جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    «متحرش بفتاة وأصدقاؤه زقوا عربيتي في النيل».. اعترافات سائق «ميكروباص» معدية أبوغالب (خاص)    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    سيراميكا كليوباترا : ما نقدمه في الدوري لا يليق بالإمكانيات المتاحة لنا    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    إبداعات| «سقانى الغرام».... قصة ل «نور الهدى فؤاد»    تعرض الفنانة تيسير فهمي لحادث سير    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    لعيش حياة صحية.. 10 طرق للتخلص من عادة تناول الوجبات السريعة    اليوم.. قافلة طبية مجانية بإحدى قرى قنا لمدة يومين    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    بلينكن: طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية يعقد اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس    عاجل - نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الجيزة.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني Natiga.Giza    قناة السويس تتجمل ليلاً بمشاهد رائعة في بورسعيد.. فيديو    محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال تطوير شارع صلاح سالم وحديقة الخالدين    شارك صحافة من وإلى المواطن    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 22 مايو 2024    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    ضد الزوج ولا حماية للزوجة؟ جدل حول وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق ب"كلمة أخيرة"    كاميرات مطار القاهرة تكذب أجنبي ادعى استبدال أمواله    بعبوة صدمية.. «القسام» توقع قتلى من جنود الاحتلال في تل الزعتر    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    أول فوج وصل وهذه الفئات محظورة من فريضة الحج 1445    عمر مرموش يجرى جراحة ناجحة فى يده اليسرى    حظك اليوم برج الجدي الأربعاء 22-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحصون السبعة.. السيرة الشعبية لمحاربة الإمام على لملك الجان الكافر «الحلقة الاولى»
نشر في التحرير يوم 10 - 07 - 2013


يقدمها ويحققها: علاء عريبي
فى حوالى عام 1886م، بعد أربع سنوات من فشل الثورة العرابية بسبب خيانة الخديو وبعض النخب المصرية، واحتلال القوات الإنجليزية البلاد، عاش الشعب المصرى أسوأ سنوات القهر والظلم والشعور بالعجز، وقد حاول أن ينسى أو يتناسى مرارة الهزيمة وانكسار حلم أن تكون: «مصر للمصريين»، فاستسلم البعض للغيبيات وللخرافات وإلى كل ما يجعله لا يرى الواقع بمرارته، على أمل أن يظهر عرابى آخر ينقذهم من القهر، ووسط هذا المناخ كان الرواة الشعبيون يؤججون هذه الأحاسيس بالقصص الشعبية الخرافية التى قد تعين على الصبر وتفتح بابًا للأمل فى ظهور البطل القادر على تخليصهم من هذا العجز والانكسار، وذلك برواية قصص أبو زيد الهلالى وعنترة بن شداد والأميرة ذات الهمة وغيرها من قصص الأبطال التى تسرى عنهم وتجعلهم يتوافقون مع الواقع، وكانت تروى هذه القصص شفاهة فى المقاهى ومناطق السمر.
بعد ظهور الطباعة نشرت هذه السير الشعبية بين دفتى كتاب، حيث قامت بعض دور الطباعة بجمع هذه القصص الخرافية وإتاحتها للقراءة بعد أن كانت تروى على ربابة فى الحوارى والموالد والمقاهى والأسواق، وكان من بين هذه القصص سيرة شعبية بطلها الإمام على بن أبى طالب، نسج خيوطها وأحداثها وصور شخوصها أحد الرواة الشعبيين من الشيعة الإمامية، من هو؟ وفى أى عصر عاش؟ وما جنسيته؟ وهل القصة التى ألفها رواها على المستمعين أم أنه دفع بها لأحد الرواة المهرة؟ وهل ألفها باللغة العربية أم الفارسية؟
كل ما نعرفه أن قصة الحصون السبعة، أو حروب الإمام على بن أبى طالب ضد الهضام بن الحجاف ملك الجن، قد وصلتنا فى مصر من خلال أحد الرواة، اختلفوا حول حياته ومصداقيته، اسمه أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد البكرى، البعض أرجعه إلى القرن السادس الهجرى، والبعض الآخر، وهو الأقرب، نسبه إلى القرن الثالث الهجرى، وقد شككت مصادر السنة فى مصداقيته، وأكدت كذبه، وقيل: إنه أكذب من مسيلمة، قال الذهبى فى الميزان: «فما أجهله وأقل حياءه، ما روى حرفًا واحدًا من العلم بسند، ويُقرأ له فى سوق الكتبيين كتاب (ضياء الأنوار) و(رأس الغول) و(شر الدهر) وكتاب (كلندجة)، و(حصن الدولاب)، وكتاب (الحصون السبعة) وصاحبها هضام بن الحجاف، وحروب الإمام على معه وغير ذلك»، وذكر فى شرح مجانى الأدب بأنه: «صاحب كتاب الأنوار والسرور والأفكار فى مولد محمد، وله أيضا كتاب الحكم وغير ذلك، ولا يوثق بروايته، كان يخلق الكلام كثير الكذب، توفى فى أواسط القرن الثالث الهجرى»، وقد وصفه القلقشندى أيضا بالكذب فى صبح الأعشى، والصفدى فى الوافى بالوفيات، كما أن السمهودى (ت 922ه) اتهمه أيضا بالكذب، وكذلك ابن حجر ووصفه بالدجال، قال: «إنه يحوك القصص الباطلة».
