صرَّح السفير عمرو رمضان المندوب الدائم لمصر لدى الأممالمتحدة بجنيف بأنَّ أي قرارات تعتمدها الأممالمتحدة حول مسألة الشذوذ الجنسي وحقوق المثليين لا قيمة لها، مؤكِّدًا أنَّها لن تغير شيئًا في الواقع العالمي الذي يرفض فيه الجانب الأكبر من المجتمعات والثقافات هذه الممارسات وأساليب الحياة التي تروج لها الدول الغربية ومن يدور في فلكها دون أي احترام للتنوع والخصوصيات الدينية والثقافية والأخلاقية والاجتماعية لمختلف دول العالم. جاءت هذه التصريحات فى سياق تعقيب المندوب الدائم المصرى على جلسة مجلس حقوق الإنسان التي استمرت بعد ظهر أمس الخميس لأكثر من أربع ساعات، وانتهت باعتماد المجلس لمشروع القرار الذي يطالب بإنشاء هذه الولاية الجديدة، وذلك بعد أن صوتت 23 دولة لصالح القرار مقابل معارضة 18 دولة له وامتناع ست دول عن التصويت، ولم يتمكن وفد مصر من المشاركة في عملية التصويت فى ضوء أن مصر لا تحظى حاليًّا بعضوية مجلس حقوق الإنسان. وأضاف رمضان: "بعض الدول اللاتينية كالبرازيل والأرجنتين وتشيلي والمكسيك ومن خلفها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي صعدت تناول هذا الملف خلال الدورة الثانية والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان وطالبت بتعيين خبير مستقل لمتابعة مسألة التوجه الجنسي وحقوق الشواذ والمثليين تحت غطاء مكافحة العنف ضدهم، بما في ذلك مسائل غاية في الخطورة كحق هذه الفئات في الزواج وتبني الأطفال، وهو الأمر الذي يتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والسيادة الوطنية للدول الأعضاء في الأممالمتحدة في ضوء أنَّه يسعى من باب خلفي لتأسيس حق خلافي لتصنيف البشر قانونيًّا وفقًا لميولهم وسلوكياتهم الجنسية". وأوضَّح أنَّ الوفد المصري رفض مشروع القرار الذي يخالف القيم المصرية، وتحرك في إطار المجموعة الإسلامية بتنسيق مع الدول متشابهة الفكر من خارجها، حيث تمَّ وضع خطة التحرُّك التي اتبعتها المجموعة الإسلامية في معارضة مشروع القرار ما ساهم بفاعلية للحشد ضد الأفكار والمفاهيم غير الأخلاقية التي يروج لها لها وصولًا لإدراج سبعة تعديلات موضوعية هامة مقترحة من مصر والمجموعة الإسلامية على مشروع القرار، بالرغم من تمريره بالتصويت في نهاية المطاف، وتمَّ التصويت على هذه التعديلات كذلك بعد أن رفضها أصحاب القرار، إلا أنَّ غالبية الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان صوتت لصالحها بينما لم تنجح أربعة تعديلات أخرى. وشملت التعديلات، التي أدرجت على القرار، النص على احترام الخصوصيات الدينية والثقافية للشعوب، والتشديد على أنَّ الممارسات الخاصة للأفراد تقع خارج نطاق القانون الدولي ولا ينبغي فرضها كمصطلحات خلافية وغير مُتفق عليها، وأهمية احترام النقاشات الوطنية والحوارات الداخلية في القضايا التي تتسم بدرجة عالية من الحساسية، والتنديد بالترهيب والضغوط التي تُمارس ضد دول الشرق للتأثير على مسارات النقاشات الوطنية بها، وكان الأهم هو التعديل الذي نوه بأنَّ تنفيذ هذا القرار سيكون في إطار حدود الحق السيادي للدول ووفقًا لأولوياتها التنموية وفي سياق احترام القيم الدينية والأخلاقية والثقافية. وتُعد هذه السابقة الأولى في تاريخ مجلس حقوق الإنسان التي يتم التمكن من إدخال هذا الكم من التعديلات التي تُغير بشكل كبير من التوجه العام لمشروع قرار. تجدر الإشارة إلى أنَّ التعديل الخاص بإجهاض الولاية المُزمع إنشاؤها سقط بفارق صوتين فقط حيث صوت لصالحه 19 دولة بينما صوتت ضده 17 دولة، وامتنعت ثماني دول في حين لم تشارك فى التصويت ثلاثة دول. وذكر السفير عمرو رمضان أنَّ المقاومة الشرسة التي واجهها مشروع القرار، وما تمَّ إلحاقه به من تعديلات جاء نتيجة التعاون والتنسيق الوثيق الذي حدث بين الدول العربية والإسلامية وعدد من الدول الإفريقية وبعض الدول الأخرى. وأشاد في هذا الصدد بالمواقف الحازمة التي اتخذتها دول كالسعودية وباكستان ونيجيريا والإمارات وقطر والمغرب وبنجلاديش والمالديف وإندونيسيا وتوجو وساحل العاج والكونغو وبوروندي وكينيا وروسيا والصين وقيرغزستان بل وحتى جنوب إفريقيا ودول ككوبا وفنزويلا والإكوادور الذين برغم توافق مشروع القرار مع تشريعاتهم الوطنية رأوا فيه محاولة للهيمنة والاستعلاء من جانب الدول الغربية، وفي المقابل جاءت مواقف دول مثل إثيوبيا وغانا وبوتسوانا وناميبيا مفاجئة ومخيبة للآمال لا سيَّما في ظل عدم احترامها لقرار القادة الأفارقة في "قمة كمبالا" عام 2010 برفض المساعى الرامية لفرض أي مفاهيم خلافية غير مُتفق عليها كالتوجه الجنسي. وأشار السفير رمضان إلى أنَّ وفد مصر خلال الملاحظات الختامية التي سيلقيها اليوم في نهاية دورة المجلس ستؤكِّد أنَّ نتيجة التصويت على مشروع القرار والتعديلات المُقدمة ضده تعكس انعدام التوافق حوله وحول ولاية الخبير المستقل التي أسسها وسيشدد على تأييد مصر بشكل كامل للموقف الإسلامي الذي قرر عدم الاعتراف بها ومقاطعتها بشكل تام.