في الثامن من أغسطس عام 1923، ولدت "لطيفة الزيات".. روائية وأديبة وناقدة، أبدعت في كتابة الرواية وأنجزت في كتابة القصة، وأبدعت في كتابة "المسرح". لم تكن لطيفة الزيات مجرد كاتبة، بل كانت فنانة وكذلك ناشطة، ساهمت في العديد من التغيّرات السياسية التي شهدتها البلاد، وأضافت أثرًا مهمًا في دور المرأة المصرية في المجتمع في أيامها، التي انتهت جسديًّا في العاشر من سبتمبر عام 1996 بعد صراع مع "السرطان"، لكنَّ ظلَّ تراثها وإبداعها حيًّا لا يموت. "الحكاية" شرقت شمس إبداعها في محافظة دمياط بمصر لأسرة من الطبقة المتوسطة، وتلقت تعليمها بالمدارس المصرية، ثمَّ التحقت بجامعة القاهرة "1942 - 1946".. بدأت عملها الجامعي منذ عام 1952، وحصلت على دكتوراه في الأدب من كلية الآداب بالجامعة عام 1957، عملت أستاذة الأدب بكلية البنات قبل أن تنال رئاسة قسم الأدب الإنجليزي في الكلية ما بين 1976 و1983. شغلت مناصب عديدة، فانتخبت عام 1946 -وهي طالبة- أمينًا عامًا للجنة الوطنية للطلبة والعمال، التي شاركت في حركة الشعب ضد الاحتلال البريطاني، وتولت رئاسة قسم اللغة الإنجليزية وآدابها خلال عام 1952، إضافةً إلى رئاسة قسم النقد بمعهد الفنون المسرحية، وعملها مديرًا لأكاديمية الفنون، كما شغلت منصب مدير ثقافة الطفل، ورئيس قسم النقد المسرحي بمعهد الفنون المسرحية 1970 - 1972، ومديرة أكاديمية الفنون 1972 - 1973. لطيفة اتسمت بقدرة فائقة على "مكاشفة النفس والتعبير عن الذات"، واحتفظت برؤيتها كمناضلة مصرية وليس كمجرد أنثى حتى في فترات خطبتها وزواجها.. تعلقت بالماركسية وهي طالبة بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول وعلى حد قولها: "كان تعلقي بالماركسية انفعاليًّا عاطفيًّا"، أي أنها اعتنقت الماركسية وجدانيًّا، ومع هذا كان أول مشروع زواج لها مع "عبد الحميد عبد الغني" الذي اشتهر باسم "عبد الحميد الكاتب"، وهو لم يكن ماركسيًّا تحت أي ظرف من الظروف، بل كان يمضي جزءًا كبيرًا من نهاره وليله في أحد المساجد، ويحفظ التاريخ الإسلامي بدرجة جيدة. ارتبط الاثنان ب"خاتم خطوبة"، إلا أنَّ مشروع زواجها لم يقدر له أن يتم، ولكن "لطيفة" بثقافتها وشخصيتها وجمالها تركت آثارها على نفسية "عبد الحميد الكاتب"، ثمَّ دخلت تجربة ثانية أكثر ملاءمة لفكرها وطبيعتها، فارتبطت بالزواج بأحمد شكري سالم، وهو أول شيوعي يحكم عليه بالسجن سبع سنوات، وتمَّ اعتقال أحمد ولطيفة عام 1949 تحت ذمة القضية الشيوعية، وانفصلا بالطلاق بعد الحكم على "شكري" وخروجها من القضية. قمة التناقض بين اليسار واليمين جاءت بزواجها من "الدكتور رشاد رشدي" يميني المنشأ والفكر والسلوك، إلا أنَّ "لطيفة" قالت لمعارضي هذا الزواج: "إنه أول رجل يوقظ الأنثى فيّ"، فبات يُقال: "الجنس أسقط الإمبراطورية الرومانية". "لطيفة" تعرضت للاعتقال سنة 1981 أيام الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فكتبت سيرة ذاتية بعنوان حملة تفتيش عن ظروف اعتقالها، الذي جاء بسبب دورها في لجنة الدفاع عن الثقافة القومية التي رأسها المناضل الكبير عبد العظيم أنيس والتي أصدرت مجلة دورية اسمها المواجهة كانت حائط صد مهم وقوي ضد جهود التطبيع الثقافي مع إسرائيل. كانت عضوًا بمجلس السلام العالمي، وعضو شرف اتحاد الكتاب الفلسطيني، وعضو بالمجلس الأعلى للآداب والفنون، وعضو لجان جوائز الدولة التشجيعية في مجال القصة، ولجنة القصة القصيرة والرواية، كما أنَّها كانت عضوًا منتخبًا في أول مجلس لاتحاد الكتاب المصريين، ورئيس للجنة الدفاع عن القضايا القومية 1979، ومثلت مصر في العديد من المؤتمرات العالمية. أشهر مؤلفاتها، الشيخوخة "مجموعة قصصية"، وصاحب البيت "رواية"، وبيع وشرا "مسرحية"، والباب المفتوح "رواية"، وحملة تفتيش: أوراق شخصية "سيرة ذاتية". وأعمال النقدية هي حركة الترجمة الأدبية في مصر، ومقالات في النقد الأدبي، ومن صور المرأة في القصص والروايات العربية، ونجيب محفوظ: الصورة والمثال. "لطيفة الزيات" مثَّلت ظاهرة نسائية من طراز فريد، بإنجازاتها المتعددة على صعيد الرواية والقصة والنقد والمسرح, وعلى صعيد النضال السياسي سواء فيما يتعلق بالعمل الوطني في الجامعة أو الانضمام إلى حركة اليسار في زمن كان الانضمام إلي اليسار ليس سهلًا ويعرض صاحبه للاعتقال والحصار, أو فيما يتعلق بالنضال ضد الاستعمار البريطاني قبل الانسحاب أو في "معارك بورسعيد" عام1956, على النحو الذي أشارت إليه في روايتها "الباب المفتوح".