يكون عبد القوى النجعاوى، الذى يقسو على نسائه كثيرا والقاصرات، لكن قلبه يحمل شيئا من الأبوة التى لا تبرر له أبدا أن يحترف الزواج ممن هن فى عمر حفيداته.. لا شىء أقسى من سرقة طفولة فتاة ما زالت تلعب بعروستها، فتجد نفسها عروسا «حقيقية» يلعب الجميع بها، ولا يسمعون أنينها، ولا حتى يعترفون بحقها فى التألم. يبدو مسلسل «القاصرات» كئيبا بسبب موضوعه الذى يسبب الألم النفسى. فكرة أن تتابع كل ليلة مأساة زوجات النجعاوى الصغيرات جدا، هو مرة يضحك عليهن بكيس شيبسى، ومرة يعدهن بأن يأتى إليهن بلعبة جديدة، لكنهن أيضا غير سعيدات، إنه بعيد.. بعيد جدا، عن أفكارهن وأحلامهن التى تتشكل، وفجأة تحولت إلى كابوس.. ما هذا الرجل الذى لا يشبع؟!، يبدو وكأنه على استعداد لأن يلتهم كل ليلة طفلة، حتى إنه قتل إحداهن فى ليلة الزفاف. الشخصية مزعجة، لكن اقتدار السعدنى فى أدائها، جعلنا شغوفين جدا بملاحقة أفعال هذا الكهل الذى نتفاجأ بأنه يستطيع أن يلقى النكات أيضا، ويبرر لنفسه تلك النزوات الشاذة، بأنه لا يؤذيهن، بل على العكس يرغب فى أن ينتشلهن من الفقر، مؤكدا أنه لم يجبرهن على الزواج منه، وطبعا هو يتخيل أنه لا يغضب ربه، لأنه يسوق العبارة التى لا يفهم أبعادها: «الشرع محلل أربعة». منذ عام 2009 والسعدنى يقدم نمطا من الشخصيات التى تحمل شيئا من الشر، وشيئا من الخير، لا تسير أى منها فى اتجاه واحد، ففى عام 2009 كان الحاج إبراهيم العقاد، فى مسلسل «الباطنية» الرجل الذى يتاجر فى المخدرات، ظنا منه أنها حلال، ثم كان سلطان الغامرى فى «بيت الباشا» عام 2010، وهو أيضا كان يحمل شيئا من القسوة والجبروت فى شخصيته، والعام الماضى كان سببا فى تفريق أبنائه من خلال شخصية سيد الدقاق فى مسلسل «الإخوة أعداء»، وها هو فى هذا الموسم يطل مع قاصراته. يلعب صلاح السعدنى فى هذا المسلسل فى منطقته، يليق به الدور، وهو يليق بالجو العام للعمل، رغم أننا أبدا لم نكن نتمنى أن نرى عمدة التليفزيون وهو يخنق الطفولة بيديه، خصوصا أننا حين نشاهد العمل يكون الأذى النفسى قد استبد بنا، ونحن نشاهد ما يحدث. فالعلاقة بين العمل ومتابعيه تبدو غريبة بعض الشىء. من جهة يحاولون تفادى اللقطات القاسية حينما يقع ظلم على زوجاته، أو حينما يتحدثن عن حنينهن للعب فى الشارع، ومن جهة أخرى هناك إصرار على مواصلة الحكاية لآخرها، لنرى ماذا سيفعل النجعاوى مع الذبيحة الجديدة. تجرحنا يوميا مشاهد مسلسل «القاصرات»، لكننا لا نملك خيارا سوى المتابعة، لعل المؤلفة سماح الحريرى تشفى غليلنا فى نهاية الحلقات، وتنتقم لنا من قاصف عمر الفتيات، فالنجعاوى يقصف عمرهن، على مهل، يوهمهن بالحياة المرفهة وبالغرفة المليئة بالألعاب وبمزيد من الدلع، ثم يفقن على الكابوس. ما زالنا فى بداية الطريق، وفعل النجعاوى كل هذا بطفلات قريته، فماذا سيفعل الرجل الذى تلبّسه السعدنى مستعملا خبرة سنوات وسنوات؟، الإجابة تبدو غير محددة فى ظل وجود شخصية غضبها غير محدود، ولن تستلم بسهولة. صلاح السعدنى جسّد الدور بإتقان لا يليق إلا به، وجعلنا نرتعب مثل الفتيات بمجرد ظهوره فى الكادر، لكننا نحاول أن نضع حدا لكراهيتنا له، فالشخصية أيضا وبرغم كل هذا المرار التى سببته للفتيات تحمل لمحة إنسانية لا ندرى مصدرها، ربما كون عبد القوى كهلا ضعيفا، وجاهلا بأمور الدين، والدنيا، ربما هو لديه عقدة نفسية. تحاول الشخصية أن تفجر فى داخلنا بعض الإشفاق، لكن هل ينفع بعد كل هذه الجرائم فى حق البراءة؟!