صناعة السفن والمراكب بكفر الشيخ حكاية آباء وأجداد، مهنة كان يعمل بها الآلاف من أبناء مدينة برج البرلس ببلطيم وقريتى برج مغيزل والجزيرة الخضراء بمطوبس، نظرًا لامتهان أصحابها حرفة "الصيد"، لكنها لم تلق أى دعم من الحكومة، ما جعلها تشهد كسادًا كبيرًا، وجعل العشرات من أبناء المهنة يتركونها بحثًا عن أرزاقهم فى مهن أخرى. "السفن والمراكب" مهنة اندثرت رغم احتياج كفر الشيخ إليها بعد تطوير ميناء البرلس، وجعله تجاريا، أى يحتاح إلى حركة السفن والمراكب. مهنة الأجداد «التحرير» رصدت أقدم الورش الموجودة بهذه القرى، بدأتها بورشة القلفاط بمدينة برج البرلس، حيث أكد صابر على، أحد العمال فى الورشة، أن هذه الورشة تعد أقدم ورشة فى المنطقة، فقد أنشئت من أكثر من 50 سنة، وهذه المهنة متوارثة، حيث ورثها صاحب الورشة "أحمد القلفاط" من والده، وأنا أعمل لصالحه، وبفضل الله فقد اكتسبت خبرات متعددة من خلال عملى، وهى إتقان مهنة صناعة مراكب الصيد بكل مهارة، مما جعل الصيادين يقبلون على ورشتنا، وذلك إما للشراء أو الصيانة. وأضاف صابر عن كيفية صناعة هذه المراكب العملاقة قال: إن مدة الصناعة تختلف وذلك حسب طلب الزبون فهى تتراوح ما بين ثمانية أشهر أو سنة، وذلك بالنسبة لمراكب الصيد الكبيرة، بينما الصغيرة تختلف، وذلك حسب الطلب، مشيرًا إلى أن المراكب نوعان أحدهما يُصنع من الأخشاب والآخر من حديد. خشب وحديد وأوضح، صابر أن الخامات المستخدمة فى صناعة هذه المراكب هى الخشب والحديد والأشجار وغيرها، حيث نقوم بشد الهيكل الخارجى، وهذه العملية تستغرق شهرين وذلك إذا كان صاحب المركب قام بتوفير الأخشاب كلها مرة واحدة، بينما بعضهم يطلب عمل المركب على دفعات، وذلك لقلة السيولة، ثم بعد ذلك تقوم ببناء برج الاستطلاع داخل المركب وموقع الماتور وبعدها نقوم بتثبيت صفائح الحديد عليه من الخارج، وذلك للمحافظة على الشكل الانسيابى للمركب. وأضاف: «يختلف ارتفاع المركب، حيث تبدأ أحجامها من 12 مترًا طولاً إلى 32 مترًا، ويختلف تصميم كل منها حسب المقاس ونوع الصيد، فمثلاً مركب الشنشلا الذى يقوم بالصيد على عمق 5 أمتار تقريبًا لا بد أن يكون مرتفعًا، وهو النوع الذى يعمل فى البحر حتى آخر حدود المياه الإقليمية، ويتحمل البقاء به لثلاثين يومًا، وحمولته 100 طن تقريبًا ويعمل عليه 50 صيادًا». مشيرًا إلى أن صناعة المراكب والسفن تعلم العمال الصبر، وكذلك صنعة جميلة، لكن تحتاج إلى مجهود وسعة بال مع الزبائن، مطالبًا بأن تولى الحكومة اهتمامًا بها لأنها انقرضت. أنواع وأشكال وقال عيد القلفاط، صاحب ورشة لصناعة السفن والمراكب، إن هناك أنواعًا من المراكب وكل نوع مخصص للاستخدام فى شىء معين، فهناك الفلوكة التى تعمل بالشراع الصغير، وتستخدم أشكالاً عديدة للصيد بالشباك، وهناك السمبك وهو زورق صغير وخفيف لصياد واحد يعمل به منفردًا، وهناك أنواع فلايك أخرى تستخدم فى نصب شبك الترقيد أو شبك اللفة والشورى إضافة الى المراكب الكبيرة والشراع المثلث والمراكب التى تستخدم كشاحنات لنقل العديد من الأسماك والاستخدامات الأخرى كنقل البوص الذى يستخدم فى الكثير من الصناعات. الإهمال دمرها أوضح عبد ربه أحمد، أحد أصحاب الورش القديمة، إن المهنة أصبحت تشهد ركودًا منذ ثورة يناير، وبعد قلة الأسماك فى بحيرة البرلس، وعدم إقبال الصيادين على رحلات الصيد، مشيرًا إلى أن المهنة توارثها الآباء عن الأجداد، لكن هذا الجيل أصبح لا يهوى العمل بها، نظرًا لقلة إقبال الصيادين عليها. وأضاف أن أصحاب المراكب أصبحوا يفضلون الحديد للخروج فى رحلات صيد للدول العربية والمياه الإقليمية، حيث يقوم صاحب المركب بشراء "حديد الصاج"5 لينية أو 6 لينية، حيث إن مركب "الجر" التى تكون مساحتها 50 مترًا تقريبا تتكلف 2 مليون جنيه، وهذه المراكب تستخدم فى الصيد فى المياه الإقليمية، وتستغرق الرحلات بها 45 يومًا. وأشار إلى أن أكبر مركب خشبى يكون مساحته 20 مترًا وتكون تكلفته ما يقرب من 160 ألف جنيه، إضافة إلى شراء صاحبه الشبك والكشافات، مطالبًا الدولة بالاهتمام بصناعة السفن والمراكب لعودة المهنة وازدهارها.