لم أكن أعلم أن المدينة التي اثرتني بسحرها عندما قمت بزيارتها في يناير الماضي ستعيش في وجداني وأعود لذكرياتها في شهر رمضان من خلال العمل الفني الراقى "جراند أوتيل". عندما زرت أسوان مع والدتي وأولادي في يناير الماضي، وعلى الرغم من عدم إقامتي في فندق كتاراكت، إلا إنني حرصت علي زيارة هذا الفندق الساحر -الشاهد على الكثير من الأحداث فى تاريخ مصر- مع عائلتي لكي نمضي بعض الوقت، ولم أكن أعلم أني سأكون نزيلة في هذا الفندق طيلة فترة رمضان من خلال هذا العمل الفني. لقد امتزج سحر هذا العمل بسحر المدينة وبتاريخ الفندق ليسحرنا جميعا ويحولنا من مجرد مشاهدين يستقبلون كل يوم حلقة جديدة إلي مشاركين فه ، نعم اصبح هناك حالة من التفاعل اللارادي مع مجريات الأحداث. تحدثت إلى اصدقائي عما فعله بي مسلسل "جراند أوتيل" ووجدت تعلقيات اصدقائي مماثلة، هناك شي ما يجعلك تشعر وكأنك أحد أعضاء فريق العمل أو نزيل من نزلاء جراند أوتيل، هي حالة جد غريبة من التفاعل اليومي، فعندما أخذ مراد الخطاب من ورد وقام بتقطيعه تفاعلت للدرجة التي أشعرتنى أنى أمد يدي لكي أقوم بتجميعه، كذلك مشهد الولادة والتي أدته ورد بمنتهي البراعة ، احتبست الأنفاس وتداخل هذا المشهد مع ذكرياتي و ما مررت به من الام الولاده فزاد ألمي لما تعرضت له ورد . وقد مثلت خاتمه هذه الحلقة مفاجأة لجميع المشاهدين والتى أثلجت صدورنا بعد الاحداث التي دارت بين ورد ومراد وبعد مشهد الولادة، الغريب هنا هو قدرة تامر حبيب على تحويل مشاعري السلبية تجاه ورد إلى موقف تضامني بل مشاعر ايجابية بمشهد واحد فقط، ما هذا المخزون والابداع الذي يحمله لنا تامر حبيب وفربق العمل. لم أشعر طوال معايشتي للمسلسل بأن هناك أدوار تمثيلية على عكس متابعتي لمسلسل أفراح القبة وهو عمل فني رائع للمخرج محمد ياسين والذي نقل لي إحساس اني أشاهد عملا مسرحيا من خلال ابداع الممثلين، بينما الأمر يختلف مع جراند أوتيل إذ تشعر وكأنك جزء من العمل الفني، تعايشه بالمشاعر المتناقضة التي يحملها فقد استطاع هذا العمل أن يعبر عن معظم المشاعر الانسانية من خلال المزج بين الفرح والحزن وبين الحب والكره وبين الألم والرضا. استطاع تامر حبيب أن يُصدر وبشكل بسيط مشاعر الحب بكل صوره بل أصبح الحب هو الخيط الذي يربط بين احداث هذا العمل. وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت في البداية للعمل بسبب من وجود أعمال مشابهة سبق تقديمها بلغات مختلفة، إلا أن البصمة المصرية واضحة بل تغنيك عن محاولة مشاهدة جراند اوتيل بلغة اخرى. وهذا ما حدث معي عندما أرسلت لي صديقة نسخة اسبانية، رفضت مشاهدته فالأمر كما ذكرت من قبل ليس مجرد عمل فني، فقد استطاع تامر حبيب أن ينقل ويعكس عظمة وتاريخ هذا المكان وهذه المدينة الساحرة في عمله الفني فشعرنا بسحر العمل. ضم هذا العمل مجموعة من المبدعين فهو عمل جماعي كما تعودنا دائما من أعمال تامر حبيب مثل فيلم سهر الليالي من خلال أوركسترا عزف متكامل لا نتخيل غياب احد الابطال عنه، كل ممثل أثبت أن لديه مخزون ابداع يخرجه في هذا العمل، اخص هنا "قمست هانم" التى قامت بدورها أنوشكا والتي أبهرت الجميع وذكرتني بالفنانة سيمون حين أعادت اكتشاف نفسها مع الفنان محمد صبحي على خشبة المسرح من خلال إعادة تقديم مسرحيات سكة السلامة وكارمن ولعبة الست، فكلتا الممثلتين قدمتا أدوارًا مختلفة عما عهده الجمهور منهما. أمين –محمد ممدوح "تايسون"- هو رمز الابداع عن حق، ألقت مدينة اسوان بسحرها عليه ليسحر هو الاخر جمهوره، حتى في مرضه كان بمثابة مايسترو يحرك الأحداث والشخصيات تدور في فلكه، ويبقى الحب بين على ونازلي هو الدفء الذي أعطاني اياه هذا المسلسل ااذي استطاع الجمع بين السحر، الابهار والبساطة وهو سر تفوقه مع كتابة سطور هذا المقال، قرأت على مواقع التواصل الاجتماعي، وجود حجوزات في فندق كتاركت لثلاثة أشهر قادمة، لا أعلم مدى صحة هذا الكلام ولكني اتمني صحته، وقد رأيت كيف استغلت تركيا مسلسلاتها فى العديد من دول العالم -ومنها فى الأرجنتين التى أعيش فيها حالياً- لكي تحدث نقلة نوعية في السياحة إلى تركيا، ونتمنى يوماً ما أن يكون مسلسل مثل "جراند أوتيل" بداية لاستغلال الأعمال الفنية المصرية المتميزة للترويج لمصر والسياحة إليها واستعادة دورنا التنويرى والثقافى والفنى وهو ما سيحتاج إلى إمكانيات مالية وعقليات مختلفة حتى يتسنى لنا نشر إبداعاتنا فى العالم مع وجود نظام سياسي يعي خطورة غياب السياسة على قطاعات اخرى مثل السياحة، اي اننا بحاجة لنظام متكامل قادر على جذب السائحين.