تختلف سيرة الحصون السبعة عن السير الشعبية التى نعرفها، مثل أبو زيد الهلالى، والأميرة ذات الهمة، وعنترة بن شداد وغيرها فى أنها تنطلق من شخصيات تاريخية دينية إلى شخصيات ووقائع خيالية، كما أنها تضفى معجزات وقدرات لا بشرية للإمام على بن أبى طالب تفوق قدرات ومعجزات النبى والإنسان بشكل عام.
يحكى البكرى فى هذه السيرة أن أحد الجان المسلمين جاء إلى رسول الله يشكو له ملك الجان الكفرة، أكد له أنه يسخر قبيلته وبعض قبائل الجن لعبادة الأصنام، وأنه صنع صنمًا وجعل له حفرة سماها النار وأخرى الجنة يعاقب ويحسن فيها لأتباعه، وطلب من الرسول أن يساعدهم على التخلص منه ومن جبروته وكفره، وأكد أن الإمام على بن أبى طالب الوحيد الذى يستطيع هزيمته والقضاء عليه، وتذكر السيرة أن جبريل عليه السلام نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبره أن ابن عمه الإمام على بن أبى طالب هو المكلف بالقضاء على هذا الجن الكافر واسمه الهضام بن الحجاف، وفى السيرة نشاهد الرسول الكريم وهو يستحلف الإمام على أن يوافق على الخروج إليه، هذه السيرة التى رواها أحمد بن عبد الله البكرى المنسوب إلى الشيعة، رويت على لسان الإمام على بن أبى طالب، حيث نسبها البكرى إلى الإمام على رضى الله عنه، ولطرافتها ننشرها على أجزاء بعد أن قمنا بتعريف الأعلام الموجودة بها، وهى فى أغلبها شخصيات حقيقية، بعضها من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين، كما قمنا بتعريف الأماكن، وقمنا بشرح الكلمات الصعبة تيسيرًا على القارئ، ووضعنا كل هذا بين قوسين.
«عرفطة» الجنى المسلم يستغيث بالرسول أن ينقذهم من الجن ومردتهم وعفاريتهم عبدة الأوثان
«بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى تفرد بقائه ونور بمعرفته قلوب أوليائه وطيب أسرار الصادقين يطيب ثنائه الحى القيوم الذى لا يعزب عنه مثقال ذرة فى أرضه وسمائه، أحمده سبحانه وتعالى حمدا تعرف بالعجز عن عدد آلائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذى تفرد بعزه وبقائه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله خاتم أنبيائه وسيد أصفيائه، اللهم صلى وبارك على هذا النبى الكريم والرسول السيد السند العظيم، سيدنا ومولانا محمد وعلى أصحابه صلاة وسلامًا دائمين متلازمين بدوام أرضه وسمائه تسليمًا كثيرًا.. (وبعد) فقد روى أبو الحسن أحمد بن عبد الله محمد البكرى رضى الله عنه، قال: حدثنا يوسف بن عبد الله، وخالد بن رفاعة الجهنى قالا: حدثنا خلق كثير يروى بعضهم عن بعض فأخذنا من ذلك ما نرجوه إن شاء الله تعالى تعليقه على قدر الروايات قالوا: حدثنا صاحب الحديث عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضى عنه قال:
كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجده المبارك، وكان ريح ومطر، إذ سمعنا صوتًا جهوريًّا من وراء المسجد يقول: السلام عليك يا محمد ورحمة الله وبركاته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فالتفت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:
- ردوا على أخواتكم السلام رحمكم الله.
- فقلنا: يا رسول الله على من نرد ونحن لم نرَ أحدا؟ نرد على الملائكة أم على الجان؟
- فقال: بل على أخوانكم الجان الذين آمنوا وصدقوا برسالتى، ثم نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اظهر لنا أيها المتكلم لنراك.
فظهر لنا شيخ قال على رضى الله عنه: وإذا به عرفطة بن شماخ، وكنت به عارفًا، لأن النبى صلى الله عليه وسلم، قد أرسلنى معه إلى قومه، فأحرقت بأسماء الله تعالى وبنوره منهم زيادة عن خمسين قبيلة من الجن وآمن منهم خلق كثير، فسلم عرفطة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس (بجوار) النبى.
- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حاجتك؟
- قال: يا رسول الله قد جئتك لأخبرك عما نحن فيه، الحرب والوقائع وقتال القبائل الجواهل (اسم فاعل من جهِلَ / وجهِل ب حقيقة الشَّىء: لم يعلم به).
فقال النبى صلى الله عليه وسلم: مع من يا عرفطة؟
- فقال: مع كفار الجن ومردتهم وكذلك مع عفاريتهم عبدة الأوثان.
- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ديارهم قريبة منا أم بعيدة يا عرفطة؟
- فقال: يا سيدى فى جبال وأوكار (جمع وكر: عش الطائر) وأودية شتى، قد أهلكنا منهم خلقًا كثيرًا وأهلكوا منا خلقًا كثيرًا، وأن لهم صنمًا يسمونه «المنيع»، وقد تعالى الله عز وجل عن أن يمثل وهو السميع البصير، فصنمهم هذا قائم بخدمة الملك الهضام بن الجحاف بن عوف بن غانم الباهلى الملقب بمرآة الموت لعنه الله، والصنم المنيع موكل به مارد يقال له عنريس بن دريس بن إبليس، وله عشيرة عظيمة وقبيلة جسيمة، ونحن فى غزوهم وجهادهم، وقد اشتدت بلية القوم وتعاظم أمر الهضام وكفر بالله تعالى واتخذ من دون الله إلها يسمونه المنيع، وجعل له جنة ونارًا، وجعل له زبانية وسماهم الغلاظ الشداد، وجعل له ملائكة وسماهم البررة الكرام، وجعل فى جنته الأشجار والأنهار والأطيار (والطيور جمع: طائر)، وجعل فيها المخدرات (الجميلات) المنعمات وسماهن الحور العين، وجعل له عرشًا وكرسيًّا، ومن العفاريت الطيارين وسماهم الملائكة المقربين، وأنت رسول الله لم يبلغك من ذلك كله، وقد اشتد تمرد القوم وطغيانهم وكفرانهم لرب العالمين.
(قال الراوى) فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفطة اشتد به الغضب حتى كاد يضطرب كالسفينة فى الريح العاصف، وسجد على الأرض طويلًا ثم رفع رأسه، وقد سكن ما به من غيظ ولمع النور من بين عينيه صلى الله عليه وسلم حتى لحق عنان السماء، ثم أقبل على عرفطة وقال له:
- انصرف شكر الله سعيك وأحسن إليك وأنا أبعث إليهم رسولًا وهو خليفتى (المطبوع: حنيفى) ونقمتى على أعدائى.
- فقال عرفطة: يا رسول الله إذا بعثت للقوم رجالًا من الإنس أبادوهم وقتلوهم، فإن عساكر الأنس لن (المطبوع لم) يطيقوا قتال الجن ومردتهم، ولن (ط: لم) يبلغك ما تريد إلا الفارس الصنديد والبطل الشديد، قالع الحلقة والقصر المشيد ومبيد الإنس والجن فى البئر العميق، مفرق الكتايب ومظهر العجايب والغرايب، صاحب الحسام (السيف) القاضب (شديد القطع) والغمام (السحاب) الساكب (سكب الماء: صبه) ابن عمك أمير المؤمنين على بن أبى طالب.
ثم غاب عرفطة عن أعين الناس، فنظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تغير لونه وظهر غيظه واحمرت عيناه وتقوس حاجباه، فغم ذلك على المسلمين وجلسوا حوله ينظرون إلى الأرض ويحدقون إلى الإمام على كرم الله وجهه، ويشيرونه عما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم، والإمام على لا يتكلم ولم يرد عليهم.
(قال الراوى) فبينما الناس فى ذلك، وإذا بجبريل عليه السلام قد نزل من عند رب العالمين، فوثب له النبى صلى الله عليه وسلم مسرورًا وهو ينادى: لبيك لبيك اللهم إنا نسألك الفرج منك يا مفرج كل كرب ومزيل كل هم وغم، وخرج النبى صلى الله عليه وسلم من المسجد، وقال: لا يقم أحد من مكانه حتى أعود إليكم، وخرج فمكث قليلا ثم رجع إلى أصحابه وهم جلوس كل واحد منهم فى مقامه، وقد تهلل وجهه صلى الله عليه وسلم فرحًا وسرورًا وجعل النور يشرق من بين عينيه صلى الله عليه وسلم، فوثب الناس إليه يسألونه عن أمره.
(قال الراوى) فقال النبى صلى الله عليه وسلم: اجلسوا بارك الله فيكم، فجلس الناس جميعًا وصمتوا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أين سلمان (سلمان الفارسى: صحابى، توفى سنة 32ه) وعمار (عمار بن ياسر، صحابى جليل من أوائل من أسلموا، استشهد فى موقعة صفين سنة 37ه، عن عمر 97 سنه)؟ فأجاباه بالتلبية: ها نحن بين يديك قل ما شئت يا رسول الله، فإنا لكلامك سامعون ولأمرك مطيعون.
فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم: سيروا فى شوارع المدينة (وهو ما يعنى أن وقائع القصة الخرافية كانت بعد الهجرة المحمدية)، ونادوا الصلاة جامعة بمسجد المختار الله الواحد القهار، فلما سمع الصحابة منه صلى الله عليه وسلم ذلك النداء، جعلوا يهرعون إليه من كل جانب ومكان حتى امتلأ المسجد بالنبى، ثم صعد النبى صلى الله عليه وسلم المنبر (كان النبى يخطب مستندًا إلى جزع نخلة قبل أن يتخذ منبرًا، وذكر أنه أول من اتخذ المنبر) وخطب خطبة بليغة فشوق إلى الجنة ونعيمها وحذر من النار وجحيمها.
(قال الراوى) قال النبى صلى الله عليه وسلم معاشر المسلمين: إن الله جل وعلا تقدست أسماؤه ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا إله غيره بعد، رفع السماء بلا عمد وأرسى الجبال بلا وتد، وزين السماء بالنجوم الزاهرات والأفلاك الدائرات، وأجرى فيها الشمس والقمر آيات لأولى الألباب، وبسط الأرضين (مفردها: أرض) بحكمه على تيار الماء وثبتها بالجبال الراسيات، واضحك تغوير (جمع غور: المنخفض من الأرض) البقاع (مفردها بقعة، وهى الأرض المتسعة بها أشجار مختلفة) الجامدات بفيض دموع السحاب المسخرات، وثبت الرياح العاصفات مخالب (أظافر، ومفردها: مخلب) الطيور الصافنات (الطائر الذى مَهَّد لفراخه فراشا من الحشيش والريش) وقوى قبة الجبال الراسيات تلاطم أمواج البحار الزاخرات (الزاخر: الفائض الطامى)، وعلق أستار وأوراق الأغصان النضرات.
(قال الراوى) ثم قال رسول الله صلى عليه وسلم: أيها المسلمون، أنا بشر منكم آكل مما تأكلون وأشرب مما تشربون ولا أعلم ما كان ولا يكون ولا يحيط بذلك علمًا إلا من يقول للشىء كن فيكون، ثم بعد ذلك أعلمكم أنه قد وفد على عرفطة من إخوانكم فى الدين وهو من الجن المؤمنين، وقد أخبرنا عن اللعين الملك الهضام بن الحجاف بن عوف بن غانم الباهلى لعنه الله، قد اتخذ له صنمًا وسماه «المنيع»، وصنع له جنة ونارًا وملائكة وزبانية (ملائكة التعذيب فى جهنم، يدفعون أهل النار إليها)، فيدخل من أطاعه وأطاع صنمه فى جنة، ويعذب بناره من عصاه وعصى صنعه، وقد غره حكم إبليس اللعين واستدراجه وآهاله (فزعه)، فلما سمعت ذلك كبر على وعظم لدى ولا خفف عنى ذلك إلا حبيبى جبريل، وقد آتانى وأخبرنى عن ربى عز وجل، وهو يقول يا محمد: الله يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: إنى قد علمت بما فى نفسك، وما قد نزل بك، وأنى مبشرك أن دمار القوم ودمار صنمهم على يد رجل يحبه الله والملائكة، وهو سيف نقمتك وباب مدينتك (نسب للرسول أنه قال: أنا مدينة العلم وعلى بابها)، الذى (ط: التى) ما سجد لصنم قط، وهو زوج البتول (فاطمة الزهراء ابنة الرسول عليه الصلاة والسلام) والمتولى لدعوتك وحامل رايتك، الفتى الولى مفرق الكتائب ومظهر العجائب والغرائب، الحسام الغاضب والليث المحارب والغيث (المطر الغزير) الساكب لبنى غالب أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم الله وجهه، وهذه إشارة من عند ربى الأعلى، ثم أن النبى صلى الله عليه وسلم كشف عن يده فإذا فيها حريره سوداء، مكتوب فيها بقلم القدر لم يكتبها كاتب، فلما نشرها صلى الله عليه وسلم ظهر لنا نور له شعاع عظيم، فقال الصحابة: يا رسول الله أخبرنا بما فيها، فنظر فإذا فيها مكتوب: «بمشيئة الجبار أمر من الطالب الغالب إلى أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم الله وجهه»، ففرح المسلمون بذلك فرحًا شديدًا، وقالوا: لقد فاز من أمر الجبار وقربه برسول صلى الله عليه وسلم وعلى الله الأخيار وأحزن بذلك الكفار».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.